قررت 17 دولة حول العالم، بما فى ذلك دول أعضاء بالاتحاد الأوروبي، اتباع خطى الولايات المتحدة فى تعليق التبرعات لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بسبب مزاعم إسرائيلية بأن عددا من موظفى الوكالة متورطون فى هجمات 7 أكتوبر التى شنتها حركة حماس على مستوطنات غلاف غزة.
وقد قام 17 من المانحين، بما في ذلك بعض أكبر الدول المانحة، مثل الولايات المتحدة واليابان وألمانيا، بتجميد تمويلهم منذ أن أعلنت الوكالة يوم الجمعة 26 يناير أنها طردت العديد من موظفيها المتورطين، بحسب إسرائيل.
قالت المتحدثة باسم الأونروا، جولييت توما، إن الوكالة لن تتمكن من مواصلة عملياتها فى قطاع غزة والمنطقة بعد نهاية فبراير المقبل، إذا لم يُستأنف التمويل.
وحذرت المتحدثة باسم الأونروا، فى تصريحات نقلتها وكالة أسوشيتد برس للأنباء، من أن الأونروا، وهى المزود الرئيسى للمساعدات فى غزة حاليًا وسط قيود إسرائيلية مشددة على عمليات التسليم.
ويقيم حاليا العديد من سكان غزة النازحين داخليا الذين يقدر عددهم بنحو ١.٧ مليون شخص فى ملاجئ الأونروا.
وعبر المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، عن صدمته حيال قرارات تعليق تمويل الوكالة، كرد فعل على الادعاءات الإسرائيلية ضد مجموعة صغيرة من الموظفين، خاصة بالنظر إلى الإجراء الفورى الذى اتخذته الأونروا والمتمثل فى إنهاء عقودهم والطلب بإجراء تحقيق مستقل وشفاف، من مكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية، الذى يمثل أعلى سلطة تحقيق فى منظومة الأمم المتحدة.
من جانبه، حث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، الذى اشتبك بشكل متكرر مع المسئولين الإسرائيليين منذ أن بدأت هجومها على غزة بهدف معلن هو تدمير حماس، الجهات المانحة على إعادة النظر فى نهاية الأسبوع.
فى السياق، قالت منظمة آكشن إيد الدولية، إن القرار الذى اتخذته بعض الدول بتعليق تمويل "الأونروا"، يعد بمثابة حكم بالإعدام على ملايين الفلسطينيين فى غزة والضفة، والدول المحيطة.
وأوضحت المنظمة فى بيان صادر عنها، أن القرار سيؤدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الكارثية الحالية التى يعانيها ملايين الأشخاص، وعواقب إقليمية على اللاجئين فى سوريا والأردن ولبنان والضفة الغربية، إذ تُعتبر المساعدات الإنسانية الأساسية أمرا بالغ الأهمية بالنسبة إلى اللاجئين والدول المضيفة.
وأدانت معاقبة سكان قطاع غزة بأكملهم على يد بعض الدول نفسها التى دعت سابقا إلى زيادة المساعدة والحماية للعاملين فى المجال الإنسانى فى غزة.
كما أعلنت ٩ منظمات إغاثة فى رسالة مشتركة أن تعليق عدد من الدول تمويل الأونروا يهدد حياة الفلسطينيين فى غزة والمنطقة ككل، وقالت المنظمات إنها تشعر بالقلق والغضب العميقين من اتحاد بعض أكبر المانحين لتعليق التمويل للأونروا فى إدانة مخففة لفظية لما فعلته أمريكا ودول غربية بقطع تمويل المنظمة.
انقسام أوروبي
واختلفت ردود أفعال الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى بشأن مسألة استمرار مساعدات الأونروا، حيث قام عدد من الدول باتباع خطى واشنطن وأعلنت تعليق التمويل وهى ( ألمانيا وهولندا وبريطانيا وإيطاليا والنمسا وإيطاليا وفنلندا)، فيما قررت بعض الدول الأخرى استمرار تمويلها مثل (إسبانيا واسكتلندا وأيرلندا).
وأعلن وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس الذى دعا إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، أن بلاده لن تعلق المساعدات. وقالت أيرلندا ولوكسمبورج أيضًا إنهما ستحافظان على تدفق الأموال.
وكتب وزير الخارجية الأيرلندى مايكل مارتن على موقع X، أن "موظفى الأونروا البالغ عددهم ١٣،٠٠٠ موظف يقدمون المساعدة المنقذة للحياة لـ ٢.٣ مليون شخص بتكلفة شخصية لا تصدق، مع مقتل أكثر من ١٠٠ موظف فى الأشهر الأربعة الماضية".
