تحتضن مصر الأشقاء الفلسطينيين المصابين في حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة الفلسطيني وتقدم له الدعم الطبي والنفسي وسط أجواء تضامنية من الشعب المصري والحكومة للأشقاء الفلسطينيين.
مجزرة للاحتلال في دير البلح.. والقطاع الطبي في أزمة كبيرة لضعف الامكانيات
كانوا في بيت أمن يأوي نازحين بها أكثر من 80 شخص، وسقط عليه 3 صواريخ من الاحتلال الإسرائيلي، وتسبب في مجزرة أسفرت عن مقتل 20 شخصا وإصابات مختلفة، وأغلبهم من الاطفال والسيدات كحال غزة كلها، بهذه الكلمات بدأت نوال مطر 52 سنة فلسطينية مرافقة لنجلة شقيقتها وفاء مطر.
وأضافت نوال، إن وفاء تعمل فنية أشعة في مستشفى في قطاع غزة وأن إصابتها في الظهر والقدم وفقدان جزء من السمع جراء القصف الإسرائيلي الذي استهدف منزل يسكن فيه أسرتها مع 4 عائلات أخرى، وتم نقلها الي مستشفى الأقصى بعد الإصابة قبل نقلها إلى مصر عبر معبر رفح.
وعن الوضع في قطاع غزة، أشارت إلى إن الاحتلال يقتل كل شيء في غزة، وأن أشلاء الأطفال في الأرض في كل مكان ونخرج من البيوت بعد القصف ونترك الأشلاء والجثث داخل كل منزل.
وتابعت، كانوا المصريين في انتظارنا من البداية علي معبر رفح بالسيارات المجهزة وقاموا بعمل كل الإجراءات اللازمة كأخوة لنا، ونشكر مصر والقائمين علي التنسيق لنا.
وأكملت أن الأطقم الطبية في مصر قاموا بكافة الاجراءات الأطباء والتمريض والعاملين في المستشفى يقدمون لنا كافة أنواع الدعم.
ورغم الحالة الصحية الصعبة أصرت وفاء مطر فني أشعة في غزة عن الحديث عن الوضع الطبي في مستشفيات قطاع غزة وخاصة مستشفى الأقصى التي كانت تتلقى العلاج فيها.
وقالت وفاء، إن هناك أعداد كبيرة للغاية داخل وخارج المستشفيات ويتم تلقي الخدمة الطبية بصعوبة كبيرة للغاية، لأسباب عديدة منها وجود النازحين الهاربين من نيران الاحتلال في مختلف الأماكن داخل المستشفيات في وجود نقص للخامات الطبية والأكل والشرب، ويجري الأطباء العمليات الجراحية علي الأرض في طرقة المستشفى.
وأضافت وفاء، هناك نقص شديد في الأطعمة والمياه النظيفة التي تصلح للشرب حيث يعاني الأهالي من نقص في الخضروات والدقيق والموجود هناك معلبات فقط وأصبحت أسعارها ضرب من الخيال، مشيرا إلى إن بعض الأشخاص ليس لديهم أموال من أجل شراء أي مواد غذائية تعينهم علي الاستمرار في الحياة وسط الحصار التي تفرضه إسرائيل علي الشعب الفلسطيني الأعزل.
وعن إصابتها قالت وفاء كنت في زيارة لبيت أمي حيث انها تعاني من مرض السرطان وانا مقيمة مع زوجي وخالتي وحماتي في نفس الوقت نوال، شاهدت سقوط صاروخين علي البيت حول المنزل إلى كوم من التراب ونتج عن الأمر مجزرة واستشهد أخي وزوجته وخرجنا مصابين.
أهل مصر رائعين جداً الكل هنا يساعدنا ويحاول تخفيف المأساة علينا ويقدموا الدعم، بهذه الكلمات انتهت وفاء حديثها قبل أن تتجه الي توجه رسالة للعالم أكدت خلالها أنها تريد أن تعيش في أمان وسلام وان تنتهي الحرب.
آمنة في مصر
بخوف وحذر استقبلتنا الطفلة آمنة حاتم الفلسطينية التي تبلغ من العمر ٦ سنوات ومقيمة في قطاع غزة، وفي يدها سندوتش الأكلة الشعبية الأولى في مصر طعمية، طلبت منها أن تعطيني قطعة منه فلم ترد فأخبرني الطبيب بأن سمعها أصبح ضعيف للغاية، فشاورت لي بالطعام كعزومة للإفطار معاها، ابتسمت لها ابتسمت والدموع تملئ عينها.
وبدأت الحديث مع مرافقتها عمتها شيماء سعدي محمد أبو مطر من سكان قطاع غزة، وصلت مصر بصحبة بنت شقيقها المصابة لتلقي العلاج في مستشفي شبين الكوم التعليمي بمحافظة المنوفية.
وتقول شيماء إن الوضع في قطاع غزة صعب للغاية ولا يمكن وصفه، وعبرت عن ذلك بأن جميع معالم غزة اختفت بعد هدمها بقصف الاحتلال الإسرائيلي، مشيرة إلي إنه لا يمكن لأي شخص يعرف مكان منزله لأن كل المنازل تحولت إلي أكوام من الرماد.
