بكل ما تبقى لنا من عزْم وأمل في الإصلاح، وما رأيناه من نظرات قهْر ودموع في عيون أبنائنا، بحرصنا على تعليمهم وبجهدهم طيلة العام، بكل ما تحمَّلناه معهم من معاناة، أوجِّه مقالي هذا أنا وكل الأمهات للسيد وزير التربية والتعليم من داخل منهج حياة نعيشها كل عام، ولم نحصل فيها على إجابة، لماذا يصر واضعو أسئلة الامتحانات على تعقيد الأمر على أبنائنا بعد عناء وشقاء الدراسة؟ لماذا يضعوا أسئلة تعجيزية لا تتناسب مع الوقت المتاح؟
كنت أظن أن الأمر يقتصر على شكوى ابني فقط، فتحريت وتابعت حتى وجدتها شكوى عامة من صعوبة امتحانات الدراسات للشهادة الإعدادية بالقاهرة، ولأنني أستاذة جامعية أضع الامتحانات للطلبة، قررت أن أرفع لسيادتكم شكوى أولياء الأمور من امتحان الدراسات الاجتماعية، وخاصة للمدارس الدولية الذي ضم ١٥ سؤالًا مقاليًا ما بين "بما تفسر ودلل وما العلاقة، وما النتائج المترتبة على"، في حين أن الأسئلة الموضوعية لم تتعدَّ ٨ نقاط فقط، أين الوزن النسبي للورقة الامتحانية؟
ليس هذا فحسب يا سيادة الوزير، هناك سؤال غريب وغير واضح وغير متعارف عليه، وهو: "دلل على مصداقية هذه العبارة"، ألا يرى واضعو الامتحانات أن هذا سؤال فلسفي، ليس له معنى، ثم سؤال آخر لا أعرف كيف ضم وضعه وما الهدف منه، وهو رسم بياني لمعدل الوفاة في العالم ٢٠١٤، ونحن في ٢٠٢٤، هذا السؤال لو وجهناه لباحث لأستغرق أيام للإجابة عنه!
والسؤال الأهم: ما هدف هذا السؤال الذي من المفترض أنه مضى على أحداثه عشرة أعوام كاملة؟ ما الرسالة التعليمية التي كانت تجول في خاطر واضعي الامتحانات وهم يضعون هذه الأسئلة؟!
ما هدف هذا السؤال وما نتيجه التعلم التي يسعى واضع الامتحان لها؟
وأعاود تكرار نفس سؤال الأمهات: لماذا هذا التعقيد المتعمد من واضعي الامتحانات؟
أليست هناك قواعد لوضع الامتحانات من بينها الوزن النسبي بين الأسئلة، ومعامل سهولة وصعوبة لبنود الأسئلة وفقرات الامتحان، ومراعاة جميع مستويات الطلاب، ونواتج التعلم المستهدفة من الامتحان، والإدارة الموضوعية في الامتحان وتنوع الأسئلة، ومراعاه فهم رأس السؤال وتحديد العدد الكلي لأسئلة الامتحان في ضوء الزمن المتاح للإجابة، ونوع الأسئلة، وعُمْر الطالب، وغيرها من المتغيرات المؤثرة.
يا سيادة الوزير، عانينا وما زلنا نعاني من أهواء بعض واضعي الامتحانات وتحاملهم على أبنائنا والنرجسية في إثبات الذات على الطلاب بتعجيزهم بدلًا من التيسير عليهم، وكأن واضعي الامتحانات يتلذذون بدموع أبنائنا الطلبة وقهرهم لضياع جهدهم طيلة العام الدراسي.
يا سيادة الوزير، رفقًا بأبنائك الطلبة وأُسَرِهم؛ فقد قتلتْ أحلامَهم أهواءُ واضعي الامتحانات غير الموضوعية، وأضاعوا الأمانة التي حملوها وحمَّلونا ما لا نستطيع تحمله.
وأخيرًا باسم كل أمهات الطلبة أرجو مراعاة ما عرضتُه أثناء تصحيح الامتحانات، وأثِق في أنكم ستضعون فيما بعد شروطًا لواضعي الامتحانات بما سبق وأشرت إليه، فنحن لا نطلب مُحاباةً ولكن نطلب عدلًا وإنصافًا وموضوعية حتى لا يفقد أبناؤنا أملَهم في التعلم، فنحن لسنا في صراع، ولا ترصُّد، ونتمنى أن نعود ونسمع تلك الجملة التي افتقدناها "الامتحان في مستوى الطالب المتوسط".