كست معالم الحزن والهم ملامح وجهها، عيناها لم تتوقف عن البكاء، تضرب كفيها بعضهما البعض، غير مُستوعبة ما حدث، لم يخطر في بالها أو خيالها في يومًا من الأيام أن حياتها الزوجية سوف تتحول إلى مأساة ونزاعات مع شريك عمرها وفتى أحلامها داخل أروقة محكمة الأسرة.
تلك كانت ملخص حكاية زينب صاحبة الـ35عامًا داخل محكمة الأسرة في إمبابة، حيث جلست زينب على كرسي تحتضن طفلتها، وتحمل معها حافظة أوراق أتت بها إلى عدالة القضاء بعدما ضاقت أمامها الدنيا من جبروت وطغيان زوجها المخادع البخيل الذي رفض الإنفاق عليها، هي وطفلته وحرمها من أبسط حقوقها في الحياة الزوجية.
ظلت زينب شاردة يمر أمامها شريط ذكريات حياتها، ليقطعه صوت الحاجب مناديا "محكمة"، لملمت زينب شتات أفكارها وأوراقها وعندما نادى على اسمها وقالت : قبل ١٥ عامًا من الآن تقدم زوحي لخطبتي من أسرتي، وأجرى أبي الإجراءات المعتادة بالاستفسار والسؤال عنهم من المقربين والمعارف عن أسرته وسلوكه، وبالفعل وافقت على الزواج منه بعدما نجح في خداعى بكلامه المعسول الزائف، لم تستغرق فترة الخطوبة كثيرا وبعدها تمت الزيجة وانتقلت إلى عش الزوجية، كنت أظن أن حلم حياتي الذي كثيرا ما كنت أحلم به في فتى الأحلام كأي فتاة تحقق، كنت أحلم بالزوج الطيب الوسيم الغيور المحب لأسرته.
تابعت الزوجة المكلومة حديثها: مرت الأيام ورزقنا الله بأول مولودة، وزوجي كان يعمل سائقًا وحياتنا مستورة، كنت أتحمل أعباء الحياة حتى تسير المركب بأمان دون منغصات أو مشاكل، في البداية كان زوحي لا يبخل علينا بأي شىء، كل منا يعرف واجباته المنوطة ويؤديها، تكبر طفلتنا كانت هي كل فرحتنا وسعادتنا.
سكتت الزوجة تلتقط أنفاسها وانهارت في البكاء: لكن تغير حال زوجي كان يأبى الإنفاق عليا وعلى طفلته الصغيرة ويحرمني من حقوقي الزوجية، احترت ما الذي بدل حال هذا الزوج؟ حاسبت نفسي لعلّ التقصير من ناحيتي!؟ احترت سيدي القاضي كان يضربني ويعذبني ويسبني بأبشع الشتائم، حاولت أعاتبه لكي يعود إلى صوابه لنربي طفلتنا وسطنا ولكنه كان يقابل حكمتي في التصرف بالامبالاة والاستمرار في سوء حاله أصبح يتعاطى المخدرات وينفق أمواله عليها مع أصدقاء السوء ويتركني أنا وابنته نعاني ويلات الجوع والفقر، وانهارت :" مكنش بيديني فلوس اشتري لبن لطفلته".
واستكملت زينب مأساتها: ضاقت بي الدنيا في إصلاح حال زوجي وتركت له المنزل وعدت إلى بيت أبي أجر خيبة أملى، طلبت الطلاق ولكنه رفض لكي يذلني ويحرمني من الحصول على حقوقي في النفقة وغيرها، وأمام تعنت هذا الزوج واستمراره في البخل وحب النفس وعدم الشعور بالمسئولية تجاه أسرته ونسي طفلته وأولاده لجأت إلى محكمة الأسرة لكي تخلصني من هذا الكابوس.
وتابعت: لم أكن أتخيل أنه بعد 15 سنة زواجا تحملت خلالها ما لا يقدر أحد تحمله كل ذلك في سبيل الحفاظ على بيتي وعلى أمل أن ينصلح الحال، ولكن بقي الحال كما هو عليه وازداد سوءا، لذلك لجأت إلى عدالة المحكمة، ورفعت ضد زوحي دعوة طلاق للضرر، وتنظر الزوجة المسكينة الفصل في قضيتها لكى تحصل على حقوقها وحقوق أولادها من زوجها البخيل.