الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"الاستراتيجية الوطنية للتربية الإيجابية".. جهود مؤسسية نحو التنمية المستدامة.. لجنة متخصصة ودليل متكامل للأسرة.. و"التضامن" تدشن مبادرات مهمة لزيادة الوعى المجتمعى

ستاندر- تقارير
ستاندر- تقارير
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تهتم الدولة المصرية برعاية وتنمية الأطفال في مختلف المجالات، سواء في التعليم أو الرياضة أو الصحة وتطوير المهارات، ومن أجل تحقيق رؤية مصر 2030، تعمل الدولة على تنفيذ "الاستراتيجية الوطنية للتربية الإيجابية" بالتعاون مع عدة وزارات ومؤسسات مختصة، فإلى جانب وزارات التعليم والشباب والرياضة والصحة والتضامن، يشارك المجتمع المدني والخبراء والمتخصصون في هذه الاستراتيجية. كما تشارك المجالس المختصة مثل المجلس القومي للطفولة والمجلس القومي للمرأة، إضافة إلى المؤسسات الدينية؛ حيث يسعى الجميع  إلى تحقيق رؤية مستقبلية لتطور شامل لأطفال مصر.

أسس سليمة

تُظهر الأبحاث الحديثة أن الأطفال الذين يتلقون تربية إيجابية يعيشون في بيئة مليئة بالحب والتأديب الصحي وخالية من العنف.. هؤلاء الأطفال يتطورون بشكل أفضل في مهاراتهم المعرفية ومهارات التواصل وضبط النفس مقارنة بأولئك الذين لا يتمتعون بهذا النوع من التربية.

لا يقتصر تأثير التربية الإيجابية على فترة طفولة الطفل فحسب، بل تستمر آثارها لسنوات عديدة، فالدراسات أظهرت أن 60% من فكر واتجاهات ومفاهيم وسلوكيات الطفل تُشكِّل خلال السنوات الأولى من حياته.

إضافة إلى ذلك، فإن “التربية الإيجابية” تساعد على نقل هذه المهارات إلى جيلٍ جديد، مما يضمن استمرارية علاقات صحية بين الآباء والأطفال عبر الأجيال.  كما تُسهم في الحد من الفقر متعدد الأبعاد بين الأطفال، وتؤثر إيجابًا على المجتمع بشكلٍ عام.

استراتيجية وطنية

وفي إطار إعداد الاستراتيجية الوطنية لـ "التربية الإيجابية"، قامت الحكومة المصرية بتكليف وزارة التضامن الاجتماعي منذ عام 2021 بإعداد ورئاسة لجنة متخصصة تقوم بإعداد استراتيجية محكمة وإعداد دليل متكامل حول “أساليب التربية الإيجابية للأسرة” من جميع النواحي المختلفة. وأكدت نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي أن الاستراتيجية تعمل على المنهج القائم على الطفل والأسرة وتحقيق المساواة بين النوعين فى التنشئة.

 وعن الاستراتيجية الوطنية للتربية الإيجابية أوضحت مستشارة وزارة التضامن آمال ذكي، أن الاستراتيجية تهدف إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة فيما يخص النشء والأطفال والشباب، والتمتع بالنماء والرخاء فى مصر، حيث تعمل الدولة من خلال كل المؤسسات على دعم البيئة المحفزة لنمو الطفال من خلال خدمات ذات جودة بعدالة ومساواة.

وأكدت في تصريحات لها على إعداد الاستراتيجية وفقًا لأساليب علمية تؤثر في النشء ليكونوا أعضاء فاعلين ومؤثرين في المجتمع.

 التربية الإيجابية داخل المدارس

 أكد  الدكتور رضا حجازى وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، على أن الوزارة تتعاون مع كل الوزارات والجهات المعنية، تنفيذًا لاستراتيجية الدولة للتنمية المستدامة، من خلال العمل المشترك في برامج حماية الطفل ودعم حقوقه، وذلك فى إطار المبادرة الوطنية "تمكين الطفل المصري"‘ من أجل تحسين جودة حياة الطفل، والمتابعة وقياس الأثر.

