لم تعد الجرائم الأسرية الدموية بمنأى عن مسامعنا بشكل يومى، حيث تتجسد فيها مدى العنف الذي وصلت إليه بعض الأسر فى الوقت الراهن، حيث صار الأب زاهقًا لروح ابنه، بينما يستحل الابن دماء أمه فى سبيل المطامع الشخصية، ولم يعد الأشقاء تربطهم علاقات الدم الوثيقة، وهو ما يتناقض مع تعاليم الأديان السماوية والأعراف والقيم التي طالما تربينا عليها، تاركةً خلفها مجتمعا تسوده الدموية وتحكمه الضغائن والأحقاد.
جرائم مفجعة
في منطقة عين شمس، أقدم جامع خردة على قتل ابنه وألقى جثته فى القمامة، حيث تلقت أجهزة الأمن بمديرية أمن القاهرة بلاغا بالعثور على جثة طفل متوفى داخل جوال بمنطقة جمع قمامة بشارع الجنينة.
ورصدت كاميرات المراقبة سيدة حال قيامها بإلقاء الجوال بمنطقة البلاغ، وتبين أنها والدة المتوفى، 36 سنة، ربة منزل وأفادت بأن وراء الواقعة والده عامل خردة، 39 سنة، حيث قام بالتعدى على الطفل بعصا خشبية وخرطوم وتجريده من ملابسه وتعذيبه حتى فارق الحياة، وتم ضبط المتهم واعترف بارتكاب الجريمة بسبب "شقاوة الطفل" وأنه قام بالتعدى على الطفل بعصا خشبية وخرطوم وتجريده من ملابسه وتعذيبه بسبب كثرة التبول على نفسه والرد بطريقة غير لائقة.
وفي منطقة روض الفرج، أقدم عامل على تعذيب شقيقته حتى الموت، لتأخرها فى العودة أثناء شرائها طلبات للمنزل، حيث تلقت أجهزة الأمن بالقاهرة بلاغا مفاده وجود جثة لسيدة داخل شقة بنطاق دائرة قسم شرطة روض الفرج، وعلى الفور انتقلت أجهزة الأمن لمكان الواقعة وعثر على جثة سيدة عمرها 26 عاما وعلى جسدها آثار تعذيب بمختلف أنحاء الجسم، ودلت التحريات أن وراء ارتكاب الواقعة شقيقها حيث تعدى عليها بالضرب لتأخرها فى العودة للمنزل أثناء شراء الطلبات، وأضافت التحريات أن المتهم تعدى على الضحية بيديه ما تسبب فى وفاتها، وتحرر المحضر اللازم بالواقعة.
وفي الجيزة أقدم عاطل على إنهاء حياة نجله "سائق توك توك" ضربا بسبب خلاف على إيراد المركبة 150 جنيها، وذلك بدائرة قسم شرطة المنيرة الغربية بالجيزة، حيث تلقى المقدم مصطفي الدكر رئيس مباحث قسم شرطة المنيرة الغربية بمديرية أمن الجيزة إشارة من المستشفى تفيد باستقبال "شادى م" 21 سنة، سائق توك توك، مصاب بنزيف في المخ وسحجات متفرقة ولقى مصرعه خلال محاولات إسعافه ومقيم بدائرة القسم، وبالانتقال والفحـص وعمل التحريات تبين أن وراء ارتكاب الواقعة والد المجنى عليه عاطل حيث قام بالتعدى بالضرب على نجله بعصا خشبية بسبب خلاف على إيراد المركبة "توك توك" البالغ 150 جنيها، وعقب تقنين الإجراءات واستصدار إذن مسبق من النيابة العامة أمكن ضبط المتهم واقتياده إلي ديوان القسم.
وفي دار السلام أقدمت سيدة على تعذيب ابن أختها حتى الموت أثناء قضائه الإجازة معها بدار السلام، وتلقى قسم شرطة دار السلام إخطارا من مستشفى المنيرة العام باستقبالها جثمان طفل عمره 12 سنة، ومقيم بمحافظة السويس ومصاب بكدمات بالعين وسحجات متفرقة بالجسم. وبإجراء التحريات تبين أن وراء ارتكاب الواقعة خالة المتوفى وعمرها 40 سنة ربة منزل، بسبب قيامه بسرقه مبلغ مالي منها، وبسؤال المتهمة اعترفت بارتكاب الواقعة، وأضافت بأن المجني عليه مقيم رفقتها أثناء الإجازة وتحرر المحضر اللازم بالواقعة وأخطرت النيابة العامة بالواقعة.
الطب النفسي
قال استشاري الطب النفسي، الدكتور جمال فرويز، إن كل هذه الجرائم تنم عن انهيار ثقافي وانهيار قيمي واجتماعي وازدواجية دينية، فالازدواجية الدينية هنا تتمثل في قتل السيدة لابنها وقتل الأب لابنه رغم صلاته وتأديته للفروض الدينية، ولكنها هنا ليس إلا شكل خارجي فقط، فالكثير يتظاهر بالتدين ولكن خلافاته مع المحيطين تفضح أمره، بالإضافة إلي الانهيار القيمي، فكنا في الماضي نجد السيدة تحنو علي القطة والكلب ولكن اليوم أصبحت السيدة تقتل ابنها والابن يقتل أمه.
وأضاف فرويز، أن هناك انهيارا اجتماعيا شديدا داخل الأسره فتجد معظم أفراد العائلة لديها مخاوف من إلقاء السلام علي بعضهم البعض بسبب افتراضات عقيمة متداولة في المجتمع، فأصبحنا عندما نتبسم في وجع بعض صباحا يخطر ببالنا "ماذا تريد مني" فهكذا أصبحت ثقافتنا.
العقوبة
ويقضى القانون المصرى بالحكم على فاعل جناية القتل العمد بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى كما جاء بالمادة ٢٣٤٤ من قانون العقوبات، حيث إن القتل العمد لا بد أن يتحقق فيه أمران، وهم سبق الإصرار وعقوبته الإعدام، والترصد وهو تربص الجانى فى مكان ما فترة معينة من الوقت سواء طالت أو قصرت بهدف ارتكاب جريمته وإيذاء شخص معين وعقوبته الإعدام أيضًا وهنا يتوافر الأمران حيث قامت السيدتان بالتربص للمجنى عليه بغرض إنهاء حياته لسرقته.
والقتل المقترن بجناية عقوبته هو الإعدام أو السجن المشدد أحدهما قصد الشخص بالقتل، فلو كان غير قاصد لقتله، فإنه لا يسمى عمدًا؛ وثانيهما، أن تكون الوسيلة فى القتل مما يقتل غالبًا، فلو أنه ضربه بعصا صغيرة، أو بحصاة صغيرة فى غير مقتل فمات من ذلك الضرب فإنه لا يسمى ذلك القتل قتل عمد، لأن تلك الوسيلة لا تقتل فى الغالب.
كما نصت المادة 45 من قانون العقوبات على أن الشروع في القتل هو عقد العزم والنية على ارتكاب إزهاق الروح حتى تحدث بعض الأعمال الخارجة عن إرادة المتهم التى تعطل وتفسد تلك الجريمة وعقوبتها هي السجن المشدد من 10 سنوات وحتى 15 سنة، وفى حالة إتمام تلك الجريمة فإنها تصبح تهمة قتل عمد مع سبق إصرار وترصد ويعاقب المتهم بالإعدام.