عزيزي القبطان.."ضع قناة السويس على مسار رحلتك البحرية"، ربما تكون تلك العبارة واحدة من العبارات الترويجية لحملات التطمين التي لابد أن نقوم بها لحماية والتأكيد على دور قناة السويس، فقناة السويس هي من أقدم وأهم الممرات المائية، ذلك الممر المائي الذي حُفر بدماء الأجداد ودفعنا ثمنه مرتين؛ المرة الأولي في حفرها والمرة الثانية في العدوان الثلاثي على مصر إثر تأميمها.
هي من أقدم المشاريع القومية التي عرفها تاريخ مصر الحديث، وعندما جنحت ايفرجيفن بها، وتعطلت الملاحة، شعر العالم كله بأثر ذلك الممر الملاحي ودوره في التجارة العالمي والتي كادت أن تُهدد بسبب تعطل الملاحة لمدة أيام في القناة، وتغيرت أسعار البترول حينذاك وعلم الجميع أنها تشارك في حركة التجارة العالمية وسلاسل الإمداد بأكثر من ٢٠ ٪.
بالفعل تتعرض قناة السويس لخطر قائم نتيجة هجمات الحوثيين في مضيق باب المندب على السفن المارة في اتجاهها لقناة السويس، ولكن لا يمكن أن يكون هناك بديلًا لقناة السويس، فرأس الرجاء الصالح يحُمل السفن كلفة أعلى بكثير ووقت زمني يزيد عن قناة السويس بخمسة عشر يومًا!.
كما أن مسار القطب الشمالي أو قناة بنما لا يمكن أن يكونا بديلين واقعيين لقناة السويس، فضلًا عن تقديم القناة خدمات تنافسية وهي خدمات بحرية مثل الإسعاف البحري والتزود بالوقود للسفن المارة فقد شاركت قناة السويس في عام ٢٠٢٣ بتوفير من ١٠ إلى ٩٠ ٪ من الوقود بإجمالى يصل إلى ١٦.٩ طن من الوقود كما ساهمت في خفض الانبعاثات الكربونية بواقع ٥٥.٤ طن من ثاني أكسيد الكربون مما يجعلها صديقة للبيئة أيضًا.
بالإضافة إلى خدمات الإنقاذ البحري ومكافحة التلوث وخدمات الإصلاح وصيانة السفن بترسانات الهيئة وغيرها من الخدمات التي قد تحتاج إليها السفن المارة في الظروف الاعتيادية والظروف الطارئة، وإصلاح أي سفن تتعرض للهجوم في البحر الأحمر.
ربما على الدولة المصرية وعلينا جميعًا، القيام بحملات دعائية وتطمين إلى سفن الشحن البحري ولكن أرى أن حماية قناة السويس هو مسؤولية العالم كله الذي يدرك دورها غير المسبوق في التجارة العالمية وحماية قناة السويس مما يجرى من هجمات في البحر الأحمر، كما تدرك الصين أهمية قناة السويس ودورها في مبادرة الحزام والطريق أو طريق الحرير الجديد.
الدولة المصرية مسؤولة عن أمن وسلامة السفن داخل القناة وعن تقديم خدمات تنافسية جيدة لكل السفن المارة ولكن على العالم التدخل بشكل مشترك في هيئة تحالف سياسي من أكثر من دولة لحماية الملاحة في البحر الأحمر، فالعالم لا يحتمل في مثل تلك الظروف الدقيقة المزيد من تهديد سلاسل الإمداد أو الأمن الغذائي.
د.ماريان جرجس: كاتبة صحفية