إلحاقا لسلسة المقالات "رسالة إلى الرئيس"، نصل إلى المقال الخامس والأهم في تحديد أولويات العمل طبقا للأهمية، لحين توليد جهاز إداري جديد للدولة في غضون عام أقصاه.
في ظل ما تشهده دول العالم من حالة تمخض ما بين أحداث متناثرة نتيجة لحرب شرسة، ما بين نظام عالمي قادم متعدد الأقطاب برئاسة دول البريكس بقيادة الصين وروسيا واللذان يمتطيان طريق الحرير الصيني عنوان هذا النظام، وما بين تعند وتحجر وعدم استسلام لنظام عالمي قائم متراجع بقيادة أمريكا ودول الغرب، وبما أن دولة مصر هو الرحم لذلك التمخض بسبب موقعها الجغرافي كدرب ومسار يربط قارات العالم ويحاط به جميع الموارد والثروات التي ستحكم الاقتصاد العالمي مستقبلًا.
هنا الرؤية الواضحة منذ سنوات طويلة، وكان لابد من الاستباق بالعمل القوي والجاد لتوفير الأمن الغذائي الذاتي، حتى تستطيع مصر الصمود والاستمرار وعدم الوقوع تحت مقصلة الدولار الذي هو رأس حربة النظام العالمي القائم المتراجع، وهذا ما حدث الأن وجعلنا تحت ضغوط كبيرة، وما أود طرحه الأن متعلق بثلاث دروب في منتهي الأهمية لتوفير الأمن الغذائي الذاتي في غضون عامين فقط.
أولا – النيل، يتم وضع النيل تحت حكم الردع العسكري وهذا ما كان يجب فعله منذ عشرات السنوات، والخطوة الأولي تتمثل في قيام الدولة بتطهير المجري ورفع "الطمي" والجزر والانشغالات "مباني وزرع ومشروعات متنوعة" من داخل المجري ومن جوانبه وسواحله، بحيث يتم استغلال ذلك الطمي بتحويله إلي سماد عضوي بعد اختلاطه بعناصر أخري وتعبئة ذلك السماد في عبوات "50 و100" كيلو جرام، وتوزيعها علي الجمعيات الزراعية لتكون جزء يمثل 25% من حصة الفلاح من السماد الكيميائي، علي أن تباع بثمن زهيد مع رفع كميات كبيرة إلى الأراضي المستصلحة لخدمة التربة وتغيير جودتها، وبذلك يكون المكسب ثلاثي المضاعفة.
ثانيا – الفلاح، لابد من منحه بعض المميزات التي غابت عنه طوال التاريخ مثل تأمين صحي مجاني هو وأسرته وتأمين اجتماعي بعد سن الستين وإعفاء أولاده من مصروفات التعليم إلخ.
ثالثا، الأراضي المستصلحة، من الخطأ الجسيم بيعها للشركات الاستثمارية لأننا بذلك نسلم أمننا الغذائي "رقبتنا " إلي يد "الغريب" ونكون تحت رحمته، بل المطلوب والحل الأمثل هو تجهيز تلك الأراضي وتقسيمها إلي قطع من الأفدنة ما بين 5 - 10 – 15-20، ومن ثم تجهيزها بالبنية التحتية من ماء وكهرباء وطرق ووسائل نقل ومعدات زراعية وبنايات لمشروعات حيوانية ودواجن وطيور... الخ، وبيعها للفلاحين كلٌ في حيزه الجغرافي طبقا للمحافظة، بالتقسيط على سنوات مع فرض دورة زراعية تهدف إلى توفير المنتجات والمحاصيل التي تدخل في الأمن الغذائي وصناعته.
ملحوظة هامة، أنا من محافظة المنيا وتواصلت منذ فترة مع جهات مختصة للحصول على عدد من الأفدنة غرب المنيا لزراعتها وإنشاء مشروعات غذائية من مواشي ودواجن وألبان ولحوم، وكنت أهدف بذلك خدمة أهل قريتي ومدينتي، لكن كان الرد أن المتقدم للشراء يستلزم أن يتوفر له ثبوتيات ومستندات مثل سجل تجاري ولا يقل عدد الأفدنة عن المئات وسعر الفدان تقريبا 40 ألف جنيه" وهنا الكارثة لأن سعر الفدان بخس جدا" فأرجو من مؤسسات الدولة مراجعة ذلك المسار الذي لا يخدم مصلحة الوطن.
*كاتب معنى بالشأن العام