مساء يوم الثلاثاء الماضي وقعت حادثة اعتدء جديدة على الأطقم الطبية بمستشفى المطرية التعليمي، بعد قيام أحد المرافقين لحالة محجوزة بالمستشفى، بالاعتداء على طبيب الرعاية المركزة محمد سامي، أثناء عمله وأسقطه أرضا، وأحدث به إصابات كسر بعظام الجمجمة ونزيف بالمخ وكسر بعظمة الترقوة وكدمات متفرقة بالوجه والجسم واضطراب بدرجة الوعي، خضع على إثرها الطبيب لعملية جراحية بالمخ، بحسب بيان نشر صباح الأربعاء لنقابة الأطباء.
لم تكن تلك الواقعة الأولى من نوعها ففي يوم الأربعاء الماضي - اليوم التالي للواقعة - حدثت واقعة أخرى في دمياط بمستشفى طب الأزهر بدمياط الجديدة، وتمت اصابة 11 طبيبًا وفنيًا باصابات متفرقة، من عائلة فقدت ابن في حادثة وآخر كانت حالته مستقرة، بحسب رواية الأطباء.
ويعد هذا المعدل الطبيعي لحوادث الإعتداء على الطواقم الطبية، فشهريا يكون هناك خبرا إما عن اعتداء أو عن عقوبة لمعتدين على الطوقم الطبية.
تفاصيل واقعة المطرية
نبدأ بتفاصيل واقعة الاعتداء كما ترويها النقابة في بيانها كالتالي: تأتي واقعة الاعتداء بعد رفض الطبيب دخول زوجة المعتدي، لزيارة أحد أقاربها بالمستشفى في غير ميعاد الزيارة بناء على التعليمات الإدارية، بعدها توجه المتهم إلى المستشفى وقام بالاعتداء على الطبيب.
عقوبات الاعتداء على المنشآت
وتواصلت نقابة الأطباء مع إدارة المستشفى التي قامت بتحرير محضر باسم المنشأة وعمل مذكرة بالواقعة ورفعها لقسم شرطة المطرية الذي تعاون بدوره في الإجراءات.
وشدد نقابة الاطباء على ضرورة تنفيذ العقوبات التي تصدر بحق المعتدين على الأطقم الطبية والمنشآت الصحية، حتى تكون رادعا لمن تسول له نفسه ارتكاب هذه الجريمة.
وتنص المادة 361 من قانون العقوبات: "كل من خرب أو أتلف عمداَ أموالاَ ثابتة أو منقولة لا يمتلكها أو جعلها غير صالحة للاستعمال أو عطلها بأية طريقة يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر وبغرامة لا تجاوز 300 جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين، فإذا ترتب على الفعل ضرر مالي قيمته 50 جنيهاَ أو أكثر كانت العقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنتين وغرامة لا تجاوز 500 جنيهاَ أو بإحدى هاتين العقوبتين".
وقد تصل العقوبة إلى مدة لا تجاوز 5 سنوات وغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تزيد عن 1000 جنيه، إذا نشأ عن الفعل تعطيل أو توقيف أعمال مصلحة ذات منفعة عامة أو إذا ترتب عليه جعل حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم في خطر.
كما تنص المادة 375 مكررًا من قانون العقوبات، على أنه مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد واردة في نص آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من قام بنفسه أو بواسطة الغير باستعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد بأيهما، أو استخدامه ضد المجني عليه بقصد ترويعه أو التخويف بإلحاق أي أذى به أو التأثير في إرادته لفرض السطوة عليه أو إرغامه علي القيام بعمل طمأنينته أو تعريض حياته أو سلامته للخطر أو المساس بحريته الشخصية أو شرفه أو اعتباره.
كما نصت المادة "327" من قانون العقوبات المصري على معاقبة كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالقتل أو السجن المؤبد أو المشدد أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور مخدشة بالشرف وكان التهديد مصحوبا بطلب أو بتكليف بأمر يعاقب بالسجن.
