الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

«الجارديان»: ماذا وراء مبادرة إيطاليا فى أفريقيا؟

رئيسة وزراء إيطاليا
رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني والرئيس الكيني ويليام روتو
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

سلطت صحيفة "الجارديان" البريطانية الضوء على مبادرة إيطاليا فى أفريقيا بشأن إمدادات الطاقة التى تغيرت جذريًا خلال عام، فبعدما كانت رئيسة الوزراء الإيطالية اليمينية جيورجيا ميلوني، تدعو منذ فترة طويلة إلى فرض حصار بحرى على طول الساحل الأفريقي، وتمتع الملايين من أنصارها بنظريات المؤامرة القومية البيضاء، قامت الآن، بعد مرور أكثر من عام من ولايتها، بتطهير خطابها بشكل جذري.

وقد أعلنت ميلونى فى الأسبوع الماضي، وفى إطار قمة استضافتها روما، أن النهج "الأبوي" الذى تتبناه أوروبا فى التعامل مع أفريقيا قد فشل. ووعدت بأن إيطاليا ستسعى من الآن فصاعدا إلى إقامة تعاون "متبادل المنفعة" "بين متساوين"، خاليا من "افتراضات الماضى المفترسة".

نهج إيطالى جديد.. ماذا تريد؟
وأضافت "الجارديان" قى تحليل للكاتب جيمى ماكاى أن الحكومة الإيطالية تعهدت فى بادرة تجاه هذا النهج الجديد، بتقديم أكثر من ٥.٥ مليار يورو (٤.٧ مليار جنيه إسترليني) لتمويل مبادرات الطاقة والتعليم والرعاية الصحية والزراعة فى المغرب وساحل العاج والجزائر وموزمبيق ومصر وجمهورية الكونغو وأفريقيا، وآخرين.

فى المقابل؛ تأمل ميلونى أن تتخذ الدول الأفريقية إجراءات للمساعدة فى وقف عمليات عبور القوارب غير النظامية فى أجزاء من البحر الأبيض المتوسط، والتى ارتفعت العام الماضى بنحو ٥٠٪ عن عام ٢٠٢٢. وقد وصفت الحكومة القمة بأنها "نجاح كبير" و"الاجتماع الأكثر تاريخية من نوعه منذ ٢٠٠ عام".

هل المقترح مفيد لأفريقيا؟
وذكرت "الجارديان" أن الاستثمار المقترح لا يبدو مفيدًا بشكل خاص لأفريقيا، ففى حين أن التزام إيطاليا بتمويل المدارس ومرافق تنقية المياه أمر مرحب به من حيث المبدأ، إلا أنه لا يوجد ما يشير إلى أن سياسة مستدامة أصبحت فجأة مطروحة على الطاولة.

وأضافت أنه على العكس من ذلك، عندما نأخذ فى الاعتبار أن هذا الجزء من مبلغ ٥.٥ مليار يورو الموعود قد تم اقتطاعه من الميزانية التى كان من المفترض أن يتم تخصيصها لمشاريع المرونة المناخية، فإن المدفوعات المستقبلية ستقتصر على ٢.٨ مليون يورو سنويًا حتى عام ٢٠٢٦، وأن الشركات الأوروبية يمكنها أن تفعل ذلك.

وقال المحلل جيمى ماكاي: "فى نهاية المطاف، من خلال الاستفادة من المخطط، يبدأ الاستثمار فى الظهور بمظهر أقل شبهًا بتحول تاريخى فى السياسة بقدر ما يبدو وكأنه صفقة غرفة خلفية منظمة على عجل".

وأضاف: "كلما نظرنا أكثر فى تفاصيل "خطة ماتي" التى طرحتها ميلونى (التى سميت على اسم إنريكو ماتي، مؤسس شركة النفط الحكومية إيني)، كلما أصبح من الواضح أن رؤيتها لا تتعلق بالمشاركة فى خلق نماذج جديدة للتعاون العابر للقارات على الإطلاق، ولكن زيادة نفوذ الحكومة الإيطالية على السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي".

تودد ميلونى لرئيسة المفوضية الأوروبية
وأوضح: "لعدة أشهر، كانت رئيسة الوزراء تتودد إلى رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، فى محاولة لإقناعها بأنها، على الرغم من ماضيها الشعبوي، آمنة وموثوقة. فمن دعمها القوى لحلف شمال الأطلسى إلى انسحابها من مبادرة الحزام والطريق الصينية، عملت ميلونى بلا كلل من أجل مواءمة إيطاليا مع حلفاء الاتحاد الأوروبى بشأن القضايا الاستراتيجية الرئيسية".

وأكد أن قمة هذا الأسبوع كانت جزءًا آخر من هذا الهجوم الساحر، ومن خلال جلب ٤٥ من القادة الأفارقة إلى روما قبيل الانتخابات الأوروبية، تهدف ميلونى إلى إظهار قدرة إيطاليا على تأمين اتفاقيات جديدة ليس فقط بشأن الهجرة ولكن أيضًا بشأن واردات الطاقة.

وأشار ماكاى إلى أن رسالة ميلونى كانت على هذه الجبهة واضحة: فى الوقت الذى تسعى فيه القارة إلى تعويض النقص فى الغاز الروسي، فإن حكومتها فى وضع مثالى لمساعدة الكتلة على اكتساب ميزة تنافسية على القوى الأخرى فى المنطقة من خلال إبرام صفقات جديدة مع الجزائر ومصر وروسيا. ليبيا".

وعود لا يمكن الوفاء بها.. ومخاوف من التنازلات
وقال المحلل فى "الجارديان": "إذا كنت تقرأ هذا وتعتقد أن مثل هذا المفهوم الجشع للموارد فى العلاقات بين الاتحاد الأوروبى وأفريقيا لا يتناسب مع خطاب المساواة المكتشف حديثًا الذى تتبناه الحكومة الإيطالية، فلن تكون الوحيد.. فقد أبدى موسى فقى رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، بعض التحفظات القوية بشكل خاص بشأن مقترحات ميلوني، محذرًا إياها من "الوعود التى لا يمكن الوفاء بها"، مذكرًا إياها بأن الأفارقة ليسوا "متسولين".

وأضاف أن المنظمات غير الحكومية وجماعات المجتمع المدنى أعربت عن مخاوفها بشأن الطبيعة التنازلية للمقترحات، وشكت من أن الإيطاليين لم يبذلوا حتى الآن أى جهد للتشاور مع الحكومات والمجتمعات المحلية فيما يتعلق بالاستثمارات، وأنه لا توجد ضمانات لمنع الاستغلال. أو سرقة الموارد الطبيعية التى كانت سمة هيكلية للعلاقات السابقة.

واختتم المحلل جيمى ماكاي، بالتأكيد على أن الحقيقة تظل هى أنه إلى أن تتخذ إيطاليا خطوات جادة لإنهاء استعمار مؤسساتها، فإن أى حديث عن شراكة عادلة محكوم عليه بالنفاق. ويجب أن يبدأ هذا الجهد بالقرب من الوطن.