رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

عمليات «وعد الحق» لتعقب بقايا داعش أم رسالة لقوات «التحالف الدولى»؟.. الولايات المتحدة تخترق التفاهمات مع بغداد بتنفيذ ضربات ضد أهداف موالية لإيران

جانب من القوات المشاركة
جانب من القوات المشاركة في "وعدالحق"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

وسط حالة من التوتر المتصاعد خاصة بين الجماعات المسلحة الموالية لإيران فى العراق وبين قوات التحالف الدولى ضد تنظيم داعش الإرهابي، نتيجة العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، أطلقت العمليات المشتركة العراقية المرحلة الثالثة من العملية الأمنية «وعد الحق» فى عدة محاور ومناطق منها صلاح الدين وكركوك وديالى والدوز وسامراء، وذلك بهدف تعزيز الأمن والاستقرار ومطاردة ما تبقى من مفارز داعش المنهزمة ودك أوكارهم وتطهير الأراضى من عناصرهم المجرمة.
ويرى مراقبون أن عمليات "وعد الحق" تأتى فى مرحلة حاسمة لإظهار مدى براعة وقدرة القوات الأمنية العراقية على مواجهة التنظيم الإرهابي، فى الوقت الذى تطالب فيه الحكومة العراقية بإنهاء تواجد قوات التحالف الدولى بعد انتهاء سبب وجودهم وهو تنظيم داعش، حيث جددت حكومة العراق مطالبها بمغادرة التحالف الدولى بعد تصاعد الهجمات على القواعد العسكرية الأمريكية ورد الأخيرة بهجمات على مقر اجتماعات الحشد الشعبي، أدى لمقتل شخصين قياديين، واستنكرت الحكومة هذه الخطوات، لكنها لم تتوقف.
وقصفت الولايات المتحدة ٣ منشآت غرب العراق تابعة لحزب الله العراقي، ما جعل الناطق العام باسم القوات المسلحة العراقية، يحيى رسول عبدالله، يصدر بيانا، الأربعاء الماضي، قال فيه إن الولايات المتحدة تعود لتنفيذ ضربات ضد أماكن وحدات عسكرية عراقية من الجيش والحشد الشعبى فى منطقتى جرف النصر والقائم، فى إصرار واضح على الإضرار بالأمن والاستقرار فى العراق.
وفى إشارة منه إلى اللجنة التى شكلتها الحكومة العراقية لدراسة وضع التحالف الدولي، أضاف رسول عبدالله أنه فى الوقت الذى قطعت فيه التفاهمات، بشأن دور ومهام عناصر التحالف الدولى ومستشاريه المتواجدين فى العراق، شوطاً إيجابياً على طريق تنظيم العلاقة المستقبلية، نجد هذه الأفعال ترتكب لتتسبب فى عرقلة هذا المسار، والإساءة لكل الاتفاقات ومحاور التعاون الأمنى المشترك.
وشدد الناطق باسم القوات المسلحة، على أن هذا الفعل المرفوض، يقوّض سنوات من التعاون ويتجاوز على سيادة العراق بشكل سافر، ويؤدى إلى تصعيد غير مسئول، فى وقت تعانى منه المنطقة من خطر اتساع الصراع، وتداعيات العدوان على غزّة، ونتائج حرب الإبادة غير الأخلاقية التى يواجهها الشعب الفلسطيني. وبينما سكتت القوى العظمى، ومنها الولايات المتحدة، إزاء تلك الجرائم، نراها تنزلق إلى أفعال مُدانة وعدوانية غير مبررة على الأراضى والسيادة الوطنية العراقية.

تمشيط المناطق الوعرة

مراقبة الصحارى والجبال
أكدت الحكومة العراقية تطلعها لاستكمال التعاون مع قوات التحالف الدولى فى مجالات محددة مثل التسليح والتدريب والتطوير والجانب الاستخبارى والمعلوماتي، بينما تعمل على إنهاء تواجد قوات التحالف الدولى بشكل فعلى على الأرض العراقية، لذا فمن المحتمل كما يرى متابعون أن عمليات "وعد الحق" تأتى فى إطار إظهار قدراتها أمام التحالف الدولى فى كونها قادرة على تعقب عناصر التنظيم الإرهابى وتمشيط المناطق التى يهرب إليها، وقد استخدم الأمن العراقى عدة تقنيات حديثة لتعزيز الجانب الأمني.
من جانبه، أكد اللواء تحسين الخفاجي، الناطق باسم العمليات المشتركة وخلية الإعلام الأمني، أن تغطية المناطق الصحراوية العراقية بكامل مساحتها الشاسعة من قبل القوات الأمنية العراقية، أمر غير معقول، لكننا استعضنا عن هذه الجهود بجهود أخرى أكثر فاعلية وإمكانية وقدرة، تعطينا مرونة كبرى والقدرة على العمل الاستخبارى والأمني، ألا وهى الكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة.
وأضاف "الخفاجي" فى كلمة عن الجهود الأمنية فى مراقبة الصحارى والجبال والمناطق المعقدة جغرافيا، بثتها صفحة التحالف الدولي، أن هذه الكاميرات تتميز بدقة عالية وتغطى مسافات بعيدة، وتتمكن من الهدف، وهى مثبتة فى أبراج للمراقبة ذكية جدا، لأنه من النوع الذى يحتوى على أجهزة ومعدات فنية تستطيع أن تقرأ وتتابع وتحلل العدو، كما أنها تسمح للقوات الأمنية بتعقب العدو حتى لو كان متحصنا فى مناطق معقدة جغرافيا.
وأشاد بالتوجه ناحية استخدام التكنولوجيا الحديثة والذكية فى المراقبة وتجميع وتحليل البيانات، كما أنها تحدد بدقة المكان الذى يوجد به الخلل، مع سرعة الوصول للمعلومات، مما يعزز من أداء القوات الأمنية ويسهل مهامها، ويزيد من ثقة المواطن فى قواته الأمنية.