وأوضح في بيانات صحفية أن العملية التعليمية لها أثر في الاستراتيجية الوطنية للتربية الأسرية من خلال تمكين الطفل المصري في الأنشطة المدرسية، بما يكسبه قوة الشخصية، والقدرة على التعبير، ومهارات العرض، وتحمل المسئولية وغيرها من المهارات الحياتية، مضيفًا أن الوزارة تنفذ حقائب خاصة في هذا الإطار داخل المدارس بمراحلها المختلفة للطلاب، وتدريب المعلمين أيضًا،والإخصائيين الاجتماعيين والنفسيين بهدف دعم التربية الإيجابية للطلاب ونشر الوعي بالصحة النفسية، بالإضافة إلى تدريب مديري المدارس، مشيرّا إلى أنه سيتم بدء تنفيذ هذه الحقيبة للمرحلة الابتدائية.

وفي نفس السياق قالت الخبيرة الأسرية داليا الحزاوي مؤسس ائتلاف أولياء أمور مصرفي تصريحات لــ "البوابة نيوز" أن توفير بيئة تربوية إيجابية داخل المدرسة سيساهم في بناء شخصية متكاملة  للطالب في جميع المجالات سواء العلمية والمهارية، وعلى الجانب السلوكي والاجتماعي، كما أن المدرسة ستصبح بيئة جاذبة للطلاب.لا تتم فقط داخل الفصل الدراسي ولكنها تشمل جميع البرامج والأنشطة فهي عملية متكاملة يشترك فيها المدرس والطالب، ويجب مراعاة جميع الجوانب الأخرى التي تؤثر على ذلك مثل تكدس الفصول وسوء البيئة المكانية مثل عدم جودة التهوية والإضاءة وغيرها بما فيها سوء وضع المعلمين وقلة أعدادهم مقابل الطلاب.

وأكدت الخبيرة التربوية،  أن إعداد المعلمين وتدريبيهم جيدًا على كيفية التعامل من خلال التربية الإيجابية للطلاب مهم جدا للتعامل على جميع الجوانب المعرفية والإدراكية والسلوكية للطالب.

مؤسس ائتلاف أولياء الأمور: توفير بيئة تربوية سليمة داخل المدرسة يساهم فى بناء شخصية متكاملة  للطالب فى جميع المجالات

 كما أشادت الحزاوي بتعاون وزارة التربية والتعليم مع وزارات مختلفة لتفعيل استراتيجية التربية الايجابية مثل تطبيق اليوم الرياضي أسبوعيا بالتعاون مع وزارة الشباب، واليوم  الفني بالتعاون مع وزارة الثقافة، مما يؤثرعلى امتلاك الطلاب مهارات وقدرات عظيمة، كما عولت على تطبيق لائحة الانضباط المدرسي في المدارس، بما يحقق مصلحة جميع الأطراف المعنية والمصلحة العامة سيساهم بشكل كبير في تحقيق بيئة تعليمية إيجابية تربوية.

صحة نفسية

وحول أهمية التربية الإيجابية في دعم الصحة النفسية للنشء والأسرة وبالتالي المجتمع، ودور الأسرة في تنفيذها أوضح الدكتور على النبوي أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن التربية الإيجابية خير ما يعطيه الأب لأولاده لأنه كقدوة لمواجهة أزمات الحياة ومثال لمواجهة الصعوبات بشكل عملي.

وأكد أستاذ الطب النفسي في تصريحات لـ "البوابة نيوز"، أن النمذجة هو الأسلوب والموديل الأفضل للتعلم، ولذلك ينص الدين على أن الفعل والسلوك أهم من الحديث، وتنص التربية الإيجابية على أن رد الفعل الذي يطلقه الشخص وقت الأزمة  يصبح النموذج الطبيعي أمام أولاده، لذلك يجب على الأسرة اتباع أساليب التربية الايجابية وتجنب التهويل على سبيل المثال.