بطيران الاحتلال أسقط علينا منشورات تطلب من الأهالي مغادرة المكان لأنه ضمن عمليات جيش الاحتلال بدأت تري شيماء تفاصيل قصف منزلها لـ"البوابة نيوز"، انتقلنا إلى أحد مدارس الايواء التابعة لوكالة غوث اللاجئين الأونروا ، حتي طلب الاحتلال مغادرة المكان قبل قصفه، عدنا الي منزل أخي، وبعد العودة خرجت يوماً خارج المنزل وأثناء عودتي شاهدت جريمة مكتملة الأركان، حيث استهدف الاحتلال برج ملاصق لمنزل اخي بثلاث صواريخ، وكانت اشقائي وابنائهم وزوجاتهم وعددهم 18 شخص يتناولون الغداء، وكانت آمنة تلعب أمام المنزل وبفعل القصف طارت آمنة في الهواء واصيبت في الرأس، وهو ما أثر علي سمعها.
وتكمل شيماء، الأخت الأخرى لآمنة تدعي نور وتبلغ من العمر 16 عام اختفت تحت القصف، بعد هدم المنزل ولكن حكمة الله تعرفنا علي مكانها حيث ظهر جزء طرحتها تحت حطام المنزل وأصيبت بكسر في الجمجمة ونزيف وتم نقلها إلى تونس لتلقي العلاج وتصاحبها أمها في رحلة علاجها، وأصيب الأب بإصابات بالغة بالرأس والقدم والكتف بينما اصيب امها وأشقائها بإصابات مختلفة.
بعبارة "مصر استقبلتنا أحسن استقبال" عبرت شيماء عن وضعهم بعد دخول مصر، حيث قالت عاملونا بكل رفق وحب ووصلنا إلى مستشفى شبين الكوم بلا ملابس سوي التي نرتديها فقط لأننا فقدنا كل شئ في غزة، وقامت المستشفى والعاملين فيها بإحضار الملابس لنا وكنا ما نريد.
وتشير شيماء إلى إنه من بداية دخول المعبر، كان في انتظرنا سيارة إسعاف وكل الموجودين هناك في خدمتنا، وتحول المكان الى خلية نحل البعض ينهي لنا الإجراءات حتي وصلنا الي المستشفي هنا، وكنا في حالة نفسية صعبة للغاية.
وعن الوضع في قطاع غزة، أكدت أن الوضع داخل القطاع كارثي والموت يحلق في كل مكان، الجميع ينطق الشهادة في كل الأوقات، لأن الاحتلال يقتل أسر بأكملها بهدم المنزل كامل عليهم، الأطفال هناك يأتون لأسرهم بأجزاء مقطعة من جثث أطفال يسألون اهلهم هل هذا اخي او اختي.
من جانبه قال الدكتور محمد عبد العزيز مدير العيادات في مستشفى قصر شبين الكوم، إن آمنة وصلت مصابة بفقدان في جزء من السمع، وجاري عمل مقياس سمع لها.
وأضاف الطبيب، بعد تحديد السمع سيتم عمل سماعات الاذن لها، وأنها تتلقي العلاج اللازم بشكل سريع.
المقاطعة سلاح العرب
بدموع موجعة بدأت سيدة فلسطينية تروي حديثها عن الأوضاع في قطاع غزة قائلة: "اسمي عائدة عبد الوهاب أسكن في دير البلح في قطاع غزة الفلسطيني وأبلغ من العمر ٥٧ سنة".
وقالت عائدة خلال تلقيها العلاج في مستشفي شبين الكوم التعليمي بعد وصولها مصر لتلقي العلاج في تصريحات لـ"البوابة نيوز"، إنها مهما حكت لن تصف بشاعة المشاهدة قطاع غزة وحرب الإبادة التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين المدنيين هناك، مشددة علي أنه لم تحدث مثل هذه الحرب من قبل في فلسطين، كنا نمر بأربع حروب في الشهر لكن لم نشاهد مثل هذه الحرب من قبل.
وأضافت الفلسطينية عائدة، ليس هناك شعب في العالم مثل فلسطين، ومثل ما تراه في فلسطين. مهما حكيت لكم عن فلسطين وعن غزة، وعن الحصار الذي يعانيه الناس لسنوات، منذ قبل الحرب، حصار غزة والمجازر التي لا تشبه سوى الكوارث الطبيعية. قل لنا، كل دقيقة سبعين شهيد، مئة شهيد ألف شهيد في جميع أنحاء غزة من الشمال إلى الجنوب. الاحتلال يقصف مربع كامل مع سبعين، أسر بأكملها تباد.
