الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

من أجل الوطن والدين.. استراتيجية لمراجعة الخطاب الديني

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 كى لا نتحول جميعًا إلى عبء على قضية التنوير، علينا أن نركز أولًا فى 5 آيات فقط من 6236 هى إجمالى آيات كتاب الله. 

  • التركيز على المتن بدلًا من الاستغراق والغرق فى الهامش
  • عرض الجديد  بدلًا من التحرش بالقديم
  • إدراك مكونات الكتاب الـ3  وفصل الدينى عن التاريخى مهمة المهمات
  • إعادة الاعتبار لمكونات الدين الـ3 أهم إنجاز يجب أن نصل له.

قبل أن نبدأ نقول إن مراجعة الخطاب الدينى عموما  تعنى إعادة الدين الى عصره البكر عصر الرسول والرسالة اعادة الدين  الى مركزه الى المصحف  وهذه مهمة المهمات لكل من يقوم بتلك المراجعة.

 ففى عصر الرسول (ص) وعصر الخلافة الراشدة التى امتدت 30  عاما بعد وفاة الرسول ايضا  كان المصحف هو مركز الدين الحصرى، وفى القرن الثالث الهجرى الذى بدأ بعد العام 200 من الهجرة تم الانقلاب الشهير على كتاب الله ورسالته السماوية المقدسة ونقل المركز من المصحف الى 6 كتب بشرية أسموها وقتها الـ6 الصحاح وحولوها الى مركز للدين جديد  بدلا من المصحف وقالوا بأنها الوحى الثانى ونقلوا مركز الدين الى شخص النبى، وحولوا النبى الى مركز للدين بدلا من كتاب الله، وأفتى الشافعى بأن ماجاء بتلك الكتب وحى ثانٍ يلغى وحى القرآن  وينسخه بإعتباره الكلمة الاخيرة للوحى  وبإعتبار القرآن الوحى الاول القديم وأصبح الدين لا يأتى عبر  آيات كتاب الله، لا يأتى عبر المصحف  ولكن يأتى عبر احاديث منسوبة للنبى تحتويها كتب بشرية. 

نسبوا إلى النبى أقوالا ومرويات واحاديث صنعوا منها دينا بشريا جديدا، فأصبح  لدينا إسلامان، إسلام المصحف المقدس اسلام القرآن الكريم، وإسلام الاحاديث المنسوبة للنبى أو الـ6 الصحاح.

وعلينا مهمة مقدسة أن نعود بالدين الى مركزه الاصلى وهو المصحف وهو كتاب الله، وان نوقن تماما  ان الرسول لايمكن أن يخالف رسالته التى اوحى بها الله له وكلفه بتبليغها للناس، ونقول عودوا الى كتابكم المقدس، عودوا الى مصحفكم، عودوا الى رسالة الله التى ارسلها فى كتابه، لاتزيدوا عليها شئ ولا تتقولوا على الله ولاتشركوا احدا مع الله فى دينه.

ولندخل الى الموضوع فقد كنت ولا زلت أرى ان معظم من يعملون فى قضيه التنوير أو مراجعة الخطاب الدينى او محاولة  اصلاح الخطاب الدينى السائد من قبل المشايخ وجماعات الاسلام السياسى والذى ادى بنا الى كل هذا التشويه للدين وكل هذا الارهاب والالحاد، اراهم فى معظهم  للاسف عبء على قضية التنوير نفسها فمنهم من يترك المتن تماما ويعكف طوال الوقت على اصلاح ومراجعة موضوعات هامشية للغاية حتى وان نجحنا فى اصلاحها فلن تفيدنا فى أى شئ يذكر ولن تعود على الوطن او الدين بأى فائدة، أخرون يقفون متمترسين فى مراهقة فكرية لاتأذن بإنتهاء وخروج منها فيعكفون على التحرش بالتراث تحت مسمى مراجعة التراث دونما تقديم أية بدائل تذكر لذلك التراث المعيب فى نظرهم والذى يعج بالهراء والعوار!. 

واعتقد ان غياب الاستراتيجية لديهم هو الذى يقف خلف كل هذه المراهقات والعبثيات والاداء الغث الذى لايقدمنا خطوة واحدة بإتجاه الهدف المنشود.

