تناولت الكاتبة الصحفية والإعلامية داليا عبدالرحيم، مقدمة برنامج «الضفة الأخرى» ونائب رئيس قطاع الأخبار لملف الإسلام السياسي، واحدة من أهم وأخطر التحديات التي خاضتها وتخوضها مصر في تاريخها الحديث، وهي معركة مواجهة الإرهاب.
وقالت الكاتبة الصحفية والإعلامية داليا عبدالرحيم، خلال برنامج “الضفة الأخرى”، المذاع على “القاهرة الإخبارية”، إن مصر واجهت التنظيمات المتطرفة في تسعينيات القرن الماضي لنحو عقدين كاملين، قدم خلالهما الشعب المصري الكثير من أجل تفكيك ومواجهة أخطر تلك التنظيمات في ذلك الوقت الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد، وفعلت مصر نفس الشيء بعد العام 2013 عقب مخططات قوى وجماعات التطرف والعنف، وفي مقدمتهم جماعة الإخوان للاستيلاء على مقدرات الدولة والشعب المصري حتى باتت التجربة المصرية التجربة الأهم بين كل تجارب مواجهة الإرهاب في المنطقة العربية.
وتناولت أيضا تكلفة الحرب على الإرهاب، وكيف واجهت مصر تنظيمات الإرهاب في تجربتين؛ الأولى في فترة التسعينات من القرن الماضي، والتجربة الثانية بعد ثورة 30 يونيو 2013، كما تناولت تقييم تجربة المراجعات الفكرية للتنظيمات المتطرفة.
وقالت: إن محاولات جماعات الإرهاب لإسقاط مصر في شباكها حلم راود تلك الجماعات على تنوع مسمياتها وأساليب حركاتها؛ منها من مهد لفكر العنف والتطرف كجماعة الإخوان، والتي سعت دائما خاصة في فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، لتبرير إرهاب الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد؛ بل ومنحه الشرعية الدينية والفقهية والفكرية وتقديم الدعم المادي والمعنوي لتلك الجماعات في عدائها لمصر وحربها على مقدرات الوطن بالإضرار بالاقتصاد المصري واستهداف قطاع السياحة والوحدة الوطنية.
وأضافت أنه في مرحلة تالية وعقب نجاح الشعب المصري في التخلص من "دولة الإخوان" في ثورة 30 يونيو سقط القناع تمامًا عن فكر ونهج الإخوان، وخرجت حركات وتنظيمات إرهابية مسلحة من داخل البناء التنظيمي الإخواني كتنظيم “حسم”، الذي تأسس في يناير2014، كجناح عسكري لجماعة الإخوان الإرهابية، ومن خلال بياناتها أعلنت مسئوليتها عن العمليات الإرهابية في الداخل المصري، وانتهجوا ما أسموه "العمليات النوعية" التي تستهدف المنشآت العامة والحيوية بالدولة والعاملين بها، وجاء سعيهم هذا لتحقيق أغراض جماعة الإخوان بإسقاط نظام الحكم القائم بالبلاد.
وأوضحت أنه من أبرز قادة "حسم" ومؤسسها القيادي الإخواني محمد كمال مسئول اللجان النوعية داخل جماعة الإخوان، والذي قُتل في مواجهات مع الشرطة بمنطقة البساتين في أكتوبر عام 2016، والقيادي الإخواني مجدي شلش، عضو اللجنة الإدارية العليا للإخوان، وهو هارب خارج مصر، فضلا عن تنظيم “لواء الثورة” أحد أذرع "جيش المرشد"، كان الظهور في أغسطس 2016، وكانت أول عملية يتبناها الهجوم على كمين "العجيزي" في مدينة السادات بالمنوفية، في21 أغسطس 2016، والذي أسفر عن مقتل شرطيين وإصابة 3 آخرين و2 مدنيين، كما تبنت الحركة اغتيال العقيد عادل رجائي، قائد الفرقة التاسعة مدرعة أمام منزله، واستهداف مركز تدريب شرطة طنطا بمحافظة الغربية، في أول أبريل 2017، وأصيب فيه 13 شرطيا و3 مواطنين، وتم إدراج تنظيم "لواء الثورة" على قوائم الإرهاب في مصر وبريطانيا والولايات المتحدة والتحالف العربي.