تنظيم داعش الإرهابي

مخاوف من عودة "داعش"
أكدت دراسة بعنوان "الجهاديون فى شبه القارة الهندية وسوريا والعراق" أعدَّتها وحدة دراسات المركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب بألمانيا، أن التنظيم الإرهابى ورغم خسارته لمساحته الجغرافية، فإنه تمكن بالعراق من الاحتفاظ بموارده المالية، وقدرت أمواله بأكثر من ١٠٠ مليون دولار من عائدات الإتاوات وحالات الابتزاز والاختطاف والاتجار بالمخدرات، وتنشط خلاياه فى محافظات صلاح الدين وديالى وكركوك ونينوى وصحراء الأنبار، وتبنى التنظيم ١٤١ هجوما فى العراق خلال ٢٠٢٣، ومن أشد الهجمات انفجار عبوتين ناسفتين فى ديالى أسفر عن ١١ قتيلاً فى الأول من ديسمبر ٢٠٢٣.
ولفت المركز الأوروبى إلى أن انخفاض الهجمات الإرهابية فى سوريا والعراق فى ٢٠٢٣ كان نسبيا مقارنة بسنوات سيطرة داعش، وهو لا يعنى انتهاء الإرهاب وزوال الخطر، بل أن الوضع الراهن يشير إلى عودة قوية للتنظيم، فى ظل بقاء عناصره بين حدود البلدين وداخل السجون والمخيمات بسوريا، ومطالبة العراق لقوات التحالف الدولى لمحاربة داعش بإنهاء مهمتها، فى إطار التصعيد بمنطقة الشرق الأوسط واستهداف الولايات المتحدة لمقر للحشد الشعبى مؤخراً، وتعد هذه الأحداث مواتية لداعش لترتيب صفوفه وشن هجمات أشد دموية.

جانب من القوات المشاركة في "وعد الحق"

حصاد الأيام الأولى لـ "وعد الحق"
ووفقا للبيانات الصادرة عن خلية الإعلام الأمنى وقيادة العمليات المشتركة فإن العمليات الأمنية فى الأيام الخمسة الماضية، أسفرت عن ضرب عدد من أوكار وأنفاق التنظيم وضبط أسلحة وعتاد ومواد لوجستية يستخدمها التنظيم الإرهابي.
فى اليوم الأول، تمكن سلاح الجو ووفق معلومات دقيقة من تدمير أنفاق وأوكار للإرهابيين فى جبال حمرين ومكحول ومنطقة العيث، إذ تحولت أوكار الشر هذه إلى ركام على يد رجال العراق الأشاوس والتى تكللت بجهود مديرية الاستخبارات العسكرية ووكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية فى وزارة الداخلية بالتنسيق مع خلية الاستهداف التابعة لقيادة العمليات المشتركة.
ونفذت قيادة عمليات ميسان عملية أمنية، عثرت خلالها على كدس للعتاد فى قضاء قلعة صالح بمحافظة ميسان يحتوى على  عدد ١١ صاروخ كاتيوشا، و٣٠ قنبرة هاون. كما تمكن الأمن عن إلقاء القبض على أحد فلول عصابات داعش الإرهابى فى محافظة كركوك، وبعمليتين نوعيتين تم إلقاء القبض على إرهابيين اثنين فى محافظة الأنبار.
وفى إطار إظهار الجاهزية والقوة، فإنه بإشراف خلية الاستهداف التابعة لقيادة العمليات المشتركة ومستشار صنف المدفعية فى القيادة ذاتها، وبهدف مباغتة المفارز الإرهابية المنهزمة فى أماكن تواجدها، فقد دكت كتائب مدفعيات الفرق ضمن قواطع عمليات ديالى وصلاح الدين وكركوك، أوكار ومخابئ للعدو وطرق إمداداته اللوجستية.
جاءت هذه الضربات النوعية بسلاح المطرقة الحديدية لأهداف منتخبة وبمعلومات استخباراتية دقيقة، وبحسب المعلومات الأولية فإن هذه الضربات حققت نتائج مثمرة فى شل حركة هذه العناصر وتدمير أوكارها. وتأتى هذه العملية التى نفذتها قيادات العمليات بإشراف أمرى كتائب المدفعية فى الفرق أعلاه لفحص منظومة الاستعداد القتالى واستمرار الجاهزية وكجزء من التدريب الميداني.