النبوى: "النمذجة" هى الأسلوب الأمثل للتربية والأسرة والتعليم المنظومة الأهم فى حياة الأطفال 

وأضاف أن للأسرة دورا مهما في تربية الأولاد بطريقة إيجابية  وتفادي التشاؤوم والأسلوب الناقد، والامتناع عن قول عبارات مثل: "أنا طافح المرار عشانكم.. آدي دقني لو فلحت.." وغيرها من العبارات، وإطلاق ما يدعم الطفل والشاب والمراهق على الصفات الحميدة والطموح لدى الأولاد.

وتابع النبوي، أن الحوار مع الأطفال مهم لتكوين الشخصية ودعم ثقة بالنفس، لأن عدم الحوار أهم أسباب الانحرافات السلوكية والجندرية المختلفة وهو حرمان الطفل من رمزية الأب وقد يضطرب الطفل جنسيًا فيما بعد، ولذلك يجب الاهتمام بهذا المحور.

وأشار أستاذ الطب النفسي إلى أن التعليم  والمعلم له دور مهم أيضًا في حياة الطفل فهو يشكل بديلا لرمزية الأب، ولذلك على ممارس العملية التعليمية سواء عن طريق الحضور المباشر أو التعليم أون لاين أن يبث روح الشخصية الإيجابية فهو بديل للأسرة وله دور مهم في التربية قبل تدريس العلوم النظرية.

أثر مجتمعى

وفي نفس السياق أوضح الدكتور أيمن القرنفيلي أستاذ مساعد علم الاجتماع بجامعة بنها، أن مفهوم التربية الإيجابية يعني خلق مواطن نشط قادر على تحمل المسئولية والقياد بالواجبات اللازمة عليه، ويشارك المواطن الإيجابي في الحياة الاجتماعية وتنميتها عكس المواطن السلبي.

وأضاف خبير علم الاجتماع في تصريحات لـ "البوابة نيوز"، أن هناك عدة عوامل مؤثرة في تنفيذ استراتيجية التربية الإيجابية، تبدأ من الأسرة فهي اللبنة الأولى للتنشئة والغرس القيمي بالمجتمع، وغرسها في عقول الأطفال، وأن التفاعل داخل الأسرة خير شاهد، فمن المهم أن تكون العلاقات السرية سوية بين الزوج والزوجة وتخلو من العنف اللفظي والجسدي وبالتالي يتم خلق الحوار والنقاش بين أفراد الأسرة والأبناء حتى وإن أخطأ الأطفال.

وأكد "القرنفيلي" على أن عدم السماح للأبناء بالنقاش وإملاء الأب أو الأم الدور السلطوي على أبنائهم يؤدي إلى خوف الأطفال، ويعمل على خلق مساحات انعزال وبالتالي قد يؤدي إلى أمراض نفسية.

القرنفيلى: الأسرة لبنة أولى للتربية الإيجابية وللإعلام دور مهم فى إبراز الرموز والقيادات كقدوة للنشء

وأشار أستاذ الاجتماع المساعد، إلى أن هناك حالة من "الاستسهال" في الأجيال الجديدة، على عكس تربية الآباء والأجداد التي كانت تعتمد على تحمل الأطفال المسئولية، ولذلك يجب على الأسرة والمدرسة وكل من له صلة في عملية التربية الإيجابية دعم الطموح المشروع لدى الطفل منذ الصغر ودعمه ليصبح ذا أهمية ليصبح على سبيل المثال "عالم" في تخصص ما.

وأضاف أن الإعلام له دور مهم في إبراز القيادات الايجابية والتركيز على أن  الوصول إلى "المادة أو الأموال" ليست هي الأهم في الحياة، وأن هناك أولويات كالعلم وقيم النجاح وغيرها.

حوار مجتمعى

 قالت أميرة العادلي عضو مجلس النواب وعضو تنسيقية الشباب إن استراتيجية التربية الايجابية المطروحة للنقاش المجتمعي جيدة في إجمالها وإن كان ينقصها بعض الجوانب لتكون قابلة للتطبيق، وعلي الرغم من ذلك قدمت الاستراتيجية مجموعة من الأرقام الهامة الخاصة بالأطفال سواء العنف، أو أمراض سوء التغذية، إضافة الي مؤشرات التقييم والمتابعة.

