يحتفل جموع المسلمين بدايةً من مغرب غدًا الأربعاء بذكرى رحلة الإسراء والمعراج فهي معجزة ربانية على الرّغمِ من عدمِ ذكرِ المعراج تصريحًا في آياتِ القرآنِ الكريمِ، إلَّا أَّنها اشتَملت إشاراتٍ تُؤيِّدُ صحَّتها، منها ما وَرَدَ في قوله تعالى: «وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ*عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ*عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ*إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ*مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ*لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ»، ولانزال لا نعرف الكثير عن أسرارها التي أخفاها الله عن العوام من خلقه.
أراد الله بها أن يخفف آلام رسوله الكريم بعد عام الحزن الذي فقد فيه من يسانده في ظل أذى المشركين وما لاقاه من أهل الطائف، وسبق عام الحزن سنوات عجاف مرت على المسلمين، وأيَّدَ الله بها نبيَّهُ محمدًا- عليه الصَّلاة والسَّلام، ونَصَر بها دعوتَهُ، وأظهَرهُ على قومِه بدليلٍ جديدٍ ومعجزةٍ عظيمةٍ يعجزُ عنها البَشر؛ إذ أسرى بهِ من المَسجدِ الحرامِ في مكَّةَ إلى المسجدِ الأقصى في مدينةِ القدس، فكانت مواساة للنبي وتعظيمًا له ولقدره وكونه.
والرأى الذي رجحه بعض أهل العلم أن رحلة الإسراء والمعراج كانت ليلة السابع والعشرين من شهر رجب في العام العاشر من البعثة النبوية أي قبل الهجرة من مكة إلى المدينة بنحو 3 سنوات، في عام الحزن، الذي توفى فيه أبو طالب جد الرسول، الذي كان ينصر النبي صلى الله عليه وسلم، والسيدة خديجة رضي الله عنها التي كانت وزيرة الصدق للرسول صلى الله عليه وسلم.
شقوا بطن النبى وغسلوه بماء زمزم
ورد أن حِكايةُ الإسراء بدأت، كما يرويها صحاِبته- بِقدومِ ثلاثةٍ من الملائكةِ الكِرامِ، بينَهم جبريلُ وميكائيلُ، فجعلوا جَسدَ رسولِ اللهِ لِظهرهِ مستقبِلًا الأرضَ وهو نائم، ثمَّ شقُّوا بطنَهُ، فغسَلوا ما كانَ بهِ من غلٍّ بماءِ زمزمَ، ثمَّ ملأوا قلبَه إيمانًا وحِكمةً، ثمَّ عُرَضَ له لبن وخمر، فاختارَ الرَّسولُ الكريمُ اللَّبنَ فشَرِبهُ، فبشَّرهُ جبريلُ بالفِطرة.
زيارة الرسول لمصر وصلاته على أرضها
ثمَّ أركبَهُ جبريلُ دابَّةً يُقالُ لها البُراقُ، فانطَلَق بهِ البُراقُ إلى المسجدِ الأقصى يسوقُهُ جبريل، فأنزَلَهُ طيبَةَ، فصلَّى بها، وأخبرهُ ما يكونُ من هجرتِه إليها، ثمَّ أنزلَهُ طورَ سيناءَ حيثُ كلَّمَ الله موسى عليهِ السَّلامُ، فصلَّى بهِ، ثمَّ أنزَلهُ بيتَ لحم مولِدَ عيسى عليهِ السَّلامُ، فصلَّى فيها، ثمَّ دنا بهِ إلى بيتِ المقدِسِ فأنزَلهُ بابَ المَسجِدِ، ورَبَطَ البراقَ بالحلقةِ التي كان يربط بها الأنبياءُ، ثمَّ دخلَ المسجد ليَلتقي أنبياءَ الله المبعوثينَ قبلَه، فسلَّموا عليهِ، وصلّى بهم ركعتَين.
هدايا الرسول لأمته في ليلة الإسراء
- أنطقَهُ اللهُ بالتَّحيَّاتِ
- فيهِا فُرِضت الصَّلاةُ
- فيها خُففت الصلاة من خمسين إلى خمسة
لماذا حدثت؟
حدثت الرحلة للتخفيف عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم، بعد عام الحزن، الذي مات فيه عمه وزوجته، فيريَه ألوان قدرته بإعلائه في طبقات السماء العليا، وما رافق ذلك من رؤيته الجنة والنار وغيرهما.
جاءت تثبيتًا للنبي محمد- صلى الله عليه وسلم ومواساة وتكريمًا؛ ولتكون بذلك منحة ربانيَّة تمسح الأحزان ومتاعب الماضي.
