الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ماذا سيكتب التاريخ عن حرب غزة؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

إن عاجلًا أو آجلًا سوف تتوقف الحرب على غزة، وسوف يسجل التاريخ مواقف الأشخاص الذين تفاعلوا معها سلبًا أو إيجابًا، تمامًا كما يذكر هتلر وموسولينى ومذبحة الهولوكست فى الحرب العالمية الثانية.  سوف يسجل التاريخ أن الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى قد رفض تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء رغم كل الضغوط الخارجية. وسوف يسجل التاريخ الجرائم ضد الإنسانية التى مارسها قادة إسرائيل، خاصةً بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء، ويوآف جالانت وزير الدفاع، الذى وصف الفلسطينيين بأنهم حيوانات بشرية. وسوف يذكر بن جفير وزير الأمن القومى الإسرائيلي، وسموتريتش وزير المالية، وغيرهم كمجرمى حرب شاركوا فى إبادة جماعية.. على النقيض من ذلك، سوف يسجل التاريخ، مواقف إنسانية نبيلة لبعض المنظمات الدولية مثل هيئة الإغاثة الدولية والهلال الإحمر، وبعض الدول مثل جنوب أفريقيا. وسوف يسجل فى صفحات النبلاء بعض الأشخاص الذين كانت لهم مواقف مشرفة، تتسم بالموضوعية والشجاعة، واتخاذ مواقف تتسق مع الفطرة السليمة والضمير الإنساني. نذكر من هذه الشخصيات مصطفى البرغوثى السياسى الفلسطيني، وأنطونيو جوتيرش أمين عام الأمم المتحدة، ومارتن جريفيث مساعد الأمين العام للشؤون الإنسانية، وسيريل رامافوزا رئيس دولة جنوب إفريقيا وجدعون ليفى الصحفى الاسرائيلى.

أولًا: الدكتور مصطفى البرغوثى، سياسى وطبيب وأستاذ جامعى وكاتب فلسطينى (٧٠ عامًا). ترشح فى سنة ٢٠٠٥،  لمنصب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، ضد الرئيس محمود عباس. خلال هذه الحرب كان البرغوثى هو الصوت  الفلسطينى الذى يدافع عن قضيته بذكاء وموضوعية أمام الصحافة والإعلام. حتى عندما استفزته مذيعة الـBBC البريطانية، خرج منتصرًا من المقابلة. يجيد التحدث وليس محسوبًا على أى من السلطة أو حماس، مما يؤهله لنيل ثقة الفلسطينيين فى أية انتخابات لاحقة.

ثانيًا: أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش (٧٤ عامًا)، سياسى برتغالى يتولّى منصب الأمين العام للأمم المتحدة منذ الأول من يناير ٢٠١٧. كان قبلها رئيسًا لوزراء البرتغال من ١٩٩٥ حتى ٢٠٠٢. وقف فى صف الحق الفلسطيني، وعرض الموضوع على مجلس الأمن إستنادًا إلى مادة تهديد السلم والأمن الدوليين، مما استدعى مندوب إسرائيل لمهاجمته ودعوته للتنحي. وعندما استخدمت أمريكا الفيتو ضد التصويت لصالح وقف الحرب، رفع الموضوع إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة والتى وافقت على القرار بأغلبية ساحقة. قام أيضًا بعرض قرار محكمة العدل الدولية على مجلس الأمن، لكى يحصل على قرار ملزم، ويمنع إسرائيل من الالتفاف على قرار المحكمة الدولية.

ثالثًا:  وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية مارتن جريفيث، دبلوماسى إنجليزى (٧٣ عامًا). عمل فى الدبلوماسية البريطانية والمنظمات الدولية وكان مندوبًا سابقا لجوتيريش فى اليمن. دعاه الأمين العام لكى يدلى بتقريره عن الوضع الكارثى الذى تعيشه غزة أمام مجلس الأمن الدولى يوم ٣١ يناير، وقال الحقائق التى لا تريد حكومة بلاده المملكة المتحدة، ولا حكومة الولايات المتحدة أن تسمعها. قال إن إسرائيل تتعمد تعطيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وأضاف أن توقف عمل المنظمات الأممية خاصة الأونروا فى غزة هو قتل متعمد للفلسطينيين.

رابعًا: رئيس دولة جنوب أفريقيا رامافوزا (٧١ عامًا)، يشغل منصب رئيس جنوب إفريقيا منذ العام ٢٠١٨. كان ناشطًا مناهضًا للفصل العنصري، كما شغل منصب نائب للرئيس جاكوب زوما. دافع عن الفلسطينيين، وشكل فريقًا قانونيًا محترفًا وقام برفع دعوى أمام محكمة العدل الدوليه، يتهم فيها إسرائيل بممارسة التطهير العرقى ضد الفلسطينيين فى غزة، والتى انتهت بقبول المحكمة لنظر القضية، ووضعت إسرائيل وأمريكا فى موقف سئ للغاية، حتى ولو لم تتخذ المحكمة قرارًا بوقف الحرب.

خامسًا: الصحفى الإسرائيلى جدعون ليفي، (٧١ سنة)، عمل مساعدًا لشيمون بيريز بين عامى ١٩٧٨-١٩٨٢. ويكتب لصحيفة هآرتس اليومية. كتب كثيرًا عن معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال، ووصفها بأنها أسوء من الأبارتايد فى جنوب أفريقيا. وفى كل مقابلاته يتهم إسرائيل بالعنصرية ولعب دور الضحية، مما جعل الإسرائيليين يتهمونه أنه بوق لحماس. يعتبر بناء المستوطنات على أراضٍ فلسطينية جريمة، ويصف المستوطنين بأنهم المؤسسة الأكثر إجرامية فى تاريخ إسرائيل. عارض حروب إسرائيل على غزة ولبنان، وقال إنها جعلته يخجل من أنه إسرائيلي. وكتب أن إسرائيل دولة عنيفة وخطرة، وخالية من كل القيود، وتتجاهل بشكل صارخ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

نعم سوف يكتب التاريخ كل من وقف مع الحق والعدل وأنصف الفلسطينيين، وسوف يذكر كل من ارتكب جرائم ضد الإنسانية، وأبدًا لن يفلتوا من العقاب.

د. السعيد عبدالهادي: رئيس جامعة حورس