ونوهت بأنه من ضمن هذه التنظيمات تنظيم “أجناد مصر”، الذي ظهر في 2013، وأعلن مسؤوليته عن عدة هجمات على قوات الأمن في القاهرة ومدن أخرى، ويهدف "لإقامة الدين وتحكيم كتاب الله، وإسقاط الطاغوت، وتخليص العفيفات من الأسر" يكفُر بالديمقراطية ويرى أنها "آلية لإطلاق العنان لشهوات الناس وأهوائهم في الغرب، وأن بعض المستغربين من المسلمين يسوِّقون لها لتثبيت دعائم "أنظمة الطاغوت، وشن التنظيم عدة عمليات ضد الشرطة وقتل بعض قادتها وعناصرها، وتبنى استهداف تجمع لقوات الأمن قرب ميدان النهضة بالقاهرة مطلع أبريل 2014، ما أدى لمقتل ضابط أمن وجرح خمسة ضباط آخرين، وقد نفذ "أجناد مصر" تفجيرا في ميدان لبنان بمحافظة الجيزة 18 أبريل 2014، عن طريق عبوة ناسفة، مما أسفر عن مصرع ضابط، وكذلك زرع وتفجير عبوات ناسفة في محيط قصر الاتحادية بالقاهرة يوم 14 يونيو 2014، مما أسفر عن مقتل رجلي شرطة، وكذلك المشاركة في اغتيال العميد طارق المرجاوي، مدير مباحث الجيزة، كما تورطوا في اغتيال العميد أحمد زكي، بقطاع الأمن المركزي، بالإضافة إلى الرائد محمد جمال أثناء استهداف نقطة مرور ميدان لبنان، علاوة على تنظيم “كتائب حلوان” وهو رابع التنظيمات الإرهابية التي خرجت من رحم الإخوان، كانت "كتائب حلوان" والتي ظهرت في أغسطس 2013، لتنفيذ عمليات إرهابية ضد أفراد وضباط الشرطة ومنشآتها وتخريب الأملاك والمنشآت العامة خاصة أبراج ومحاولات الكهرباء، والتنظيم كان مدعومًا من الإخواني الهارب أيمن أحمد عبد الغني زوج ابنة القيادي الإخواني خيرت الشاطر النائب الأول لمرشد الجماعة، حيث اختار مناطق حلوان، وعين شمس والمطرية مسرحا لأعمال العنف والتخريب وبؤرا لتمركز عناصرهم المسلحة، وقد نجحت قوات الأمن في تفكيك والقضاء علي تلك التنظيمات الإرهابية الإخوانية في المعركة الشرسة التي خاضتها مصر ضد الإرهاب بعد سقوط دولة المرشد في 2013.
ولفتت إلى أنه لا شك أن مواجهة ومكافحة الإرهاب لها أشكال متعددة؛ فالمواجهة ليست فقط على المستوى الأمني؛ بل لابد أن تكون أيضًا على المستوى الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والفكري حتى نستطيع أن نجتث هذه الجماعات وأفكارها من جذورها لكي لا تعود مرة أخرى تُهدد الأجيال القادمة وتستنفذ مواردها، ومن بين هذه الجهود المواجهة الدينية، من خلال استعادة السيطرة على المساجد والزوايا، وإنشاء مراصد لمحاربة انتشار الفتاوى الشاذة والتكفيرية، علاوة على تكثيف أنشطة التوعية الدينية بين الشباب في المحافظات، والمواجهة الفكرية والإعلامية، من خلال الاهتمام باستعراض الآثار السلبية لظاهرة التطرف، عن طريق الندوات التثقيفية ولقاءات المثقفين والمفكرين، فضلاً عن الاهتمام بتطوير وتحديث وتنقيح المناهج التعليمية والكتب الدينية، علاوة على الاهتمام ببرامج التوعية ضد التطرف في الجامعات المصرية، والوقاية الأمنية، من خلال عدد من المبادرات التي اتخذتها الدولة.