وحدثت لتهيئة المسلمين والمشركين لعهدٍ جديدٍ من النبوّة والرسالة تمثّل في بداية مرحلةٍ فاصلةٍ في دعوته، واستهدفت ربط أمة القيادة بأسلافها وأصولها من الأنبياء والصّدّيقين والشهداء؛ من خلال إمامته- صلى الله عليه وسلم- بأنبياء الله- عليهم صلوات الله.
هدف الاحتفال بها وإحياؤها؟
كان الهدف الأسمى من احتفال المسلمين برحلة الإسراء والمعراج، ليرقبوا عن كثب إلى أي مدى أطلع رب العزة سبحانه وتعالى، الملأ الأعلى وأهل السماوات وأهل الأرض على كرامة الرسول- صلى الله عليه وسلم- وعظمته.
مشاهد من السماء في الليلة المباركة
جبريل على هيئته الحقيقية
رأى النبي- صلى الله عليه وسلم- في رحلة المعراج المَلَكْ جبريل- عليه السلام- في صورته التي خلقه الله عليها، وهي خلقة عظيمة، وآية من آيات الله، فهو مخلوق عظيم له ستمائة جناح، كل جناح منها حجمه مدّ البصر، وقد رآه النبي مرتين على صورته الحقيقية، حيث رآه في الأفق الأعلى، وعند سدرة المنتهى، والمقصود هنا أن الذي رآه النبي -صلى الله عليه وسلم- هو جبريل- عليه السلام، لكن ظَنَّ البعض أنه رأى ربه في رحلة المعراج، والصواب أنه لم يره، ودليل ذلك قول عائشة -رضي الله عنها- عندما سُئلَّت عن ذلك قالت: إنه لم ير ربه، وقرأت قول الله تعالى: (لا تُدرِكُهُ الأَبصارُ وَهُوَ يُدرِكُ الأَبصارَ).
يعني: لا نرى الله في الدنيا، أما في الآخرة فسوف يراه النبي -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنون يوم الحساب، وفي الجنة، بإجماع أهل السنة والجماعة، بحيث يرونه رؤية ثابتة واضحة بيقين لا شبهة فيه، ووضوحها ويقينها كرؤية الشمس والقمر، وهذه الرؤية خاصة بأهل الإيمان، أما الكُفار فهم محجوبون عن رؤية الله -تعالى- بنص القرآن الكريم.
البُراق
رأى النبي- صلى الله عليه وسلم- البُراق، وهو دابة أبيض طويل أكبر من الحمار وأصغر من البغل، وهي الدابة التي ركبها النبي -صلى الله عليه وسلم- للانتقال من مكة المكرمة إلى بيت المقدس في رحلة الإسراء.
الأنبياء
ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري أن النبي- صلى الله عليه وسلم- أثناء صعوده إلى السماء برفقة جبريل- عليه السلام- رأى في كل سماء نبيًّا أو أكثر من الأنبياء، وسلَّمَّ عليهم، على النحو الآتي:
في السماء الأولى: رأى آدم عليه السلام. وفي السماء الثانية: رأى عيسى ويحيى عليهما السلام. وفي السماء الثالثة: رأى يوسف عليه السلام. وفي السماء الرابعة: رأى إدريس عليه السلام. وفي السماء الخامسة: رأى هارون عليه السلام. وفي السماء السادسة: رأى موسى عليه السلام. وفي السماء السابعة: رأى إبراهيم عليه السلام.
ومما ثبت واتفق عليه العلماء أن النبي- صلى الله عليه وسلم- صلّى في رحلة الإسراء والمعراج بالأنبياء إمامًا، ولكنهم اختلفوا متى تم ذلك، فمنهم من قال إنه أمَّهم عند مَقْدِمه إلى المسجد الأقصى، ومنهم من قال إنه أمَّهم وهو يعرج إلى السماء، واختار الإمام ابن كثير- رحمه الله، أنه قد أمَّهم بعد أن نزل من العروج إلى بيت المقدس.
مالك صاحب النار
جاء في الأحاديث أن النبي- صلى الله عليه وسلم- رأى في رحلة الإسراء والمعراج، المَلَك خازن النار؛ وهو مالك عليه السلام، حتى إن مالك هو الذي بدأ النبي- صلى الله عليه وسلم- بالسلام.
البيت المعمور
هو بيت يصلّي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه أبدًا، وقد ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري أن النبي- صلى الله عليه وسلم- أثناء صعوده إلى السماء برفقة جبريل- عليه السلام- رأى البيت المعمور، حيث قال: «فَرُفِعَ لي البَيْتُ المَعْمُورُ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ، فَقالَ: هذا البَيْتُ المَعْمُورُ».
