رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

وكالة البلح مول الغلابة.. السوق تحول إلى قبلة لصائدي الماركات الشهيرة.. وملابس «البالة» الخيار الأنسب للفقراء

وكالة البلح مول الغلابه
وكالة البلح مول الغلابه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

منذ ساعات الصباح الباكر، يتوافد الناس على وكالة البلح، هذا المكان الذي يشهد ازدحامًا شديدًا وحركة مستمرة تكاد لا تتوقف، فعبر الممرات والأزقة تحت كوبري 15 مايو، يتجول الناس بين "الاستندات" المتحركة، تقلب وتختار تبحث بشغف عن أفضل قطعة تلائمها وتعكس ذوقها الشخصي، بينما تتعالى أصوات الباعة المتحمسين، ليتنافسوا على جذب انتباه الزبائن.

 ولكن ما الذي جعل وكالة البلح تحظى بهذا الإقبال والشهرة؟ في الحقيقة يعود سر نجاحها إلى تاريخها العريق حيث يعتبرها البعض "مول الفقراء"، الذي يلتقي فيه الجميع بغض النظر عن طبقتهم الاجتماعية. فهي توفر للزبائن فرصة الحصول على ملابس ماركات عالمية بأسعار رمزية، ما يجعلها مكانًا مثاليًا لمن يبحثون عن الجودة بأسعار معقولة.

ويعود تاريخ وكالة البلح لأكثر من 30 عاما مضت، حيث كانت الملاذ الوحيد لمحدودي الدخل الباحثين عن الملابس المستعملة بأسعار رمزية، خاصة في فصل الشتاء، فملابس "البالة" الخيار الأنسب لمحدودي الدخل، حيث يبحثون عن بديل يلبي احتياجاتهم بأسعار معقولة، لكن خلال السنوات الماضية، شهدت وكالة البلح تحولًا جذريًا في جمهورها وسياق عملها، فلم تعد ملابس "البالة" محصورة فقط للفئات المحدودة، بل أصبحت وجهةً مفضلة للطبقات الأغنى والمتوسطة أيضًا. وتحولت وكالة البلح إلى ملتقى لـ "صائدي البراندات" بأسعار رخيصة، حيث يتنافس الزبائن على شراء قطع ملابس ماركات عالمية بأسعار تنافسية لا تضاهى، حى وإن كانت هذه الملابس مستعملة!.

ومع هذا الانتشار الواسع والإقبال المتزايد على وكالة البلح، جاءت زيادة في الأسعار، حيث ارتفعت تكلفة الملابس المستعملة بشكل ملحوظ، وذلك نتيجة  لزيادة أسعار الملابس في الأسواق بشكل عام نتيجة لتقلبات سوق العملة وارتفاع سعر الدولار، مما جعل عملية الشراء تحديًا يواجهه الجميع.

وتبقى الوكالة مكانا مناسبا رغم ارتفاع الأسعار و لا يزال الإقبال مستمرًا، حيث يجد الكثيرون فيها فرصة للحصول على ملابس ماركات عالمية بأسعار معقولة، وهو ما يجعلها واحدة من أكثر الأماكن شهرةً وإقبالًا في القاهرة.

«رمضان» يكشف تفاصيل وأسرار العمل في ملابس البالة
الأسعار تضاعفت 4 مرات خلال الفترة الأخيرة

واقفا بين عشرات الاستندات يتابع الزبائن وهم يقلبون في البضائع، ليعرف سعر كل قطعة حسب "الاستند" الذي قام بفرزه سابقا، فهو لديه القدرة أن يتابع 10 زبائن في نفس الوقت، عم رمضان قضى في وكالة البلح أكثر من 20 عاما، وهو واحد من بائعي الملابس الذين يقومون بتنظيم الملابس المستعملة وتحديد أسعارها في هذه السوق النابضة، يعكف على فرز الملابس التي تصل إلى الوكالة وتحديد أسعارها بناءً على حالتها و"البراند"، ما يسهم في توفير ملابس بأسعار مناسبة للزبائن من مختلف الفئات الاجتماعية.

يقول رمضان إن سعر البالة ارتفع أربعة أضعاف خلال الفترة الأخيرة مشيرًا إلى التحديات التي تواجههم في تحديد الأسعار في ظل ارتفاع أسعار الملابس بشكل عام. ومع ذلك، يؤكد أن الوكالة تظل مكانًا مناسبًا للعديد من الزبائن، حيث تتوافر فيها ملابس بأسعار تنافسية وغيرمقارنة بالأسواق الأخرى.

بفضل خبرته الطويلة في هذا المجال، يتوقع رمضان زيادة الإقبال على الوكالة مع الارتفاع الجنوني في الأسعار وبسبب الأعباء الاقتصادية التي يعاني منها المواطنون.

يُظهر رمضان من خلال حديثه تطورات السوق والتغيرات التي طرأت عليها خلال السنوات الماضية، حيث كانت الوكالة في السابق تُعتبر وجهة للمواطنين ذوي الدخل المحدود، بينما أصبحت الآن وجهة للعديد من الفئات الاجتماعية بفضل توافر الملابس بأسعار معقولة ومناسبة للجميع.

