رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"محور فيلادلفيا" يفجر الخلاف بين مصر وإسرائيل.. هل يهدد الاجتياح البري لرفح الفلسطينية معاهدة كامب ديفيد؟.. وإدانات دولية للتفكير الإسرائيلي والمحكمة الدولية تهدد بملاحقتها قانونيا

.
.
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

على مدار 130 يومًا يعاني الفلسطينيون من غارات وقصف مدفعي اسرائيلي مستمر صوب مناطق متفرقة من قطاع غزة، ارتفع خلالها عدد الشهداء إلى 28340 شهيدا، و67984 جريحا، منذ بدء العدوان على قطاع غزة في أكتوبر الماضي، كما لا يكتفي العدوان الإسرائيلي من عمليات نزوح الفلسطينيين من قطاع غزة، إلى مناطق متفرقة من ضمنها مدينة رفح الفلسطينية، بل يمضى في  قصف وحشي وانفجارات عنيفة حسب مصادر محلية داخل مخيمات النازحين، كل هذه المجازر الوحشية التي يرتكبها العدوان الاسرائيلي تخفي أيضًا نية مبيته نحو سعي رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو إلى السيطرة على محور فيلادلفيا الذي يخضع لسيطرة الدولة المصرية بزعم القضاء على الأنفاق التي يعتبرها بوابة "حماس" للحصول على الأسلحة وفقًا لتصريحاته الصحفية.

محور فيلادلفيا

محور فيلادلفيا هو منطقة عازلة، ويسمى أيضا بـ "صلاح الدين"، ويمتد على الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة، بطول 14 كم من البحر المتوسط  شمالا وحتى معبر كرم أبو سالم جنوبا، ووفقا لبروتوكول مبرم مع الجانب الاسرائيلي والمصري، بعد مفاوضات مطولة، تم إبرام اتفاق "فيلادلفيا" في سبتمبر 2005، وهو اتفاق يسمح لمصر بنشر 750 جندي من شرطة مكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود، على امتداد الحدود المصرية الفلسطينية بما يصل إلى 13 كيلو متر.

الحدود المصرية الفلسطينية (محور فيلادلفيا)

ووفقا لدراسة لمعهد واشنطن للدراسات، أن الاتفاقية احتوت على 83 بند، تحدد عدد الجنود والأسلحة والبنية التحتية والتزامات الأطراف، وتتكون بشكل أساسي من حوالي 500 بندقية هجومية، و67 رشاشًا خفيفًا، و27 قاذفة خفيفة مضادة للأفراد، وبعض الرادارات الأرضية مسموح بها. 

وتشمل المركبات المسموح بها 31 مركبة من طراز الشرطة بالإضافة إلى 44 مركبة لوجستية ومساعدة بينما يحظر استخدام المركبات المدرعة الثقيلة، بينما يمكن للقوات الجوية استخدام 6 مروحيات غير مسلحة من طراز Gazelle وطائرتين مروحيتين غير مسلحتين من طراز MI أو Westland من طراز الشرطة، تحمل علامات ثابتة لـ BGF، إضافة إلى تحديد عدد القوات البحرية والمراكب المسموح لها بالإبحار، بالتنسيق مع القوات الاسرائيلية.

وتتضمن البنية التحتية المسموح بها عددًا محددًا من مراكز الحراسة وأبراج المراقبة والمرافق اللوجستية. وتحظر الترتيبات المتفق عليها التحصينات والمقار الإضافية ومستودعات الأسلحة، فضلًا عن معدات جمع المعلومات الاستخبارية ذات الطراز العسكري.

محور فيلادلفيا ومعاهدة السلام

العلاقة بمعاهدة السلام الإسرائيلية المصرية تنص أن الترتيبات المتفق عليها تخضع بالكامل لأحكام معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية لعام 1979 ولا تشكل تعديلًا أو مراجعة أو تعديلًا لها.
وتصف المادة الرابعة من الوثيقة الجديدة غرضها بأنه "تدابير أمنية إضافية موجهة نحو المهمة" من أجل تعزيز الترتيبات الأمنية الواردة في الملحق الأمني (لمعاهدة السلام)، وهذا يعني تعزيز قدرة مصر على مكافحة التهريب على طول الحدود مع الحفاظ على منطقة منزوعة السلاح في سيناء على النحو المنصوص عليه في معاهدة السلام. 

وتنص اتفاقية فيلادلفيا على أن القوات المصرية المسموح بها حديثًا ستتعامل حصريًا مع أعمال أو تهديدات التهريب أو التسلل أو الإرهاب، وينص الاتفاق صراحة على أن القوة الجديدة يجب ألا تخدم أي غرض عسكري، كما أن المعاهدة لم تغير وضع المنطقة ج من منطقة «منزوعة السلاح» للطرفين، ولذلك يعد اجتياح اسرائيلي العسكري مخالفة لبنود الاتفاقية  ومعاهدة السلام.

نية مبيتة

تصريحات "نتنياهو" حول اجتياح مدينة رفح الفلسطينية، واخضاع منطقة "محور فيلادلفيا" الحدودية بين غزة ومصر لسيطرة إسرائيل وعلى الأخص نقطة التوقف الجنوبية (في غزة)، أثارت غضب شعبي وبرلماني في مصر، كما أطلقت منظمات دولية إدانتها للتفكير الإسرائيلي وحذرت من هذه المحاولات، إلا أن الخطر الأكبر الذي أثارته هذه التصريحات ينطوي تحت تهديد اتفاقية السلام المبرمة بين مصر واسرائيل، على الرغم من استمرارها 40 عامًا، وصعّدت التصريحات الإسرائيلية الخلاف في الخفاء والعلن. 