ولفتت إلى أن أهمية المواجهة الفكرية لتنظيمات الإرهاب والتطرف تهدف في المقام الأول الوصول إلى حلول جذرية لانتشار هذه الجماعات وتوغلها في المجتمعات، وأن أخطر ما نواجهه جميعا وما تواجهه دولنا وأوطاننا هو الفكر المتطرف، وانتشار تيار متطرف يتبنى فكر التكفير وحمل السلاح جراء منظومة فكرية عامرة بالأفكار المغلوطة.
وأضافت أنه بالرغم من المسئولية الحكومية تجاه مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، إلا أن هناك مسئولية تنصب أيضاً في مجابهة التطرف إلى القوى المجتمعية بكافة تنظيماتها الأهلية، والدور المنوط بها في مواجهة الأفكار المتطرفة من خلال أدوارها الاجتماعية والثقافية، فضلاً عما يفترض القيام به من تنظيم للتفاعلات الاجتماعية وصهرها في إطار الشخصية والهوية المصرية، وعلى الرغم من أهمية الجانب الأمني في مكافحة التطرف والإرهاب، إلا أنه لا يمكن اختزال القضية في هذا الجانب فقط، وأن تصدي أجهزة الدولة لها لا ينبغي أن يقتصر على الجانب الأمني وحده؛ لأنه قد يفضي إلى مزيد من العنف، وأن دراسة ظاهرة العنف والتطرف وتفسيرها تنطوي على رؤى فلسفية واجتماعية تختلف عن الرؤى الأمنية، ويجب أن تؤخذ في الحسبان؛ لأنها تغوص في عقل المتطرف، وتهتم بتحليل الدوافع والمؤثرات في سلوكه؛ للوصول إلى البواعث الدافعة إلى ارتكاب جرائمه، وتلك هي الخطوة الأولى في مواجهة المشكلة، واقتلاع جذور الإرهاب.
وأكدت أن مصر لها تجربة مميزة في مكافحة الإرهاب سواء كان في موجته الأولى التي كانت في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، أو الموجة الثانية التي كانت بعد 2013، موضحة أن الموجة الأولى بدأت بحادث اغتيال تنظيم الجهاد 118 ضابطًا ومجندًا ومدنيين، بعد اقتحام مديرية أمن أسيوط في 8 أكتوبر 1981، والتي كان الإرهابي عاصم عبدالماجد أحد المتورطين فيها، وكان ذلك بعد مرور 48 ساعة من حادث المنصة واغتيال الرئيس أنور السادات؛ فكان بداية مسلسل نشر الفوضى في مصر بعد مخطط الجماعات للإعلان عما سموه بالإمارة الإسلامية، وتم ضبطهم ومحاكمتهم في القضية 62 لسنة 1982.
وأشارت إلى أن الأحداث الإرهابية تواصلت بعد ذلك بمحاولة اغتيال أكثر من وزير داخلية بينهم حسن أبوباشا في عام 1986، وزكي بدر «1990»، والنبوي إسماعيل «1991» وعبدالحليم موسى «1992»، وحسن الألفي «1993» فيما استمرت محاولات الاغتيالات بمحاولة اغتيال الدكتور عاطف صدقي، رئيس الوزراء في 23 نوفمبر 1993، والتي اعترف أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة بتورطه فيها، ثم محاولة اغتيال صفوت الشريف وزير الإعلام في 13 ديسمبر 1993 أيضًا، ولم تقتصر محاولات الاغتيال على كبار رجال الدولة فحسب، بل طالت الكُتّاب والمفكرين نجيب محفوظ وفرج فودة وغيرهم.