وقالت النرويج، وهى ليست عضوا فى الاتحاد الأوروبي، إنها لن توقف التمويل ودعت أولئك الذين قاموا بتجميد الأموال إلى إعادة النظر.
وكتب وزير الخارجية النرويجى إسبن بارث إيدى فى بيان: "بينما أشارك القلق بشأن المزاعم الخطيرة للغاية ضد بعض موظفى الأونروا، فإننى أحث المانحين الآخرين على التفكير فى العواقب الأوسع نطاقا لقطع التمويل عن الأونروا فى هذا الوقت من الضائقة الإنسانية الشديدة".. "لا ينبغى لنا أن نعاقب الملايين من الناس بشكل جماعي".
وقال الاتحاد الأوروبى إنه سينتظر نتائج التحقيقات فى الادعاءات الإسرائيلية قبل اتخاذ قرار بشأن المساهمات المستقبلية.
وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، إريك مامر، إنه من السابق لأوانه تحديد جدول زمنى لأى قرار للاتحاد الأوروبي. وقال مامر للصحفيين فى مؤتمر صحفي: "سوف نعبر هذا الجسر عندما نصل إلى هناك".
وأضاف مامر أنه من السابق لأوانه التكهن بما إذا كان الاتحاد الأوروبى سيوافق على تحويل مساعدات الأونروا، التى بلغ مجموعها ٨٢ مليون يورو (٨٦.٥ مليون دولار) العام الماضي، إلى منظمات أخرى.
قرارات مسيَّسة وغير متناسبة
وعبرت الرئاسة الفلسطينية عن رفضها للحملة الظالمة التى تقودها حكومة الاحتلال الإسرائيلية ضد الوكالة، وطالبت الدول التى اتخذت موقفا بالتراجع عن هذه المواقف التى من شأنها معاقبة الملايين من دون وجه حق وبشكل لا إنساني، فيما اعتبرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، قرار الدول التى علقت تمويلها للأونروا، عقابا جماعيا لملايين الفلسطينيين.
وأكدت أن هذه القرارات مسيسة وغير متناسبة، خاصة فى ظل إعلان الأمين العام للأمم المتحدة عن إجراء تحقيق فى المزاعم الإسرائيلية، واتخاذ ما يلزم من إجراءات يفرضها القانون بشأنها.
وذكر البيان أن تلك الدول اتخذت قراراتها بموجب معايير مزدوجة، إذ تواصل تقديم الدعم والمساعدات لإسرائيل، وهى تدرك أن جيشها يرتكب أبشع أشكال المجازر والقتل بحق عشرات آلاف المدنيين خارج القانون، ويفرض النزوح القسرى أيضا على أكثر من مليونى مواطن.
إسرائيل والأونروا
على مر السنين، حاولة إسرائيل إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين عن طريق استهداف الوكالة الأممية التى تبقى القضية مستمرة، وادعت إسرائيل أن الوكالة تستخدم مواد تعليمية تحرض ضدها.
وفى أعقاب حرب عام ١٩٤٨، تم تأسيس الأونروا بموجب القرار رقم ٣٠٢ (رابعا) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة فى ٨ ديسمبر ١٩٤٩، بهدف تقديم برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئى فلسطين، وبدأت الوكالة عملياتها فى الأول من شهر مايو عام ١٩٥٠.
وتقدم الأونروا خدماتها للاجئين الفلسطينيين فى الأردن ولبنان وسوريا والأراضى الفلسطينية المحتلة، ويتم تمويل برامجها بشكل كامل تقريبا من خلال التبرعات الطوعية للدول الأعضاء فى الأمم المتحدة.
وتمثل المساعدات المالية الدولية، ما نسبته ٩٣ بالمائة من مجمل النفقات، بينما تتوزع النسبة المتبقية على منظمات دولية إغاثية وإنسانية، بحسب البيانات المنشورة على موقع الوكالة.
وبحسب ميزانية الأونروا لعام ٢٠٢٣، بلغ إجمالى النفقات ١.٦ مليار دولار، دون احتساب النفقات الإضافية التى تسببت بها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، البالغة ٤٨١ مليون دولار فى فترة الربع الأخير ٢٠٢٣، ما يعنى أن المبلغ يتجاوز ٢ مليار دولار.
