تمتلئ محاكم الأسرة بقضايا الخلع والطلاق ، كل قصة تحمل بداخلها معاناة ومأساة، وحسب رواية أصحاب هذه القضايا، باتت مشاكلهم حائط سد يعوق حياتهم ويستحيل البقاء معا تحت سقف عش الزوجية، لذلك قرروا اللجوء إلى النزاع داخل المحاكم للحصول على حقوقهم.
مجرد الدخول إلى أروقة محاكم الأسرة ، تجد عجب العجاب من القضايا والخلافات الأسرية يشيب لها الولدان، مختلفة الأسباب متشابهة الهدف وهو "الخلع "، هذه الدعاوي الأسرية ملقاة أمام مكتب فض المنازعات للبحث عن حلول، أغلبها يسعى للخلاص بالخلع وإنهاء الحياة الزوجية للأبد دون تدبر أو تريث في تبعات هذه القرارات المصيرية، ولكن أصحابها وجدوا فيها الأمل للحياة الجديدة والتمتع بحياتهم دون مشاكل زوجية.
واقعة اليوم قد تكون مختلفة وغريبة، هنا أمام محكمة الأسرة بزنانيري وسط القاهرة، وقف عم محمد في محيط المحكمة يندب حظه ويصرخ بصوت يملأه القهر والحسرة متمتمًا: “دي أخرتها.. ده جزاء تعبي وشقايا العمر كله؟!..حسبي الله ونعم الوكيل.. مراتي بعد عشرة العمر والشقي عشان أصرف عليها وعلى أولادي جايه تخلعني!!”.
اقتربنا من الرجل المكلوم صاحب الـ48 عامًا، الذي اخترقت صرخاته المؤلمة قلوب المواطنين المتواجدين أمام المحكمة، حاولنا تهدئته والاستفسار عن مشكلته لعلنا نساعده، فسرد مأساته قائلاً: “أنا بشتغل موظف ارتبطت بزوجتي قبل سنوات طويلة عشنا سويا حياتنا الزوجية في بدايتها بكل هدوء، كل منا يسعى ويجتهد لكي يسعد الآخر، نتقاسم اللقمة الواحدة بكل رضا، مرت السنوات وكرمني الله بالذرية (بنتان وولد)، بشقي وبتعب ليل ونهار عشان أوفر قوت أسرتي، في النهار أعمل في الوظيفة الحكومية، وفي المساء أستقل سيارة تاكسي أشتغل عليها لأحسن دخلي وأوفر متطلبات أسرتي ونفقاتهم وألبي احتياجاتهم وخاصة في ظل تدني الأحوال المعيشية والغلاء، كان جزائي في النهاية تمرد زوجتي التي لم أكن أتوقع منها أن يكون الخلع وجرجرة المحاكم بحجج فارغة رأتها أم عيالي أنها تعوق وتمنع استكمال حياتنا”.
تابع الزوج وغلبت دموع الحسرة عينيه: “أشتغل ليل ونهار عشان أسعد أولادي وأربيهم وأعلمهم، لا يهمني سوى إسعادهم وتلبية احتياجاتهم، الشقي كسر دهري وكنت لا أبالي وأضع أمام عيني أن هذه رسالتي في الحياة كأب يرعى عائلته، لم أتوقع أن نهاية تعبي ستكون الغدر والخيانة من أقرب الناس.. أم أولادي وعشرة عمري!! ولكنها هي الحياة الزائفة”.
وأضاف عم محمد: “مراتي تركت المنزل واختلقت حججا ومبررات غير حقيقية ومنها إنني لا أنفق عليهم وأتركهم دون مصروف للبيت، وزادت حدة الخلافات بفضل كيد زوجتي المتمردة، حتى أنها نجحت في دب الكره والضغينة في نفوس أولادي تجاهي، حاولت الصلح كثيرا لعلها تعود لرشدها وصوابها وتقدر عشرة عمرنا، ولكن خابت ظنوني”.
واختتم حديثه: "أهو واقف أندب حظي قدام المحكمة بعد ما خربت بيتنا ولجأت للخلع.. أم أولادي أكلتني لحم ورمتني عضم".