بينما تشهد الأوضاع فى غزة تأججا بسبب الحرب بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، هى الأعنف منذ بدء الاحتلال، تستمر الفضائح المتعلقة بقضايا الفساد التى تورطت فيها عائلة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بعدما كشفت تقارير صحفية حديثة عن موافقة مكتبه على تنفيذ أعمال ترميم فى المسبح الخاص بمنزلهم فى مدينة حيفا، وذلك أثناء فترة الحرب على قطاع غزة التى اندلعت فى ٧ أكتوبر الماضي، وذلك إلى جانب قضايا عدة يواجهها نتنياهو تحمل تهما بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة.
فوى هذا الصدد نشرت صحيفة "هآرتس" الصهيونية، تقريرا أفادت فيه بأن مكتب نتنياهو أعطى الضوء الأخضر لتنفيذ أعمال الترميم فى المسبح الخاص بالعائلة خلال فترة الحرب على غزة، مما يثير تساؤلات حول الأولويات والأخلاقيات فى ظل الظروف الصعبة التى كانت تعيشها المنطقة فى ذلك الوقت.
وتناقلت التقارير الصحفية معلومات تفيد بأن يوسى شالي، المدير العام لمكتب رئيس حكومة الاحتلال، هو الذى وافق على عملية الترميم فى المسبح الخاص بمنزل عائلة نتنياهو، ما أثار خلافًا مع محاسب المكتب الذى طلب الاستقالة.
من جانبها، نفت زوجة رئيس حكومة الاحتلال سارة نتنياهو، هذه التقارير، مؤكدة أنه لم يتم تنفيذ أى أعمال ترميمية فى المسبح، وأن الأمر كان يتعلق بأعمال صيانة بسيطة فقط.
وبعد انقطاعها بسبب الأحداث الطارئة، استؤنفت محاكمة بنيامين نتنياهو فى قضايا الفساد، حسبما ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل". وكانت جميع القضايا غير العاجلة قد توقفت خلال فترة الحرب على قطاع غزة.
وأوضحت الصحيفة أن نتنياهو يُعفى حاليًا من الحضور فى جلسات المحكمة، لكن قد يتعين عليه الحضور للإدلاء بشهادته فى الأشهر المقبلة.
زوجة نتنياهو فى المحكمة
وفى سياق متصل، حضرت زوجته سارة نتنياهو جلسة استماع فى المحكمة بشأن الاتهامات الموجهة لزوجها بتلقى هدايا غالية الثمن من رجال أعمال.
وفى تطور جديد للقضية، قدم المدعى العام السابق، يهودا فاينشتاين، الذى شغل فى السابق دور محامٍ خاص لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، شهادته أمام المحكمة.
وكانت النيابة العامة قد حاولت التحقيق معه بخصوص استشارة قانونية قدمها لنتنياهو بشأن تلقى الهدايا، لكنه اعترض على ذلك مشيرًا إلى أنه يشكل انتهاكًا لسرية المعلومات.
جرائم نتنياهو
ووفقًا للصحيفة، يُواجه نتنياهو تهمًا بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة فى إطار قضية واحدة، بالإضافة إلى تهم بالاحتيال وخيانة الأمانة فى قضيتين أخريين.
وبدأت محاكمة بنيامين نتنياهو بعد تحقيق فى اتهامات تتعلق بالرشوة والاحتيال وسوء الاستخدام المفترض للثقة خلال فترتيه الرابعة والخامسة فى منصب رئيس الحكومة.
وقد بدأت الشرطة الصهيونية التحقيق مع نتنياهو فى ديسمبر ٢٠١٦، وبعد ذلك أوصت بتوجيه اتهامات ضده. وفى ٢١ نوفمبر ٢٠١٩، تم اتهامه رسميًا بسوء الاستخدام وقبول الرشى والاحتيال، مما أدى إلى تنحيه قانونيًا عن مناصب حكومية، باستثناء رئاسة الوزراء.
وانطلقت محاكمته أمام محكمة منطقة القدس فى ٢٤ مايو ٢٠٢٠، وبدأ الاستماع إلى الشهود فى ٥ أبريل ٢٠٢١. وناقشت النيابة ٣٣٣ شاهدًا، ولا تزال المحاكمة مستمرة حتى ديسمبر ٢٠٢٣.