سدرة المنتهى
رأى النبي- صلى الله عليه وسلم- في رحلة المعراج الجنة ونعيمها، ورأى سدرة المنتهى، ودليل ذلك قوله: «ورُفِعَتْ لي سِدْرَةُ المُنْتَهَى».
نهر الكوثر
ورأى النبي- صلى الله عليه وسلم- في رحلة المعراج نهر الكوثر، الذي خصّه الله به وأكرمه به، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «بيْنَما أنا أسِيرُ في الجَنَّةِ، إذا أنا بنَهَرٍ، حافَتاهُ قِبابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ، قُلتُ: ما هذا يا جِبْرِيلُ؟ قالَ: هذا الكَوْثَرُ».
النار
واطلع النبي- صلى الله عليه وسلم- في رحلة المعراج على بعض أحوال الذين يعذّبون في نار جهنم، ورأى أصنافا متعددة منهم: الصنف الأول: الذين يخوضون في أعراض المسلمين، ويقعون في الغيبة، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «لما عُرِجَ بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخْمِشون وجوهَهم وصدورَهم، فقلتُ: من هؤلاء يا جبريلُ؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحومِ الناسِ».
والصنف الثاني: الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «مرَرْتُ ليلةَ أُسرِيَ بي على قومٍ تُقرَضُ شِفاهُهم بمَقاريضَ مِن نارٍ، قال: قلتُ: مَن هؤلاءِ؟ قالوا: خُطَباءُ أمَّتِكَ».
أما الصنف الثالث: فهم الذين يأكلون الربا، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «رَأَيتُ لَيلةَ أُسريَ بي رَجُلًا يَسبَحُ في نَهرٍ ويُلقَمُ الحِجارةَ، فسَأَلتُ: ما هذا؟ فقِيلَ لي: آكِلُ الرِّبا».
مشاهد حدثت أثناء الصعود
نزل رسول الله عند بيت المقدس وصلى بالأنبياء إمامًا، والتقى بآدم عليه السلام في السماء الدنيا وتبادلا السلام والتحيّة، ثم دعا آدم له بخيرٍ، وصعد السماء الثانية والتقي عيسى ويحيى عليهما السلام، فاستقبلاه أحسن استقبال، وقالا: "مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح".
وفي السماء الثالثة رأى أخاه يوسف عليه السلام، وقد وصفه بقوله: أنه أُعطي شِطر الحسن)، كما التقى بأخيه إدريس عليه السلام في السماء الرابعة، والتقي أخاه هارون عليه السلام في السماء الخامسة.
ثم صعد للسماء السادسة لرؤية موسى عليه السلام، وبعد السلام عليه بكى موسى، فقيل له: "ما يبكيك؟"، فقال: "أبكي؛ لأن غلامًا بُعث بعدي، يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي"، ثم التقي في السماء السابعة الخليل إبراهيم عليه السلام حيث رآه مُسنِدًا ظهره إلى البيت.
لم تكن معجزة رسالة
لم تكن معجزة الإسراء والمعراج من أجل المشركين، فالله يعلم أن من طٌمس علي بصيرتهم لا يمكن أن يؤمنوا فقالوا: «لن نؤمن لرُقيك»، والله بين أنه لو صعدهم بأنفسهم إلي السماء ما كانوا ليؤمنوا.
ولم تكن معجزة رسالة؛ فمعجزة الرسالة هي القرآن الذي أعجز الفصحاء والبلغاء والأدباء والشعراء والإنس والجن، وإنما كانت هذه المعجزة من أجل الرسول ليريه ربه من آياته التي أشارت إليها الآية الكريمة «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا».
فيها خصوصية للنبي دون غيره من الأنبياء
خص الله سبحانه النبى محمد صلى الله عليه وسلم، بهذه المعجزة التى هى من الأمور الغيبية السمعية والبصرية التى لم يشاهدها نبى أو رسول من قبله، وكانت معجزات الأنبياء والرسل السابقين بالسماع فقط، فتسمى في علم التوحيد بالسمعيات، وكلهم أخبرهم الله بالوحى عن طريق السماع فقط.
والوحيد الذي أخبر عن رؤية سمعية ورؤية قلبية ورؤية عينية هو الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فرأى ثواب الطائعين وعقاب العاصين والجنة والنار كما جاء في حديث البخارى" وأدخل الجنة في هذه الليلة"، ليس بالروح فقط وليست رؤية منامية فحسب.
