يزداد عدد سكان العالم كل عام بنسب كبيرة، ويتوقع في العقود القادمة أن تصل الزيادة إلى 33% تقريبًا من العدد الحالي، ليصل عدد السكان إلى 10 مليارات بحلول عام 2050، مما يُشكل تحديات كبيرة بشأن توافر الأمن الغذائي حول العالم، وزيادة الطلب على الغذاء بشكل عام، خاصةً مع وجود تحديات أخرى مثل تحول الرقع الزراعية إلى أراضي غير صالحة للزراعة، بسبب التعرض لنقص المياه والتغيرات المناخية، وباتت هناك تحديات كبيرة للاتجاه نحو خلق فرص بديلة للغذاء من ضمنها الاتجاه نحو الزراعة الذكية أو الزراعة التكنولوجية الحديثة؛ مما دعى مجلس الشيوخ، في جلسته اليوم، إلى مناقشة سبل تعزيز استخدام التكنولوجيا الزراعية الحديثة في مصر.
التكنولوجيا الزراعية الرقمية حول العالم
وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة فى الأمم المتحدة، فإن استخدام التكنولوجيا الحديثة الرقمية في النظام الزراعي داء مدفوعًا بقوتين رئيسيتين في العالم هما ارتفاع الطلب على الغذاء مقابل تناقص الموارد الطبيعية، والقوة الثانية هي تطور القطاعات الاقتصادية الآخري التي تدفع بدورها للابتكار فى القطاع الزراعي.
وأوضحت الأمم المتحدة فى دراستها، أن هناك زيادة فى استخدام الميكنة الآلية بصورة كبيرة، ومنذ اعتماد الولايات المتحدة على الميكنة الآلية لتحل مكان الحيوانات فى عمليات الزراعية في الثلاثينيات من القرن ال19، ومع بداية الثورة الزراعية الرابعة بدأ استخدام التكنولوجيا الرقمية لتلعب دورا حاسما في الانتاج الزراعي. وتشمل استخدام الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة والروبوتات، وأجهزة الاستشعار عن بعد، والنظام العالمي لسواتل الملاحة إضافة إلى الأتمتة والذكاء الإصطناعي المستخدم في اتخاذ القرارات الزراعية وغيرها من عمليات الانتاج المتعلقة.
وأكد تقرير حالة الأغذية والزراعة الصادر 2022 من الأمم المتحدة أن استخدام التكنولوجيا الزراعية الرقمية مثل الروبوتات الذاتية التشغيل في البلدان متوسطة ومنخفضة الدخل، يؤدي إلى تقليل المتطلبات من اليد العاملة البشرية في حالات ندرة العمالة، كما يخفض التكلفة وغيرها من المزايا المتعددة.
بينما أوضح تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي أن 6 % فقط من المزارعين حول العالم، تستخدم التكنولوجيا الزراعية، وذلك على الرغم من التدفق الاستثماري في صناعة تكنولوجيا الغذاء بما يقارب 18.2 مليار دولار، مشيرًا إلى أهمية تحول الحكومات إلى التكنولوجيا الزراعية ودعمها للفلاح والمزارعين الصغار وتقديم خيارات ميسورة التكاليف ويمكن تطبيقها فعليا على أرض الواقع.
تحديات مصرية
وفي هذا السياق قال الخبير الزراعي جمال صيام، أن استخدام التكنولوجيا الرقمية في الانتاج الزراعي هو الرهان الرئيسي الذي تعول عليه الدول في التنمية، وفي مصر هناك تحديات كبيرة تواجه الزراعة يجب آخذها في الحسبان لتطوير العملية الزراعية، حيث تبلغ قيمة الانتاج الزراعي 40% فقط بينما يتم استيراد 60% من الانتاج الزراعي من الخارج.
وأوضح "صيام" لـ "البوابة نيوز" أن مصرتحتاج إلى سياسة زراعية ذات تنظيم مؤسسي ومستقبلي، فمصر لديها 9.5 مليون فدان زراعي (بدون الأراضي المستصلحة حديثًا)، ومايبلغ 55 مليار من مياه نهر النيل، و5 ملليار من المياه الجوفيه ومياه الأمطار، وبهذا الوضع يصبح نصيب الفرد 2.5 قيراط تقريبا، و600 متر مكعب من المياه سنويا، وهذه التقديرات تضع نصيب الفرد تُعد تحت خط الفقر وفقا للنسب العالمية، لذلك يجب الاتجاه إلى استخدام التكنولوجيا لرفع هذه النسب التقديرية.
وأضاف الخبير الزراعي أن الاتجاه إلى الحلول التكنولوجية الزراعية تعتمد على البحوث واستخدام الآتمتة، مشيرًا إلى أن التكنولوجيا المحلية المتاحة تعتمد على البحوث الوطنية ومراكز البحوث التابعة لوزارة الزراعة من خلال انتاج سلالات من البذور والمحاصيل في ظروف مناسبة وانتاجية أعلى.
وتابع "صيام" أن الزراعة الذكية تعتمد على استخدام الطائرات بدون طيار والروبوتات والميكنة بالذكاء الاصطناعي من خلال آلات لا يتدخل فيها الانسان إلا لمتابعة العمليات.
وعن أهم التحديات التي تقابل الحكومة في تطبيق التكنولوجيا الزراعية الحديثة، قال صيام أن ميزانية البحوث الزراعية تبلغ 300 مليون جنيه وهي نسبة ضئيلة تحتاج إلى رفعها ودعمها من الدولة المصرية، إضافة إلى ضرورة تطوير الارشاد الزراعي في مصر وتحفيز الفلاح وتعميم التقاوي المعتمدة واعتماد التسوية بالليزر للاراضي الزراعية.
من جهته أكد عضو مجلس الشيوخ ايهاب وهبة، في جلسة المجلس، لمناقشة سياسة الحكومة وسبل دعمها لاستخدام التكنولوجيا الزراعية الحديثة، أهمية استخدام التكنولوجيا الزراعية الحديثة في الحد والترشيد من استهلاك المياه وتقليل التكلفة الزراعية لعمليات التشغيل، مشيرًا إلى أن هناك طلب على الغذاء بشكل كبير في ظل الزيادة السكانية في مصر وحول العالم.
وأوضح عضو مجلس الشيوخ أن تحسين الانتاجية وضمان استدامة الناتج المحلي من المحاصيل الزراعية يستلزم استخدام التكنولوجية الحديثة للتحكم في الزراعة وزيادة المحاصيل وتحقيق استثمار اقتصادي منها، لافتًاا إلى أن العالم يتجه إلى استخدام الروبوتات والذكاء الاصطناعي وآليات التحكم عن بعد في جميع مراحل الانتاج الزراعي.