وتابعت، "الوضع في غزة يُعنى ببساطة الإبادة، لا أعني أنهم يريدون إنهاء المقاومة بل أنهم يريدون إبادة الفلسطينيين، وليس فقط المقاومة بل أيضًا اغتيال وقتل الأطفال والنساء. في غزة، لا شيء يعبر عن الوضع بشكل أفضل من كلمة "خيمة". يمكن رؤية خيام الملاجئ حيث يقيم النازحون في ظروف قاسية، وتجد نصف عائلاتهم تأتي من بيوتهم السابقة. في هذا الوضع، تجد الإسعاف يؤخر الوصول لأنه يضطر للتجاوز عندما يقترب من تجمعات الجيش الاحتلال والبعد عن القصف".
وأشارت عائدة، الي إنها كانت مصابة بجلطة وتعافت منها قبل الحرب ومع الاوضاع المحزنة التي تعيشها غزة وتصاعد وتيرة الحرب، عادت آلامي الى الإزعاج المستمر في رأسي وعيني، وعادت الجلطة مرة أخري، وصلت مصر وقدمت لي كرسي، دخلت مصر بلا أي صعوبة ووجدنا مساعدة غير عادية وترحبب من الجميع، وتم نقلي الى المستشفى وتلقيت العناية الطبية المناسبة، لذا نشكر مصر الشقيقة الكبرى علي احتضانا وتقديم الدعم في كل الأوقات.
ووجهت كلمة للعالم العربي والإسلامي، أن هذه الحرب يخوضها عدو حقيقي وهو إسرائيل، لو توحدت الدول العربية وقفنا معاً، سيكون لدينا كلام قوي للتعبير عن رفضنا، والمقاطعة أكبر سلاح لإيقاف العدو.
طفل يرسل مساعدات وهدايا مع رسالة للمصابين
أرسل أحد الأطفال المصريين رسالة دعم للأشقاء الفلسطينيين الذين يتلقون العلاج داخل مستشفي قصر شبين الكوم مع والدته التي تعمل طبيبة في المستشفى وتقدم الدعم النفسي للأشقاء.
الرسالة كانت باللغتين العربية والانجليزية وكانت تحمل كلمات "أنا أحمد أنا أدعم فلسطين وأرسلت لكم بعض الهداية شكراً لكم"، الطفلة آمنة استقبلت الرسالة والهداية التي كانت عبارة عن عدد من القصص وأدوات التلوين و فروع من زينة رمضان بفرحة وسعادة غامرة ، وبدأت في التقاط الألوان وكتب التلوين.
المياه الملوثة والفشل الكلوي في القطاع
"بشكر الشعب المصري الكريم والحكومة المصرية علي ما يحدث معنا في مصر منذ دخولنا من اللحظة الاولي" هكذا قالت والدة الطفلة منيهار زقوط البالغة من العمر 8 سنوات والتي كانت مستلقية في حالة يرثي لها علي سرير المستشفي ولا تتحرك في أي اتجاه ولا يخرج منها سوى اصوات الوجع الذي أصبح ينهش في جسد الطفلة، والدة الطفلة تحدثت إلينا قائلة "انا من جباليا الفلوجة نزحت بسبب الحرب والتهجير الذي يقوم به الاحتلال إلى دير البلح.
وأضافت والدة الطفلة منيهار، بنتي كانت مصابة بأمراض قبل الحرب لكن وضعها كان مستقر وكنا نتابع مع الأطباء الحالة الصحية لها كل شهر وكانت تلتقي العلاج اللازم لها، لكن مع نقص المياه النظيفة وتناولها مياه ملوثة بعد انعدام مصادر المياه الصالحة في غزة دخلنا مرحلة الغسيل الكلوي.
وأكملت والدة الطفلة حديثها، عندي طفل 14 سنة لم يخرج من غزة وانتظر مولد خلال الأيام القليلة القادمة، عبرت عن شكرها لأهل مصر والحكومة المصرية علي الدعم منقطع النظير الذي يتلقونه في مصر وخاصة بعد زيارة محافظ المنوفية اللواء ابراهيم ابو ليمون لهم وتقديم مساعدات مالية لهم، وقبل نشر المقال أعلنت المستشفي وفاة مهينار.
حالات المصابين في المستشفى
من جانبه قال الدكتور محمد عبد العزيز مدير العيادات بمستشفى القصر، في المستشفي 6 حالات و6 مرافقين منهم 4 أطفال أكبرهم 9 سنوات وجميعهم يتلقى الخدمة الطبية علي أكمل وجه.
وأضاف الطبيب، أن الحالات مختلفة ومتنوعة ومن بينهم حالة جلطة لسيدة 57 سنة تدعي عائدة، وهناك إصابة جراء القصف من سيدة تبلغ من العمر 36 سنة بالظهر والقدم وفقد جزء من السمع، وهناك عدد إصابات بالفشل الكلوي.
وبين عبد العزيز، أن هناك حالة طفلة وصلت الي المستشفى تعاني من إصابة بالرأس وتم عمل لها قياس سمع وجاري توفير سماعة أذن لتركيبها لها حتى تتمكن من السمع مرة أخرى.
وأكد الطبيب، أن جميع العاملين والأطقم الطبية في المستشفى يقدمون الخدمة الطبية بحب للأشقاء الفلسطينيين بترحيب شديد وبمحبة من القلب، مشيرا إلى أنهم في وطنهم الثاني مصر.