وتتوزع نفقات الأونروا بواقع ٥٨ بالمائة على التعليم، و١٥ بالمائة لقطاع الصحة، و١٣ بالمائة لإسناد العائلات معيشيا، و٦ بالمائة للإغاثة الاجتماعية، و٤ بالمائة لتحسين البنية التحتية للمخيمات، و٤ بالمائة لحالات الطوارئ.
ووفق التعريف العملياتى للأونروا، فإن لاجئى فلسطين هم أولئك الأشخاص الذين كانت فلسطين هى مكان إقامتهم الطبيعى خلال الفترة الواقعة بين يونيو ١٩٤٦ ومايو ١٩٤٨، والذين فقدوا منازلهم ومورد رزقهم نتيجة حرب عام ١٩٤٨.
وفى مجال التعليم، هناك ٧٠٦ مدارس تتبع الوكالة، تضم ٥٤٤ ألف طالب وطالبة'؛ وفى المجال الصحي، هناك ١٤٠ مركزا حتى نهاية ٢٠٢٣، تسجل سنويا قرابة ٧ ملايين زيارة.
تفنيد مزاعم الاحتلال
قال المحلل السياسى الفلسطينى ماهر صافى إن إقدام بعض الدول الأوروبية ومنها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وإيطاليا، والعديد من الدول التى علقت عمل المنظمة وبوقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، بحجة أن بعض موظفيها منتمين للمقاومة ومشاركتهم فى معركة طوفان الأقصى، هى مجرد ادعاءات الاحتلال الإسرائيلى التى صدقتها بعض الدول المؤيدة لإسرائيل التى تمول هذه الحرب.
وأضاف صافي، أن هذا القرار ينطوى عليه مخاطر كبيرة على الصعيد السياسى والإغاثى لما له من تأثير على الوضع الحالى السيئ لموظفى الأنروا والمدنيين فى القطاع لعدم وجود تمويل آخر فى ظل سوء وتدهور الأوضاع بسبب العدوان الإسرائيلى المستمر ليومه الـ١١٥.
وتابع المحلل السياسي، "يعتبر القرار مساندة وتشجيعًا لاستمرار إسرائيل فى حملتها العسكرية وإبادة أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين يجب عليها العودة عن قرارها ومساندة الشعب الفلسطينى وحقوق اللاجئين الفلسطينيين المسلوبة منذ عام ١٩٤٨ حتى يومنا هذا".
فيما قالت الباحثة الفلسطينية تمارا حداد، إن الدول الحليفة لإسرائيل هى من قامت بوقف تمويل وكالة الأونروا للاجئين بسبب ما تم نشره من قبل إسرائيل أن عددا معينا من موظفى الأونروا قد شاركوا فى عملية طوفان الأقصى وأيضا أعضاء لحركة حماس هذا الأمر جعل تلك الدول توقف دعمها التمويلي.
وأوضحت حداد أن هذا الأمر له دلالة سياسية والهدف منها إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين وتحويل الأموال التى كانت مخصصة للأنروا ونقلها إلى دائرة الهجرة الدولية وهذا يعنى أن فكرة التهجير الطوعى أو القسرى أو الضمنى الفلسطينيين ما زالت قائمة بسبب إجراءات الاحتلال فى استمرار القصف الجوى على القطاع وأيضا اتباع سياسة التجويع الممنهجة فى غزة.
وأكدت، أن وقف عمل الأونروا بسبب نقص التمويل يعنى تعزيز الفقر والجوع فى القطاع هذا يعنى ترسيخ فكرة التهجير المواطنين الفلسطينيين إلى خارج القطاع.
وأشارت إلى أن تسريبات الاحتلال الواهية حول أن موظفى الأونروا شاركوا بعملية طوفان الأقصى من أجل إحراج الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش الذى وقف إلى صف القضية الفلسطينية ودافع عن حقوق الإنسان فى القطاع وطالب بحقهم فى العيش الكريم وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع هذه التسريبات لإحراجه وإحراج الدول التى وقفت مع القضية الفلسطينية وبالتحديد جاء خروج هذه التسريبات بعد صدور قرار مستعجل من محكمة العدل الدولية التى طالبت بإدخال المساعدات الإنسانية هذا يعنى أن تقديم المساعدات لن تدخل بالشكل الصحيح بسبب نقص التمويل.
بوابة العرب
الاحتلال يشدد الخناق.. الأونروا مهددة بتوقف المساعدات في غزة بسبب أكاذيب إسرائيل
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق