تعد ذاكرة السينما المصرية هي الأرشيف الحقيقي لتاريخ أي فنان وقد شهدت السينما سلاسل من الأفلام الخالدة التي تظل في وجدان وعقل كل مشاهد، لما لها من تأثير حيوي عليه ولعب علي مدار تاريخها دورًا بارزًا وفعالًا في نشر الوعي وتعزيز الثقافة، حيث إنها تعتبر جرس إنذار لكل القضايا المجتمعية التي قدمتها ومرآة حقيقية لانعكاس الواقع.
وشهد تاريخ السينما وجود عدد من النجوم والنجمات الكبار الذين أثروا الساحة الفنية بعشرات الأعمال التي لا تعد ولا تحصي، وتركوا من خلالها بصمة مضيئة عبر تاريخهم، ومن هؤلاء الفنانين الفنانة الكبيرة فردوس عبد الحميد التي تحمل تاريخًا فنيًا حافلًا وأثرت به الساحة الفنية بالعديد من الأعمال التي لا يمكن تكرارها مرة أخرى.
التقيناها لنكشف عن الوجه الآخر لها، وتحدثت عن تاريخها الفني وأعمالها، وتطرقنا معها إلى الجانب الإنساني في حياتها، وكشفت لنا أسرارًا باحت بها للمرة الأولى.. "البوابة" ترصد كل ذلك في هذا التقرير:
في البداية؛ قالت الفنانة القديرة فروس عبد الحميد: والدى كان غير سعيد في حياته، وكان يشعر بحزن كبير بسبب أن ذريته كانت كلها بنات، وأننا عبء عليه، فأنا لدى ثلاث شقيقات، وليس لدى أي شقيق، وهذه النقطة تحديدا كانت لا تسعده، حيث كان يريد أن ينجب ولدا يحمل اسمه.
وأضافت "فردوس": أنا دخلت مجال الفن كى أرفع اسم والدي، وأردت أن تكون هذه فرصة لكي أثبت لوالدى أن البنت تستطيع أن تخلد اسمك مثل الولد، ومن الممكن أكثر أيضا، والحمد لله استطعت أن أحقق له حلمه، بعدما كان لديه عقدة من إنجاب البنات.
وتابعت الفنانة الكبيرة: والدي كان معترضا بشدة علي دخولي مجال الفن، ومع مرور الأيام اقتنع، ومن وقتها لا يتركني قط؛ مشيرة إلى أن "حياتي الخاصة خط أحمر، لا يجوز لأحد التدخل فيها".
واستطردت "فردوس" نقول: أحب الصدق للغاية، وأكره الكذب، وعصبية جدا عندما أشعر بظلم أو جرح فى كرامتي.
وقالت: هناك فنانة لا أريد ذكر اسمها، ألقت علىّ أقبح الشتائم والألفاظ بالأم والأب، والتي لا تقال، أقولها لك بالمعنى الدارج «قالتلي ما قاله مالك في الخمر» ورغم ذلك سامحتها، فأنا لا أكره أحدا، ولا يعرف قلبي طريقا للكراهية.
وأضافت الفنانة الكبيرة: من أكثر الأشخاص الذين أثروا في حياتي، والدى رحمة الله عليه، كان له دور كبير فى حياتي، فعلاقتي به كانت أكبر من علاقة الأب بابنته، فكنا أصدقاء، وأيضا المخرج الأستاذ سعد أردش رحمة الله عليه، له فضل كبير عليّ، واستطاع بشكل كبير أن يشكل شخصيتى الفنية والأساتذة الكبار الذين تعلمت منهم، وتخرجت على أيديهم، هم: محمود مرسي، نبيل الألفي، كرم مطاوع، جلال الشرقاوى، استفدت منهم كثيرا.
وتابعت: لا أحد قام بابتزازي، فأنا أسير على حكمة "امشى عدل يحتار عدوك فيك"، كما أنني لا أحب ألف ولا أدور، وليس على رأسى بطحة فأنا صريحة وجريئة لدرجة الصدمة، وآرائى واضحة، ولدى من الشجاعة ما يجعلني أقول ما بداخلى لأى شخص.
وأوضحت "فردوس": لو فقدت كرامتي هافقد كل شىء، فأنا لا أحب التملق، ولا أضع رأسى فى الرمال مثل النعام؛ فأنا حادة الطباع، في بعض المواقف، وخسرت ناس كتير بسبب أسلوبي الحاد.
وأشارت إلى أن أكبر مشكلة أوقعتني صراحتي فيها، كانت مع الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، كنت ذات مرة معتصمة عام ١٩٨٧، أنا ومجموعة من المثقفين، وكان آنذاك اجتماع في معرض الكتاب برئاسة الرئيس محمد حسنى مبارك، فطلبت الكلمة، فوقفت أمامه، وأنا أتحدث معه أمام الجميع في بعض الأمور، انفعلت بشكل كبير، واحتديت مع أحد دون أن أدري، فقام الرئيس مبارك، وصرخ فى وجهنا قائلا: «هو أنتو هتعلوا أصواتكم وتزعقوا أمامي»، وهنا تراجعت لما أدركت أنني أمام مبارك، وبعد انتهاء اللقاء نادانى الرئيس، وقال لي: «مالك يا ست فردوس»، وأوضحت له الأمر، ثم تحدثنا بعد ذلك بشكل طبيعي.
واختتمت بقولها: مررت بفترة إحباط ويأس طويلة في حياتي، حيث تعرضت للطعن والخيانة من أشخاص قريبين مني، وكنت أثق فيهم للغاية، ولكن هذا علمني أشياء كثيرة، أهمها أنني أصبحت لا أثق فى الأشخاص بسهولة، فأنا كنت أثق فى الناس بسرعة فائقة، ورغم ما مررت به من صعوبات، لا أقف عند شيء، لأن شخصيتي قوية للغاية، وتفرض نفسها على أي أزمة أو جرح من أحد.