ويعاقب بالحبس إذا لم يكن التهديد مصحوبا بطلب أو بتكليف بأمر، وكل من هدد غيره شفهيًا بواسطة شخص آخر بمثل ما ذكر يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تزيد على خمسمائة جنيه سواء أكان التهديد مصحوبًا بتكليف بأمر أم لا، وكل تهديد سواء أكان بالكتابة أم شفهيًا بواسطة شخص آخر بارتكاب جريمة لا تبلغ الجسامة المتقدمة يعاقب عليه بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه".
العلاقة بين الهجرة والاعتداء
في دراسة " نقابة الأطباء تدق ناقوس الخطر" والتي صدرت في منتصف عام 2022 أعلنت النقابة أن عدد الأطباء المستقيلين من العمل بالمستشفيات الحكومية في عام 2022 كان الأعلى منذ 7 سنوات، إذ ترك 4261 طبيبًا وظائفهم خلال العام الماضي، وتقدموا بطلبات للحصول على شهادات تتيح لهم العمل خارج البلاد.
فيما أشار استطلاع نشره المجلس الدولي للممرضات في عام 2022 إلى أن ظاهرة الاعتداء على الطواقم الطبية قد اشتدت وتيرتها منذ بداية جائحة كورونا وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، مما دفع السلطات الطبية في الشرق الأوسط والدول المجاورة إلى القول إن الجائحة كانت منعطفًا مهمًا في هذا السياق، فقد تزايدت هجرة الأطباء من بعده.
كما كشفت دراسات استقصائية لأحوال العاملين في مجال الرعاية الصحية بدول الشرق الأوسط أن ما بين 67% و80% من الأطباء والممرضات قد أبلغوا عن تعرضهم لحوادث عنف جسدي أو لفظي أثناء العمل، مما دفعهم للتفكير بالهجرة خارج البلاد، بحسب ما نقلت شبكة Deutsche Welle الألمانية.
وأشار محمود عباس، المستشار القانوني للنقابة العامة للأطباء، إلى أن النيابة في قرارها الأول صباح الأربعاء الماضي قررت حبس المتهم أربعة أيام على ذمة التحقيق وجددت له اليوم لمدة خمسة عشر يومًا آخرين.
وتابع: أن قرار النيابة العامة باستمرار حبس المتهم بالاعتداء على د. محمد سامي طبيب المطرية أثناء تأدية عمله مساء الثلاثاء الماضي بالمستشفى وأحدث به إصابات خطيرة منها كسر بالجمجمة ونزيف بالمخ والبطن والصدر وكسر بعظمة الترقوة اليسرى أجريت للطبيب على إثرها عمليتين جراحيتين.
التطلع إلى إحالة المتهم إلى محاكمة عاجلة
وأضاف عباس أن الفريق القانوني يتطلع إلى إحالة المتهم إلى محاكمة عاجلة وهو محبوس نظرًا لفجاجة الواقعة التي اتضحت أمام جهات التحقيق بعد مشاهدة تفريغ كاميرات المراقبة بالمستشفى.
من جهته قال أحمد حسين منسق حملة مصيرنا واحد وعضو مجلس النقابة العامة للأطباء إنه تواصل هاتفيا اليوم بالدكتور حسام عبد الغفار مساعد وزير الصحة الذي أكد له دعم الوزارة للطبيب المعتدى عليه وأن وزير الصحة متابع لمجريات وتطورات القضية.
وتابع حسين قائلا: كما أكد مساعد وزير الصحة أن خالد عبد الغفار سيتواصل قريبًا مع الطبيب المعتدى عليه عند استقرار حالته المرضية.
لجنة لدراسة تحسين أحوال الأطباء
وفى مارس الماضي، قرر الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، تشكيل لجنة برئاسته لدراسة تحسين أحوال الأطباء.
وضمت اللجنة فى عضويتها وزراء صحة سابقين، ووزير التعليم العالى الأسبق، ونقيب الأطباء، وأحد أعضاء مجلس النقابة، والمستشار القانونى لوزير الصحة، واثنين من شباب الأطباء يرشحهم مجلس النقابة، إضافة إلى ممثلين عن وزارتى العدل والمالية. وتركز لجنة تحسين وضع الأطباء، على ٣ محاور، تشمل الوضع المادي، والتدريب والتعليم، والوضع القانونى بهدف «توفير حياة كريمة للأطباء».