وقالت إن مصر خاضت معارك شرسة مع الجماعات التكفيرية المسلحة، في تسعينات القرن الماضي والتي نفذت عددًا كبيرًا من العمليات الإرهابية، واستهدفت رموز الدولة وفي مقدمتهم آنذاك الرئيس الراحل مبارك، الذي تعرض لمحاولة الاغتيال عدة مرات من قبل الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد، وشملت المواجهة مع التكفيريين عددًا من التنظيمات الإرهابية، والعمليات التي نفذتها جماعات العنف المسلح التي خرجت من رحم جماعة الإخوان.
ونوهت بأن مصر اتخذت مسارات شمولية وليس مساراً أمنياً فقط في مواجهة جماعات التطرف والإرهاب، حيث تكاملت مع المنجز الأمني على أرض الواقع بكافة تفاصيله مسار "المعالجة الفكرية" في تفكيك ونقد أفكار هذه الجماعات لأن الفكر ببساطة لا يُعالج إلا بفكر، كما جاءت المعالجات التشريعية بسن قوانين تحاصر أنشطة التطرف والإرهاب ليعزز المسارين الأمني والفكري والمسار الاجتماعي والاقتصادي بتدشين عدد من المبادرات التي تهتم بالمواطن المصري.
وتناولت الكاتبة الصحفية والإعلامية داليا عبدالرحيم، الاستراتيجية المصرية لمواجهة الإرهاب بعد ثورة 30 يونيو من خلال المواجهة الشاملة للإرهاب ومشروع بناء الدولة الحديثة “الجمهورية الثانية”، واعتماد حزمة من السياسات التنموية المتكاملة اقتصاديا واجتماعيا وفكريا وتعليميا وإعلاميا للتصدي لأفكار وممارسات جماعات العنف والإرهاب؛ سعيا لكشف زيف أفكارهم التي تحاول خداع الناس برفع شعارات إسلامية بعيدة كل البعد عن صحيح الدين وسماحته واعتداله، ومن هنا كانت أهمية ضرورة فكيك وتصحيح أفكار التشدد والتطرف التي تقود للعنف والإرهاب.
وقالت إن هذه الرؤية المتكاملة تجلت خصوصية وتفرد تجارب وجهود مصر في التصدي للإرهاب وأفكاره، تلك الأفكار والمخططات التي تزايدت حدتها وخطورتها بعد ثورة 30 يونيو؛ حيث احتشدت وتوحدت جماعات التطرف والإرهاب عقب سقوط حلم التمكين بتعبير جماعة الإخوان؛ أي الوصول لحكم مصر، وليس ببعيد عن الذاكرة ما أعلنته ومارسته تلك الجماعات من على منصات تجمعاتهم في رابعة والجيزة وبعض المحافظات.
وأضافت أن مصر والشعب ومؤسسات الدولة واجهوا ذلك التحدي الخطير بوعي وحسم وإرادة شعبية تجسدت في تفويض القائد الأعلى للقوات المسلحة وقتها الفريق عبد الفتاح السيسي في التصدي لتلك المخططات، والحفاظ على وحدة الوطن واستقراره.
ولفتت إلى أنه كان هناك أسلحة أخرى وجنود آخرين تعاونوا وساهموا مع أجهزة الدولة في حربها على الإرهاب، فلا يمكن لدولة ما أن تقضي على ظاهرة الإرهاب بمفردها من دون أن يُغرد معها الشارع بكل أطيافه وطوائفه، الدولة تحمل السلاح من خلال الجهاز الأمني لمواجهة الإرهابيين، بينما يحمل النّاس أمانة الكلمة في مواجهة هذه التنظيمات أيضاً، وكلاهما لا يقل عن بعضهم بعضاً في الأهمية، ومن أهمية مشاركة المجتمع في معركة المواجهة أصبح للفن دور لا يمكن إنكارة في تأثير هذه المواجهة، بل فاق تأثيرها تخيلات الكثير.