وأكدت عضو النواب، في تصريحات لـ "البوابة نيوز"، أن التربية الايجابية هي أحد أهم وأبرز العوامل لتقديم جيل سوي نفسيا ويتمتع بصحة جيدة وتعليم جيد، والدولة المصرية خلال السنوات الماضية كانت حريصة علي الاهتمام بهذا الملف الذي يعد أولاوية قصوى في دولة أحد أهم خصائصها أنها دولة شابة.

العادلى: الدولة المصرية حريصة على الاهتمام بهذا الملف ووضع  آليات لتفعيلها مشيدة بمبادرات "نوارة" و"دوي"، وتطوير المناهج التعليمية، ودمج ذوي الإعاقة والاحتفاء بهم، والكشف المبكر عن الأنيميا والتقدم في المدارس

وأشارت إلى أن من أهم الخطوات التي يجب تفعيلها هو سرعة إصدار قانون الطفل الجديد، تجريم زواج الأطفال، تنفيذ الاستراتيجيات الخاصة بالطفل وترجمتها لتشريعات وقرارات تنفيذية، العمل علي تطبيق المناهج التعليمية الخاصة بالقيم والمواطنة بشكل حقيقي.

إضافةً إلى إن التربية الايجابية ستساهم بشكل حقيقي في خلق جيل مختلف أكثر وعيا، قادر علي التعبير عن آرائه والمشاركة في المجتمع، صحيح نفسيا وبدنيا، مما سينعكس آثاره علي المجتمع وتماسكه، وقوته الاجتماعية والاقتصادية.

وأشادت "العادلي" بالمبادرات الصادرة في هذا الإطار مثل "نوارة" أو "دوي"، إضافة إلى تطوير  المناهج التعليمية، ودمج ذوي الإعاقة والاحتفاء بهم، والكشف المبكر عن الأنيميا والتقدم في المدارس، ولكن ما زال الطريق طويلا وهناك العديد من الجوانب التي يجب أن تتحرك فيها الدولة سواء علي المستوى التنفيذي والتشريعي، لتوفير كافة الخدمات والاحتياجات للطفل، وضمان حقوقه وحمايته.

مبادرات مهمة

أطلقت وزارة التضامن الاجتماعي بتكليفات من الوزيرة نيفين القباج، عدة مبادرات مهمة في سبيل ذلك، إضافة إلى خلق حوار مجتمعي مع كل الأطياف المعنية والمستفيدة من هذه الاستراتيجية، ومن ضمن المبادرات المهمة قامت بتنفيذ تدريب 200 أستاذ جامعي، و2500 رائدة اجتماعية، و13 ألف شابة وشاب من طلاب الجامعات، كما تم تنفيذ 57 ألف ندوة للأسر بقرى ومراكز مبادرة حياة كريمة حول "أساليب التربية الأسرية الإيجابية"، واستفاد منها 764 ألف أسرة من خلال تنفيذ 3 جلسات توعية لكل أسرة، إضافة إلى تنفيذ 1.8 مليون زيارة منزلية عن أساليب التربية الاسرية الإيجابية من خلال الرائدات الاجتماعيات.

وقامت الوزارة بتنفيذ مبادرة "التربية مشاركة"  لتثقيف أولياء الأمور بسبل التربية الإيجابية وتعزيز الوعي الصحيح في التعامل مع الأطفال والنشء، وإتاحة الاستشارات الأسرية اللازمة لأولياء الأمور، وبلغ إجمالي الفعاليات التي تم تنفيذها خلال الحملة 143 ألفًا و207 ندوات، و3 ملايين و872 ألفًا و61 زيارة، استهدفت 2 مليون و520 ألفًا و135 سيدة ورجلا.

كما أن الحملة أسفرت عن تنظيم 143207 ندوة استهدفت 2520135 سيدة ورجلًا، كما تم تنظيم عدد 3872061 زيارة استهدفت 3872061 أسرة، وذلك من خلال الرائدات الاجتماعيات.

إضافة إلى مبادرة "الأب القدوة" لترسيخ الدور الأسري والتنشئة الأسرية السوية والسليمة باعتبار الأب قدوة لأبنائه وتأكيدا على دوره كعماد للأسرة.