الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

روسيا والصين.. والاتجاه نحو الشرق

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 

شهد الأسبوع الماضي حدثين متعلقين بعلاقات مصر بروسيا والصين. الأول، حدث يوم الثلاثاء الموافق ٢٣ يناير، وهو صب الخرسانة للوحدة الرابعة والأخيرة من  وحدات محطة الضبعة لإنتاج الكهرباء من الوقود النووي، بالتعاون مع الجانب الروسي، وحضرها كل من الرئيس السيسي والرئيس بوتين عبر تقنية الفيديوكونفرانس. والثاني حدث يوم الأحد الموافق ٢٨ يناير، وهو زيارة وفد من دولة الصين الشعبية، برئاسة المستشار الثقافي في سفارة الصين، بدعوة من مؤسسة تطوير الدقهلية، والتي أقيمت في نقابة الأطباء في الدقهلية، وتم فيها عرض تجربة الصين التنموية ومناقشة أوجه التعاون بين مصر والصين.

أولا: العلاقات المصرية الروسية

محطة الضبعة النووية لإنتاج الكهرباء من الوقود النووي هي آخر محطات التعاون المصري الروسي في المشروعات العملاقة. حيث بدأت العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفيتي ومصر في أغسطس سنة ١٩٤٣. وبعد ثورة يوليو ١٩٥٢، قدم الاتحاد السوفيتي لمصر المساعدة في تحديث قواتها المسلحة وبناء السد العالي. وبلغت العلاقات بين البلدين ذروتها خلال حقبة الزعيم جمال عبدالناصر في خمسينيات وستينيات القرن الماضي. في هذه الحقبة، كان الاتحاد السوفيتي هو السند الأكبر لمصر، وساعد الخبراء السوفييت في إنشاء ٩٧ مشروعا صناعيًا ضخمًا مثل السد العالي في أسوان، والذي صُنف علي أنه أحسن مشروع هندسي في القرن العشرين، ومصنع الحديد والصلب في حلوان، ومجمع الألومنيوم في نجع حمادي، والربط  الكهربائي بين أسوان والإسكندرية. كما زود الاتحاد السوفيتي القوات المسلحة المصرية بالأسلحة والمعدات العسكرية، وخاضت مصر حربي الاستنزاف وأكتوبر مع إسرائيل بالأسلحة الروسية. وبعد انتهاء الحرب، توجه الرئيس السادات نحو أمريكا، وتوترت علاقته مع السوفييت. كان الرئيس السادات يعتقد أن ٩٩٪ من أوراق اللعبة في يد الأمريكان، وازدادت العلاقات توترًا بين البلدين، إلي أن انقطعت تماما. وعند مجئ الرئيس مبارك، (والذي كان قد تلقي جزءا من تعليمه العسكري في روسيا)، بدأ التحسن التدريجي للعلاقات الثنائية. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، كانت مصر في طليعة الدول التي أقامت العلاقات الدبلوماسية مع روسيا الاتحادية. وعندما تولي الرئيس السيسي الحكم، أولى اهتمامًا خاصا بالعلاقات المصرية الروسية. 

وعندما فكرت مصر في إنشاء محطة الضبعة النووية لإنتاج الكهرباء، وقع الاختيار على شركة روساتم الروسية لتنفيذ المشروع الحساس بقرض مقداره ٢٥ مليار دولار، يتم تسديده علي ٢٢ سنة اعتبارا من العام ٢٠٢٩.

ثانيا: العلاقات المصرية الصينية 

تعتبر مصر والصين من أقدم  الحضارات في العالم، وتلاقت الحضارتان على مر العصور تجاريًا وثقافيًا. ومع قيام جمهورية الصين الشعبية في أكتوبر ١٩٤٩ ونجاح ثورة يوليو ١٩٥٢ في مصر، تلاقت توجهات البلدين في الدفاع عن قضايا العالم الثالث ودول عدم الانحياز. تم إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في مايو سنة ١٩٥٦، لتكون بذلك مصر أول دولة عربية وأفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية. كانت جمهورية الصين الشعبية دولة فقيرة ومكتظة بالسكان حتي العام ١٩٧٨، عندما أقدمت الصين بقيادة الحزب الشيوعي الحاكم بالبدء فى الإصلاحات الزراعية حسب آليات السوق، وفتح الأبواب أمام الاستثمار الأجنبى. بعد هذا المنعطف التاريخى، أخذ الاقتصاد الصينى ينمو بوتيرة متسارعة وبلغ متوسط النمو السنوى ١٠٪ خلال الأربعة عقود المنصرمة. النمو الاقتصادي أدى إلى إحداث تحول شامل فى المجتمع الصينى، وتحقيق نهضة غير مسبوقة وأصبحت الصين القوة الاقتصادية رقم ٢ في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي العقود الماضية، زاد معدل التبادل التجاري بين مصر والصين، ولكنه ظل في صالح الصين. حيث كشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء للعام ٢٠٢٢، عن ارتفاع قيمة الصادرات المصرية للصين لتصل الي ١.٧ مليار دولار بينما بلغت قيمة الواردات المصرية من الصين  الي ١٣.٢ مليار دولار.

خلال زيارة الوفد الصيني للمنصورة، تم عرض التجربة الصينية الرائدة في تحويل القرية والمدينة إلى وحدات منتجة والاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر. تم كذلك عرض رغبة الصين في التواصل مع مصر لتنمية أوجه التعاون خاصة في المجال الثقافي والإدارة المحلية. بعد هذا العرض، أعتقد أنه من الضروري استمرار التقارب المصري مع كل من روسيا والصين، وفي نفس الوقت يجب أن تحافظ مصر علي علاقات طيبة (غير تصادمية) مع الغرب، لتجنب وقوع مصر في فخ الحرب التجارية بين أمريكا والصين، والحرب العسكرية بالوكالة بين روسيا وحلف شمال الاطلنطي في أوكرانيا.

يجب أن تحافظ مصر على التعاون المتزن بين قوى الشرق وقوى الغرب، خاصةً بعد أن بات جليًا أن الغرب بصفة عامة، والولايات المتحدة الأمريكية بصفة خاصة، تقف في صف إسرائيل.

يجب أن نكون أصدقاء مع القوى الشرقية المؤثرة خاصة روسيا والصين، دون أن يكون لنا عداوة مع القوي الغربية. كيف نحافظ علي هذا التوازن؟ هذا مايجب أن تسلكه مصر.

*رئيس جامعة حورس