ولطالما رأيت انه علينا فقط ان نبتعد تماما عن نقد التراث والانزلاق الى معارك وهميه معه ومع مريديه وعشاقه ومدمنوه، ومقدسوه، وان علينا فقط ان نعرض على الزبون (المتلقى) جديدنا  بضاعتنا، بضاعة جديدة مختلفة عقلية نضرة دقيقة منطلقة من كتاب الله وحده  تزاحم مالديه من بضاعة قديمة مشوهه، وان نترك للناس حرية الاختيار بين قديمهم وجديدنا، وان نحترم عقولهم وحريتهم، وان نترك لهم قرار الشراء والاستبدال، علينا ان نعرض فقط جديدنا دون الدخول والانزلاق الى اية منازلات او معارك فكرية او حروب طاحنه، أو استقطابات كريهة.

كذلك كنت دائما ولازلت أرى انه اذا كانت كل اجزاء السيارة فى حاجة ماسة الى اصلاح فإنه يتوجب علينا ان نبدأ بالموتور أولا لا بالكاسيت او طفاية السجائر وانه علينا ان نركز على المتن والا ننشغل بالهامش ونغرق فيه الى حد الثمالة، 

فنحن نحتاج دائما  وفى أى قضية نضالية جهادية وأى مشوار أو مشروع كبير كى ينجح الى رؤية الى  استراتيجية ممتدة علمية منضبطه تراعى الارض ومفردات الواقع وتعقيداته وتضع فى حسابها ثقل الماضى وضغطه على العقل العربى  وحالة العقل العربى الحالية وضعف ورداءة نظامنا التعليمى، وقيم الثقافة العربية المشوهة، وبدون تلك الاستراتيجية والرؤية سوف نتحول جميعا الى عبء على القضية التى نجاهد ونناضل من اجلها وهى قضية التنوير.

 ونحن  اذا نجحنا فى ايصال مكونات كتاب الله الثلاثة (النبوة) و(الرسالة) و(قصة النبى وقومه)  وفصلها عن بعضها للناس وفصل الدينى (الرسالة) عن التاريخى (الايات البينات وقصة النبى وقومه) للناس والفصل بين لفظتى الرسول والنبى ودلالة كل منهما فى كتاب الله وكذلك لفظتى المسلمين والمؤمنين، فقد انجزنا الخطوة الكبرى فى مراجعة الخطاب الدينى وقضينا على الرافعة النصيه الدينية المشوهه والمزيفة للارهابيين وضربناها فى مقتل.

كذلك اذا نجحنا فى ضبط مكونات الدين الثلاثة (العروة الوثقى) و(الاركان) و(الصراط المستقيم)  فقد انجزنا الكثير فى مراجعة الخطاب الدينى، وانقذنا دين الله تماما وعدنا به الى كتابه، وضبطنا امر الدين.

وعليه فإن التركيز على المكونات الثلاثة استراتيجية يجب ان يسير عليها كل من يعمل بالمراجعة دونما الدخول فى الشريعه وموضوعاتها وتفصيلاتها الان، العمل بالتنوير يتطلب رؤية واستراتيجية ناجزة  ومعظم من يرفعون شعار التنوير هم فى الغالب عبء على قضية المراجعة والتنوير  وغارقون فى اصلاح الهامش وتاركين لاصلاح المتن، يعطون السلفيين اسلحة ابادتهم وقتلهم واخراجهم من الملعب، وعليه فإننى دائما مااركز على المكونات الثلاثة العروة الوثقى للدين والتى هى اساس العقد مع الله واساس انتسابك لدين الله الاسلام والموجودة  فى (سورة لقمان الاية  22) ثم اركان ذلك الدين الموجودة فى (سورة البقرة 62) والصراط المستقيم الذى يضم محرمات الدين لكل اهل الكتاب  الانعام 151 و152 و153، أى علينا التركيز فى 5 ايات فقط من 6236 اية وعليه فأنا أرى ان الخطوة الاهم فى المراجعة هى التركيز على العودة بالمفاهيم الثلاثة الى كتاب الله، دونما السير فى جميع الاتجاهات ومحاولة اصلاح كل شئ دفعه واحدة، ولذلك فإننى ادعو كل المخلصين الى التركيز على تلك المفاهيم الـ3 والتى تمثل مكونات دين الله كى ننجز المرحلة الاولى والاهم من مراجعة الخطاب الدينى، وأطالب الجميع بعدم الانشغال بغير ذلك حتى نتمكن من انجاز تلك المرحلة، ولا ارى لزوما الان الى الخوض فى اصلاح ومراجعة موضوعات الشريعه، ولا ارى لزوما للحديث بشأن الايات البينات ايضا.