وأوضحت أن تأثير الدراما في خطاب جماعات العنف والتطرف يفوق مئة خطبة سياسية أو توجيه مباشر، نظراً الى دور الفن الساحر في تهذيب المشاعر والأحاسيس والتأثير في وجدان متلقيه، فبقدر غياب الفن عن مواجهة ظاهرتي الإرهاب والتطرف في فترات سابقة بقدر ما نجح في تفكيك خطاب هاتين الظاهرتين خلال السنوات القليلة الماضية، هذا ما نلمحه في الإنتاج الدرامي المصري الأخير عندما دخل هذا المعترك.
وتابعت: "وفي الأعوام القليلة الماضية غلب على الدراما المصرية في رمضان طابع المواجهة ومناقشة التحديات التي تؤثر في أمن البلاد والعبّاد، دراما توعوية يحتاجها المشاهد ويبحث عنها، بدت بوضوح في مسلسل الاختيار وغيره، والذي سلّط الضوء على حوادث عاشها الشعب المصري خلال العقد الأخير، حاولت فيها جماعات العنف والتطرف وفي مقدمتها جماعة الإخوان الإرهابية اختطاف الوطن ورهن أبنائه، وهو ما جسدته هذه الدراما ببراعة شديدة.
من جانبها قالت الدكتورة سارة كيرة، مدير المركز الأوروبي للدراسات والأبحاث، إن الإرهاب يؤثر على البنية التحتية للدول بصورة كبيرة، مشيرة إلى أن تكلفة الإرهاب على دخل الفرد والدولة باهظ جدًا، حيث يؤدي الإرهاب إلى تآكل الموارد المالية والبشرية.
وأضافت "كيرة"، خلال حوارها ببرنامج "الضفة الأخرى" الذي تقدمه الإعلامية داليا عبدالرحيم، المذاع على فضائية "القاهرة الإخبارية"، أن الإرهاب يجعل الدول غير مستقرة اقتصاديًا، ويؤدي إلى نفور المستثمر من الدول غير المستقرة، ويؤثر على الموارد البشرية والبنية التحتية، مشيرة إلى أن تأثير الحرب على الإرهاب كبيرة للغاية على التنمية، موضحة أن الحرب على الإرهاب كلفت إفريقيا ما يقرب من 15 مليار دولار، أما الحرب على الإرهاب كلفت القاهرة ما يقرب من مليار جنيه شهريًا، وهذا أثر سلبًا على مستوى دخل الفدر والدولة ككل، بسبب توجيه موارد الدولة للحرب على الإرهاب، للإبقاء على أمن الشعب المصري.
وأشارت إلى أن القطاع السياحي من أكثر القطاعات التي تتأثر سلبًا بالإرهاب في كل الدولة، ففرنسا تأثرت بنسبة 30% بسبب الإرهاب، موضحة أن الحرب على الإرهاب في مصر أثرت سلبًا على موارد الدولة البشرية والاقتصادية، وعرقلت الكثير من خطط التنمية بسبب تآكل الموارد الاقتصادية، وبالتالي تؤثر على سلسلة الإمداد، بسبب ضربها للبنية التحتية.
وأكدت أن الإرهاب يؤثر على مستوى استقرار العملات داخل البلاد، حيث يؤثر بشكل مباشر على المواد المالية للدول، مشيرة إلى أن الحرب على الإرهاب تؤثر بصورة مباشرة على اقتصاد الدول ككل.