وترجع نية الجانب الإسرائيلي لاستعادة محور فيلادلفيا لقبضتها منذ سيطرة حماس على قطاع غزة في 2007، وبعد حادث اقتحام بعض الفلسطينيين لمعبر رفح في 2008 لشراء المؤن اللازمة والطعام، بعد تضييق اسرائيل على القطاع، وزعمت أيضًا اسرائيل في هذا الوقت امداد حماس بالاسلحة من خلال المعبر والانفاق.

وعلى الرغم من تصريحات مصر المستمرة برفضها عمليات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى أرض سيناء أو أي أرض أخرى، والتأكيد على اخضاع سيطرتها على المعابر والأراضي الحدودية من الجهة المصرية، إلا أن إسرائيل تبدو ماضية في قراراتها الوحشية ومخالفة القوانين والمعاهدات الدولية.

فحسب ما أفادت به وسائل إعلام عبرية مع مطلع الأسبوع الجاري، أعلن "هرتسي هاليفي" رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أنه وافق بالفعل على عملية في رفح ثلاث مرات، وأن الجيش ينتظر الضوء الخضر من الحكومة الاسرائيلية  لتنفيذها. 

موقف مصر

رفضت مصر كل المحاولات الإسرائيلة لعمليات تهجير الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية،  ومحاولاتها اجبار الفلسطينين  للنزوح باتجاه مدينة رفح، وخاطبت مصر بلهجة حادة الحكومة الاسرائيلية، ونفت مزاعمها الباطلة بوجود أنفاق يتم من خلالها تهريب السلاح الي قطاع غزة تمر بالأراضي المصرية والحدود الفاصلة بما فيها محور فيلادلفيا، واصفةً محاولات اسرائيل لخلق شرعية مزيفة لاحتلال ممر صلاح الدين.

وكان بيان الهيئة العامة للاستعلامات، واضحًا فيما يخص الأنفاق، حيث أكد على أن الجهود المصرية قضت على أكثر من 1500 نفق إبان حكم الإخوان، إضافة إلى وضع منطقة عازلة بطول 5 كيلو متر مابين مدينة رفح المصرية والحدود الفلسطينية مع غزة

وفيما حذر خبراء وسياسيون مصريون من انفجار الوضع بما يهدد اتفاقية السلام في حال  ضرب أجزاء الشريط الحدودي في ممر فيلادلفيا، أكد أيضًا أعضاء مجلس النواب على قدرة مصر على الدفاع عن نفسها إزاء أي تعدي على أراضيها.

ووصف النائب عصام هلال وكيل لجنة التشريعية والدستورية بمجلس الشيوخ، تصريحات إسرائيل أنها غير مسؤولة  وغير مقبولة، وأن مصر قادرة على الردع وأن حرب 73 خير دليل على ذلك، وأنه لا تهاون في الأمن القومي المصري، مشيرًا في تصريحات تليفزيونية إلى أن مصر ترفض تهجير الفلسطينيين وأن القضية الفلسطينية خط أحمر.

كما أكد النائب مصطفى بكري، أن عملية اجتياح رفح تهدف إلى خلق أمر واقع  بزعم منع المساعدات، وأن هذه المحاولات لجر مصر في نزاع  عسكري، وأن هناك  مؤشرات أن اسرائيل ماضية في عملية عسكرية بمباركة أمريكية، وأن القيادة المصرية ستتعامل بقوة وحكمة، لعدم الانجرار لذلك.

إدانات دولية

وعلى المستوى الدولي أعرب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان عن قلقه إزاء الهجوم الذي ينفذه جيش احتلال الإسرائيلي على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، وقال عبر حسابه الرسمي على موقع X: " أشعر بقلق شديد بشأن المعلومات عن قصف وعن هجوم بري محتمل للقوات الإسرائيلية على رفح مشيرًا إلى أن المحكمة الجنائية الدولية  ستقوم بملاحقة أي طرف ينتهك القوانين الدولية.

وأوضح المدعي العام أن هناك تحقيقات تمضي قدمًا في أي جرائم يشتبه بأنها ارتكبت وانها قد تتوسع لتشمل أي عمليات منذ 7 اكتوبر، وأن من ينتهكون القانون سيخضعون للمساءلة، مضيفًا: "كل الحروب لها قواعد والقوانين السارية على النزاع المسلح لا يمكن تفسيرها بما يجعلها جوفاء وفارغة من المعنى".

كما أكد فولكر تورك مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، في بيان صحفي، أن احتمال تدشين اسرائيل لتوغل عسكري كامل في رفح سيكون مرعبا، نظرا لإمكانية تعرض عدد كبير للغاية من المدنيين وأكثرهم من النساء والأطفال للقتل والإصابة، مشيرًا إلى أن نحو 1.5 مليون فلسطيني مكتظون في رفح على الحدود المصرية بلا مكان آخر يفرون إليه.

وحذر المفوض السامي من الأعمال التي تنتهك قوانين الحرب، مشيرًا إلى أن احتمال تنفيذ مثل هذه العملية في رفح في ظل الظروف الراهنة يهدد بمزيد من الجرائم الفظيعة، داعيًا اسرائيل بالالتزام بالقوانين الدولية.

انتقادات اسرائيلية

لم تخلو الانتقادات الموجه لنتنياهو من داخل بني قومه أيضًا، فالجنرال الإسرائيلي السابق يتسحاق بريك حذر من أن الحكومة المصرية لن تسمح بأي عملية تهجير في رفح، والتي ستكون نتيجتها إلغاء معاهدة السلام وحينها ستصبح مصر دولة عدوة، مشيرًا إلى أن مصر أقوى جيش عربي في الشرق الأوسط وأن  عدائها في غير صالح الجيش الإسرائيلي.