فى ديسمبر ٢٠١٦، تم فتح قضية رسمية ضد بنيامين نتنياهو وزوجته، تتعلق بتلقى هدايا ثمينة من رجال أعمال أثرياء، فيما يعرف بالقضية ١٠٠٠.
وفى القضية المعروفة باسم القضية ٢٠٠٠، تم تسجيل محادثات بين نتنياهو ورئيس تحرير صحيفة يديعوت أحرونوت، تدور حول تشريعات محتملة قد تؤثر سلبًا على صحيفة "إسرائيل هيوم"، منافسة يديعوت.
أما القضية ٤٠٠٠، فتتعلق بتورط نتنياهو فى صفقة تأثيرية بين شركة الاتصالات "بيزك" ووزارة الاتصالات، التى كان نتنياهو يرأسها فى ذلك الوقت.
وفى ٢١ نوفمبر ٢٠١٩، وجهت لنتنياهو تهم رسمية بالاحتيال وإساءة الاستخدام فى القضيتين ١٠٠٠ و٢٠٠٠، بالإضافة إلى تهم بالاحتيال وإساءة الاستخدام وتلقى الرشاوى فى القضية ٤٠٠٠.
بيبى يلفظ أنفاسه الأخيرة
ومن جانبها نشرت صحيفة نيويورك تايمز، تقريرًا أفادت فيه بأنه من المعتقد على نطاق واسع أن بنيامين نتنياهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، وأنه سوف يضطر إلى التخلى عن منصبه بمجرد انتهاء الحرب فى غزة.
وقالت الصحيفة إن نتنياهو لا يحظى تاريخيا بشعبية فى استطلاعات الرأى ويُلقى عليه باللوم فى الإخفاقات الحكومية والأمنية التى أدت إلى هجوم ٧ أكتوبر الذى نفذته حماس، ومقتل ما يقدر بنحو ١٢٠٠ إسرائيلى والحرب الصعبة التى تلت ذلك، كما يواجه محاكمة طويلة الأمد بتهم الفساد المختلفة.
وذكر التقرير أن رئيس حكومة الاحتلال قد تحدى الرئيس الأمريكى جو بايدن فيما يتعلق بالجهود الأمريكية لخلق مسار ما بعد الحرب نحو حل الدولتين، مع وجود فلسطين منزوعة السلاح إلى جانب إسرائيل.
وبينما تحظى معارضة الدولة الفلسطينية ببعض من التأييد بين الصهاينة فإن تحدى واشنطن يعتبر محفوفا بالمخاطر.
ووصف التقرير نتنياهو، البالغ من العمر ٧٤ عاماً، والمعروف باسم "بيبي"، بأنه كان راقصاً رائعاً عبر الرقصات المعقدة للسياسة الصهيونية، بعد أن نجا من العديد من التوقعات السابقة بسقوطه.
انعدام الثقة
ووفقًا لتقرير "نيويورك تايمز"، يمكن لأى عضو فى "الكنيست"، أن يحصل على دعم أغلبية أعضائه أن يصبح رئيسًا للوزراء، كما أشارت الصحيفة إلى أنه فى الحكومة الحالية التى يقودها الليكود، من المرجح أن يأتى هذا التحدى من أحد أعضاء الحزب.
وقال أمنون أبراموفيتش، المحلل السياسى فى القناة ١٢، وهى منفذ إخبارى إسرائيلي، والسيد فيفر من صحيفة هآرتس، إن ٥ مشرعين على الأقل من حزب الليكود سيتعين عليهم الانفصال عن الحكومة الحالية واتخاذ قرار بشأن بديل للسيد نتنياهو من داخل حزبهم، ثم الحصول على موافقة أغلبية المشرعين على اختيارهم، موضحة أن الهدف من هذه الآلية هو إسقاط حكومة بينما يتم تنصيب أخرى بأقل قدر من التعطيل.
وأكد التقرير، أنه من جهة أخرى، تعلم قيادة الليكود أنه استناداً إلى استطلاعات الرأى الحالية فإن الحزب سوف يُسحق فى أية انتخابات جديدة.
وقال أبراموفيتش إن نتنياهو فقد "ربما ٥٠٪ من دعمه" بين ناخبى الليكود بسبب إخفاقاته الأمنية، ورفضه تحمل المسئولية عن كارثة ٧ أكتوبر، وما يعتبرونه "لعبه السياسى خلال الانتخابات".