بالعربي
ما زال موضوع عائلة توت عنخ آمون يشغل الصفحات الأولي بجرائد عالمية بل ويتحدث عنها ليس فقط العلماء والباحثون فى مجال المصريات بل وكل عشاق الحضارة الفرعونية في العالم كله خاصة أننا نتحدث عن اكتشافات علمية جديدة تكشف الكثير عن الفرعون الذهبي "توت عنخ آمون" وعائلته.
كلنا يعرف أن هناك مومياوات عديدة غير معروفة وتنسب إلى أفراد من العائلة الملكية، وقد كتبنا الأسبق عن مومياء الملك إخناتون والتي أثبتت أن الملك شخص طبيعي لا يعانى من أى تشوهات كما تظهره تماثيله.
أما الكشف الثانى المهم فهو مومياء الملكة تى وهى المرأة القوية المتسلطة والتي تزوجت الملك أمنحتب الثالث أو "باشا" الفراعنة وجعلته يصنع لها تماثيل فى مثل حجم الملك نفسه، بل وشيد لها قصرًا عامرًا في موضع يسمى بالملقطا في غرب مدينة الأقصر أطلق عليه اسم إشراقة أتون، وبه بحيرة صناعية لكى تتنزه الملكة فيها بقاربها الذي صنعه خصيصًا لها.
ومعروف أن الملكة تى بسلطانها وقوتها استطاعت أن تحصل على مرسوم ملكي سمح لأبيها "يويا" وأمها "تويا" بأن يدفنا بوادى الملوك، وهو المكان المخصص لمقابر الملوك فقط، وقد تم الكشف عن المقبرة شبه كاملة واستطعنا الحصول على عينات حمض نووى من مومياء "يويا" و"تويا".
وبعد ذلك قمنا بعمل دراسات وأخذ عينات الحمض النووى DNA من بعض المومياوات الملكية غير المعروفة والتى ترجع إلى الأسرة الثامنة عشر من الدولة الحديثة.
وهناك حوالي سبع مومياوات قمنا بدراستها منها مومياتان عثر عليهما داخل خبيئة المومياوات بمقبرة الملك أمنحتب، إحداهما تعرف باسم "السيدة العجوز" وقد ثبت بأدلة كاملة أن هذه المومياء هى مومياء الملكة "تي" آنفة الذكر.
أما المومياء الأخرى والتى كانت تعرف باسم "السيدة الشابة" فإن التحاليل أثبتت وجود علاقة أمومة بينها وبين مومياء الملكة "تي" وأنها ابنة الملك أمنحتب الثالث، وأم الملك توت عنخ آمون، وبالتالي تصبح زوجة للملك "أخناتون"، وعلى الرغم من تحديد هوية هذه المومياء وعائلتها إلا أن اسمها يظل لغزًا في انتظار أدلة جديدة.
ومن هذه النتائج يتضح أن الملك أمنحتب الثالث والملكة "تي" هما جد وجدة الملك توت عنخ آمون سواء من ناحية الأم أو من ناحية الأب، وهما مومياء السيدة الشابة KV٣٥ ومومياء الملك أخناتون KV٥٥" ويثبت ذلك الكشف أن كلًا من الملكتين "نفرتيتي" و"كيا" زوجتا الملك "أخناتون" ليس لهما علاقة بالفرعون الذهبي "توت".
وأقول إن أم الملك الذهبي لا يمكن أن تكون نفرتيتى أو كيا (الزوجة الأجنبية لأمنحتب الثالث ثم أخناتون) بل هى واحدة من خمس بنات لأمنحتب الثالث ولذلك يحتمل أن يكون أخناتون قد تزوج من شقيقته لكي ينجب ولدًا يتولى الحكم من بعده.
لا تزال الدراسة مستمرة، وهناك مجال كبير لاكتشافات أكثر منها على سبيل المثال مومياء الجنين A، ومومياء الجنين B وهما لأنثيين وجدتا مدفونتين داخل مقبرة الملك، وقد أكدت التحاليل أنهما ابنتا الملك توت عنخ آمون وهذا سوف يساعد على كشف مومياء عنخ اس ان آمون.. ولا يزال لدينا الكثير من المومياوات التي قد يثبت أن إحداها هى مومياء الملكة "نفرتيتى".
وقد تم توثيق هذه الاكتشافات العلمية ونشرها فى دورية جاما وهى المجلة الطبية الأمريكية التى تقبل نشر الدراسات العلمية بعد توثيقها ومراجعتها من قبل علماء متخصصين يعملون على مراجعة الأبحاث العلمية التى تقدم للنشر.
أصبحنا نعرف الكثير عن عائلة الفرعون الذهبي "توت عنخ آمون" الذي شغل العالم مرتين أولًا عند الكشف عن كنوز مقبرته، ومرة أخرى عند تحديد هوية عائلته وسوف نعلن قريبا عن الكشف عن مومياء الملكة نفرتيتي وابنتها عنخ اس ان آمون وكذلك ندرس كل ذلك من خلال المشروع المصري لدراسة المومياوات الملكية.
د. زاهي حواس: من أهم الأثاريين المصريين، وزير سابق للآثار، يحاضر فى العديد من الدول الغربية حول الآثار الفرعونية وتاريخ قدماء المصريين. له مؤلفات بالعربية والإنجليزية فى هذا المجال.. يواصل الكتابة عن عائلة الفرعون الذهبى الملك توت عنخ آمون.
