تهاني الجبالي وُلدت في محافظة الغربية ، وتربت في بيئة عائلية محافظة وملتزمة بالقيم والتقاليد. على الرغم من الظروف الصعبة التي قد تواجهها الفتيات في تلك المناطق، إلا أن تهاني استطاعت تحقيق النجاح في مسيرتها العلمية والمهنية.
بدأت رحلتها التعليمية بالحصول على المركز الخامس على مستوى مصر في شهادة الثانوية العامة، مما يدل على استثنائية قدراتها العقلية والتحصيلية. بعد ذلك، انضمت إلى كلية الحقوق في جامعة المنصورة وتخرجت منها في عام 1973، حيث اكتسبت المعرفة والمهارات اللازمة في مجال القانون.
مسيرة مهنية حافلة بالنضال
بعد التخرج، بدأت تهاني الجبالي مسيرتها المهنية كمحامية وعملت في هذا المجال لمدة تصل إلى 30 عامًا، حيث اكتسبت خبرة واسعة في النظام القانوني المصري وكانت تمتلك سجلًا حافلاً من الانتصارات والتميز في مهنتها.
بعد أن عملت لمدة 30 عامًا كمحامية، شغلت تهاني الجبالي عدة مناصب بارزة في مجال المحاماة والقضاء، تم انتخابها كأول عضوة في المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب، وهو مكتب عالي المستوى يمثل المحامين في العالم العربي. كما تولت رئاسة لجنة المرأة في الاتحاد نفسه، حيث كانت تسعى لتمثيل المرأة العربية في المجال القانوني. بالإضافة إلى ذلك، عملت كمحاضرة أساسية في مركز التدريب وتكنولوجيا المعلومات التابع لاتحاد المحامين العرب.
شغلت تهاني الجبالي أيضًا عدة مناصب قضائية وقانونية بارزة، مثل عضوية مجلس نقابة المحامين المصرية، وعملت كمستشارة قانونية للعديد من المؤسسات الاقتصادية. كما كانت تدرس القانون في بعض الجامعات وكانت عضوًا في اللجنة التشريعية والسياسية بالمجلس القومي للمرأة.
قرار تعيينها كقاضية في المحكمة الدستورية العليا أثار جدلاً واسعًا في الأوساط الدينية والسياسية والقضائية، حيث اعتبره البعض تطورًا إيجابيًا نحو تعزيز دور المرأة في المجال القضائي، بينما اعتبره البعض الآخر جريئًا ومثيرًا للجدل.
شاركت تهاني الجبالي في العديد من الحوارات مع المعارضين لتعيينها، وتم اتهامها بأن تعيينها كقاضية لم يكن بسبب كفاءتها القانونية بل بسبب علاقتها بسوزان مبارك، زوجة الرئيس الاسبق حسني مبارك، وذلك وفقًا لبعض المعارضين لها.
صراع مع جماعة الإخوان الإرهابية
تهاني الجبالي استمرت في مسارها المهني والسياسي، إلا أنها واجهت تحديات كبيرة، بما في ذلك استبعادها من منصبها كنائب رئيس المحكمة الدستورية العليا. حيث تم استبعادها من هذا المنصب بناءً على قرار صادر عن الرئيس السابق محمد مرسي، الذي قلص عدد القضاة في المحكمة الدستورية من 19 إلى 11 عضوًا.
على الرغم من جهودها القانونية للعودة إلى منصبها السابق، إلا أن المحكمة الدستورية العليا رفضت طعنها وأكدت استبعادها، مما دفعها إلى مواصلة النضال لاستعادة حقوقها القانونية.
تعبر تهاني الجبالي عن مواقفها السياسية بوضوح، حيث عبرت عن اعتراضها على إدارة الدولة من قبل الرئيس السابق محمد مرسي، وطالبت بالانفصال التام عن جماعة الإخوان المسلمين وعدم السعي لـ«أخونة الدولة». كما هاجمت الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي في عام 2012، واعتبرته انقلابًا على مكتسبات ثورة 25 يناير.
على الرغم من تورطها في السياسة، إلا أن تهاني الجبالي تمتلك تأثيرًا كبيرًا في الساحة القانونية والسياسية المصرية. حيث شغلت مواقع مهمة في الاتحادات القانونية وتم تكريمها عدة مرات باختيارها كأكثر السيدات تأثيرًا في مصر.
بشكل عام، يمكن القول إن تهاني الجبالي تمثل صوتًا قويًا ومؤثرًا في المشهد السياسي والقانوني المصري، ورغم التحديات التي واجهتها، إلا أنها استمرت في النضال من أجل العدالة والمساواة في المجتمع.
رحيل تهاني الجبالي
توفيت تهاني الجبالي في 20 يناير 2020 عن عمر يناهز الـ70 عامًا. كانت وفاتها خبرًا محزنًا للعديد من الناس في مصر وخارجها، خاصةً في الأوساط القانونية والسياسية التي كانت لها تأثيرًا كبيرًا فيها. استذكر الكثيرون مسيرتها المهنية الحافلة ودورها في دعم حقوق المرأة والعدالة في المجتمع.
رحيل تهاني الجبالي ترك فراغًا كبيرًا في المشهد السياسي والقانوني المصري، حيث كانت تُعَدُّ واحدة من الشخصيات البارزة التي كانت تتحدث بوضوح وتصدق في الدفاع عن القضايا التي كانت تعتقد أنها مهمة لتقدم المجتمع وتعزيز العدالة.
على الرغم من رحيلها، يبقى إرث تهاني الجبالي حيًا من خلال عملها وجهودها التي لن تُنسى، وتظل مساهماتها في مجالات القانون والسياسة وحقوق الإنسان محط إعجاب وتقدير الكثيرين.