الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الحوار هو الحل (6)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ثالثا المرأة: 

مع مقالنا الجديد، نستهل الحديث عن المحور الثالث من محاور الحوار المجتمعي، التي تساهم في خلق ثقافة الحوار، أملا في النهوض بمجتمعنا المصري. نخصص محورنا الثالث للموقف المجتمعي من المرأة. يقولون إن المرأة هي نصف المجتمع، وأقول إن المرأة هي كل المجتمع، تماما على نحو ما يعد الرجل المجتمع كله، وليس نصفه. فغياب أي منهما، يعني غياب الآخر، وبالتالي يعني أنه لن يكون هناك مجتمع في الأساس، فكل منهما يرتبط فيزيقيا ووجدانيا ووجوديا واجتماعيا ونفسيا بالآخر. فكلاهما يكمل الآخر، فهما متكاملان وليسا متعارضين أو متناقضين. وقد مرت المجتمعات الإنسانية بمراحل مختلفة في تحديد موقفها من المرأة، وتمكن بعضها من تحسين الوضع الاجتماعي للمرأة، في حين لا يزال بعض هذه المجتمعات غير قادر على تغيير موقفه السلبي من المرأة. هذا بالرغم مما حثت عليه الأديان السماوية الثلاثة من ضرورة مراعاة حقوق المرأة. غير أن الظروف الاجتماعية لبعض هذه المجتمعات قوية في مواجهة ممارسة المرأة لحقوقها الاجتماعية. وعندما نتحدث عن موقف المجتمع المصري من المرأة، فإن مصر القديمة منحت المرأة مكانة متميزة، تؤكد هذا وصايا الحكيم المصري القديم "بتاح حتب"، الذي يخصص جزءا كبيرا منها للمرأة، فيقول: "أحبب زوجتك كما يليق بها، واكس ظهرها، واعلم أن الضموخ علاج لأعضائها. أسعد قلبها، ما دامت حية، لأنها حقل طيب لمولاها". ويقول الحكيم المصري القديم "آني": "لا تمثل دور الرئيس مع زوجتك في بيتها، إذا كنت تعرف أنها ماهرة في عملها، واجعل عينيك تلاحظ في صمت حتى يمكنك أن تعرف أعمالها الحسنة، وإنها لسعيدة إذا كانت يدك معها تعاونها". وهي وصايا ومبادئ تعكس الروح المتحضرة للمصريين، التي ربما تكون سابقة عن غيرها من الحضارات في رؤيتها للمرأة.

هذه هي مصر القديمة التي تقدر المرأة المصرية، وتعرف قدرها وقيمتها ومكانتها الاجتماعية. وتستمر هذه النظرة التقديرية لمكانة المرأة حتى وقتنا الراهن، خاصة في المناطق الهامشية البعيدة عن المركز، كما في الطبقات الشعبية وفي الريف المصري. وبالرغم من ذلك فهناك من يرى أن المجتمع المصري يحمل نظرة سلبية تجاه المرأة. وإذا كان هذا يصدق بدرجة ما على وضع المرأة في المركز في فترة ما، فإن هذا الوضع قد تغير في المركز إلى حد كبير، ناهيك عن وضع المرأة في الريف المصري الذي كان أكثر إيجابية، فالمرأة في الريف المصري-كانت ولا تزال- هي التي تربي وتعمل في الحقل. وقبل كل هذا فإن المرأة هي حاملة للنسق القيمي للمجتمع المصري، وهي الحافظة للتراث الشعبي المصري، والمحافظة عليه من الضياع. وفي ضوء كل هذه الأدوار، يأتي دورها الكبير فيما عبرت به عن نفسها، وبما عبر به الرجل شعبيا عنها، على النحو الذي يعزز من مكانتها الاجتماعية. وهو ما سنتناوله في مقالنا القادم.