 

من الصعيد لزحام الوكالة

«عبد العظيم»: غالبية الزبائن من النساء

شاب في العشرينات من عمره، بشرته أقرب لسمار الفتى الجنوبي، صوته جهوري، ولهجته تؤكد أنه من صعيد مصر. عبد العظيم صبري، ابن محافظة أسيوط، جاء إلى القاهرة للعمل في إحدى فرشات وكالة البلح.

يتحدث عبد العظيم عن تجربته في الوكالة، حيث يلاحظ وجود فئات اجتماعية مختلفة تأتي لشراء الملابس، مشيراً إلى أن غالبية زبائن الوكالة من النساء، سواء كن فتيات يبحثن عن البراندات والملابس العصرية، أو أمهات يقمن بشراء الملابس لأطفالهن الصغار.

كما يشير أيضًا إلى أن إقبال الشباب يظهر بشكل ملحوظ خلال هذه الفترة، ويكشف عبد العظيم عن تفاصيل عمله اليومية، حيث يعمل باليومية بمبلغ 150 جنيهًا، ويمتد يومه الطويل من الساعة 11 صباحًا حتى الساعة 11 مساءً.

وعن الأسعار، كشف عبدالعظيم أن ملابس الأطفال تبدأ من 20 ج للقطعة وصولا لـ250 جنيها والسيدات تبدأ من 50 جنيها للقطعة حتى 650 جنيها، أما عن ملابس الرجال فتبدأ من 40 جنيها للقطعة، وتصل في بعض الأحيان 1000 جنيه في الجواكت والمعاطف "في حالة الزيره" -على حد قوله-،  ويستكمل حديثه قائلا :" القطعة اللي هتاخدها من هنا بجنيه هتجيبها من أي مكان بـ 10 زود صفر وأنت مغمض وكمان فيه برندات هنا مبتنزلش مصر جديدة أصلا".

 

تتردد على الوكالة كل شهر

«أم سعد» تقدم وصفة للتعامل مع الملابس المستعملة  

تتجول في الطرقات الضيقة وبين الفرشات، وعيناها ترصد وتفحص وتترقب كصياد ماهر يطارد فريسته، فهي تبحث عن أفضل القطع لشرائها سواء لها أو لأبنائها، صابرين أو "أم سعد" سيدة في الأربعينات من عمرها اعتادت التردد على وكالة البلح بشكل دوري لاقتناء أفضل الملابس بأرخص سعر.

تقول "أم سعد" في حديثها لـ «البوابة نيوز» إنها تأتي للوكالة كل شهر تقريبا لشراء الملابس، من الوكالة فهي  تبحث عن قطعتين إلى 4 قطع شهريا حسب السعر وحسب الفرصة  حيث قالت " الوكالة عايزة صبر وتقلب عشان توصل لأفضل حاجة  سواء جودة أو سعر أنا بجيب حاجات زيها زي الجديد بالظبط بس لازم أقلب عشان أوصلها، الأسعار بره مولعة والشتا عايز هدوم كتير أنا كل شهر بعد القبض بنزل أختار الحاجة اللي عوزاها وتعجبني".

وتضيف أم صابرين : " لما باخد الهدوم وأروح بنضفهم كويس الأول احطها في خل وسيبهم كام ساعة كده عشان ينضفوا كويس وبعدين أنشفهم من غير ما أعصرهم، وبعد كده أحطهم في مسحوق كتير وأحط كلور برده وأغسلهم وأكويهم وبيبقوا زي الجديد بالظبط، حاجة الوكالة بتبقى خامة عالية وبتعيش فترة طويلة، وأحياننا لما حاجة تعجبني وتبقى كبيرة شوية باخدها وأيفها على المقاس وممكن لو فستان أو بلوزة برده أعمل فيها تعديل وأهي ماشية".

تجربة مميزة  

شباب الجامعات يبحثون عن «البرندات» على الأرصفة

بنظرات منبهرة مما يراه، فالأسعار هنا تختلف تماما عن المحلات التي اعتاد الشراء منها، لا يعرف ماذا يفعل ولكنه يقلد الزبائن وبصحبته صديقان، جاءوا إلى الوكالة للمرة الأولى لشراء معاطف شتوية.

«محمد» وصديقاه «حسن» و«وليد» طلاب في إحدى الجامعات سمعوا عن الوكالة من فيديوهات منتشرة على وسائل التواصل وجاءوا لإلقاء نظرة لعلهم يشترون معاطف شتوية بعدما أصبحت أسعارها جنونية في المحلات الكبرى.  

يقول «محمد» إن هذه هي المرة الأولى التي يأتي فيها إلى هذا المكان، وأن هناك أشياء جيدة ولكنه لن يشتري هذه المرة فهو مازال مترددا في هذه الخطوة، أما صديقه حسن فقد حصل على جاكيت  من ماركة عالمية مشهورة بـ350 جنيها فقط، فعلى حد قوله أن هذا الجاكيت يصل إلى 3000 جنيه في المحلات الأخرى، وأنه رغم كونه مستعملا لكن  حالته جيدة جدا، كما أنه يفكر أن  يأتي مرة أخرى من أجل الحصول على جاكيت آخر.

وأضاف «وليد» أن هذا المكان جيد جدا وأسعاره مغرية، ولكن يحتاج لمجهود كبير من أجل الحصول على قطعة مناسبة، ولكنه لن يتردد في الشراء في حالة حصوله على قطعة مناسبة.