لقاء الله هو منحة الليلة
فرضت الصلاة على المسلمين في هذه الليلة المباركة الذي سعد بها النبي صلي الله عليه وسلم حين التقي بالحضرة الإلهية وأهداه هذه الفريضة لأمته لتكون قربًا لله فقال له "واسجد واقترب".
العودة لموسى لتخفيف الصلاة
حظى الرسول بالعودة لسيدنا موسي عليه السلام مرات عديدة لتخفيف الصلاة، فكان لموسي حذوه لأنه لما طلب الرؤية قال له ربه لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف ترانى، فلما تجلي ربه للجبل جعله دكًا وخر موسى صعقًا، فقال أحد العارفين إذا قارنا قول رب العزة: «لن ترانى» التي قيلت لموسي و«ما كذب الفؤاد ما رأى»، فهمت معنى أن موسي خر مغشيًا عليه وأحمد لم يكن ليزيغ ذهنًا.
معجزة تخطت قوانين أينشتاين
يقول الدكتور مصطفي محمود- رحمه الله- إذا استخدمنا أقصي سرعة معلومة وهي سرعة الضوء التي تصل إلى 180000 ميل/ ثانية سوف يتم الوصول لسدرة المنتهي بعد أكثر من آلاف الملايين من السنين، وجاء في أخبار السيرة النبوية أن النبي بلغ سدرة المنتهي في لحظة، وهنا تأتي القوة الإلهية.
وأضاف «محمود»: ومن المستحيل أن يصل أي جسم إلي سرعة الضوء طبقًا لقوانين أينشتاين: «أي جسم يصل لسرعة الضوء تبلغ كتلته مالا نهاية فيؤدي به القصور الذاتي إلى التوقف فورًا»، وهذه سرعة مستحيلة لا يستطيع جسم أن يصل إليها وتكون هي سقف المعادلات العلمية كلها.
أبو بكر الصديق سند ومعونة
كان أبوبكر الصدّيق- رضي الله عنه- أوّل من صدّق الرسول- عليه الصلاة والسلام- في حادثة الإسراء والمعراج، ذلك أنّه أخبر أبا جهلٍ أولًا، ثمّ جمع القوم ليُخبرهم، فكذّبوه وهرعوا إلى أبي بكرٍ يُخبرونه بما حدّثهم الرسول- عليه الصلاة والسلام، فصدّق وقال- رضي الله عنه: «إن كان قاله فقد صدق».
وطلب القوم من النبيّ- عليه الصلاة والسلام- أن يصف لهم بيت المقدس وصفًا دقيقًا، فوصفه لهم، وأخبرهم أيضًا عن القافلة الآتية إليهم، وحدّد لهم وقت وصولها، فوصلت في الوقت المحدّد، وبذلك أُقيمت الحُجّة عليهم، فآمن مَن آمن منهم.
دعاء النبي في ليلة الإسراء والمعراج
«اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِي، وَقِلَّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَأَنْتَ رَبِّي، إِلَى مَنْ تَكِلْنِي، إِلَى بَعِيدٍ يَتَجَهَّمُنِي، أَوْ إِلَى عَدُوٍّ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي، إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ عَلَيَّ غَضَبٌ، فَلَا أُبَالِي، وَلَكِنَّ عَافِيَتَكَ هِيَ أَوْسَعُ لِي، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتِ، وَصَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، مِنْ أَنْ يَنْزِلَ بِي غَضَبُكَ، أَوْ يَحِلَّ عَلَيَّ سَخَطِكَ، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِكَ».
وماذا قال الصالحون عنها؟
قال الإمام السيوطى عن الحكمة من الإسراء: إنما كان الإسراء ليلًا لأنه وقت الخلوة والاختصاص عُرْفًا.
ويقول الشيخ أبو محمد بن أبي حمزة: ذَكَر أنه أُسْرِيَ به إلى بيت المقدس سألوه عن تعريفات جزئيات بيت المقدس كانوا قد رأوها وعلموا أنه لم يكن رآها قبل ذلك، فلمَّا أخبرهم بها حصل التحقيق بصدقه.
وأمَّا في اختيار النبي للَّبن دون الخمر، فدلالة رمزيَّة على فطرة الإسلام ونقاوته الأصيلة الموافقة للطباع البشريَّة كلها.
وذكر القرطبي كذلك أن الحكمة في تخصيص موسى بمراجعة النبي في أمر الصلاة لكون أُمَّة موسى قد كُلِّفت من الصلوات بما لم تُكَلَّف به غيرُها من الأمم.