بدوره قال الدكتور وائل صالح، خبير الإسلام السياسي، إن التضامن العربي نجح بصورة كبيرة في مواجهة الإرهاب، مشيراً إلى أن مصر استطاعت من خلال الوسائل الناعمة والبحثية في تفكيك الأفكار المؤسسية لجماعة الإخوان الإرهابية عن طريق التحليل النقدي السليم لأصول هذه الجماعة.
وأضاف "صالح"، خلال لقائه ببرنامج "الضفة الأخرى"، الذي تقدمه الإعلامية داليا عبدالرحيم، المذاع على فضائية "القاهرة الإخبارية"، أن التحليلات والدراسات أظهرت ما يمكن أن نطلق عليه بمتلازمة الإخوان المسلمين، التي هي عبارة عن بعض الأمور التي تتنافى مع المواطنة، وعزلة منتسبي الجماعة عن المجتمع، موضحًا أن هناك غلبة للفكر الشعبوي عن الفكر المعرفي لدى جماعة الإخوان الإرهابية، وهناك سيادة لشعار أينما كانت مصلحة الجماعة فثم شرع في الممارسة السياسية، وهذا من شأنه أن يساهم في تقسيم المجتمع.
ونوه بأن هناك طغيانا لدى الجماعة الإرهابية في حصر النقاش على القضايا الدينية، ما يجعل المجتمع منقطع عن حركة العلم والتقدم البشري، كما أن هناك سيادة لمبدأ التفكير المبرر للعنف، للوصول إلى الحكم، معتقدين أن الجماعة هي الفرقة الناجية الحارسة للدين، مشيرًا إلى أن قيم ومبادئ جماعة الإخوان الإرهابية تتنافى مع المواطنة والعيش المشترك، مما يؤدي إلى ظهور العنف وتشرزم المجتمع والحروب الأهلية، مشيرًا إلى أن مصر نجحت في كسر الصورة الزائفة لجماعة الإخوان الإرهابية.
وأكد أن هناك دراسات تؤكد بأن التحريض على العنف، أو توفير غطاء أيديولوجي للعنف لا يمكن التغاضي عنه من أي تعريف موضوعي للإرهاب، ولا يمكن فهم التطرف للجماعات الإرهابية، دون وضع تعريف محدد لهذه الجماعات بشكل عام، منوهًا بأن بعض الباحثين يستثني جماعة الإخوان من دراسته للجماعات الإرهابية، بدعوى أنها جماعة سلمية على خلاف الحقيقة.
وأضاف أن مصر عملت على وجوب اعتبار على كل من يُشعرن أو يستخدم التطرف باسم الدين على رأس سلسلة الجماعات الإرهابية مثلما تفعل جماعة الإخوان، فلن يوجد إرهاب باسم الإسلام دون تبريره أو تطبيعه، من بعض السياسية والإعلامية وقادة الرأي الغربيين، ولن يصبح الإرهاب ظاهرة إلا بغض النظر عنه من قبل بعض الدول لبعض الأسباب السياسية، موضحًا أن الإسلاموية ليست رؤية واحدة، ولكنها تتشارك في سمات رئيسية من التطرف الديني، موضحًا أن أحد سمات الخطاب الإخواني والإرهابي هو ارتكازه على نظريات المؤامرة تجاه الحدث، والعودة إلى صورة مشوهة للدين، والعمل على إقامة نظام سياسي بديل للدولة الوطنية وفرضه بالقوة.
وأشار إلى أن مصر استطاعت تفكيك التعاطف مع جماعة الإخوان المبني على أفكار خاطئة، كما استطاعت مصر تسليط الضوء على تسليع الإسلاموية، فلم يعد من الممكن إنكار تأثير جماعات الضغط والمصالح في تسليع الإسلاموية، واستطاعت مصر أيضًا التنظير لمرجعية معرفية عربية لدراسة الظاهرة الإسلاموية، وفي القلب منها جماعة الإخوان، وإعداد حوار مع الأكاديميات العالمية حول خطورة هذه الظاهرة.