الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"تيم" ومحكمة العدل الدولية!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

دخل من باب المستشفى إلى عيادة الرمد، طفل فلسطيني  يدعي "تيم"  بخطوات ثقيلة ووجه لا يحمل أي تعبيرات حزن أو فرح، قصير القامة مرفوع الهامة، أبيض الوجه  ملون العينين، لا يزيد عن عشر سنوات  وبصمت شديد جلس على كرسي الفحص لقياس النظر، وبدون أي تعليق سلبي أو ايجابي، قال لي:

سآخذ تلك النظارة والتي هي نظارة فحص وليس للاستعمال وبالفعل انتزعها من يدي!، فاستنكرت هذا الفعل واعتقدت أنه فعل طفولى! ولكن حينئذ همست أمه في أذني معتذرة، أنه منذ مائة يوم لم يرتدِ نظارته والتي بدونها لا يرى جيدًا لأنه يعانى من قصر نظر شديد، أي منذ بداية الحرب في غزة.
أي مأساة تلك وأى صراع ذلك الذي يحرم طفل جميل من نظارته؟ بل تحول الظروف عن إجراء ذلك الفحص لمدة مائة يوم! حتى يأتي إلى مصر لكي يستطيع إجراء نظارة في خمسة دقائق!

هل يستحق ذلك الموقف أن تٌحل كل منظمات حقوق الإنسان؟ أم تُكهن مواثيقها؟ أي منظمات حقوق إنسان تلك التي نمتلكها في العالم التي تنادى بحرية الرأي وتلك المواقف تقف شاهدة أنه هناك خطأ ما في النظام البشرى؟

ربما تكون الدعوة التي قامت بها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية والتي هي واحدة من أجنحة الأمم المتحدة والتي تتحكم في كثير من الأمور الدولية، ستصل بالأمر إلى نقطة جيدة؟ هل على الأقل ستستطيع فضح النفاق الدولي؟ فبالفعل بدأت بعض الدول تنحاز لتجريم فكرة الإبادة الجماعية في فلسطين وبعضها عرض عنها ورفضها.

ولكن نفاق بعض من المجتمع الدولي لم يكن وليد تلك القضية، بل عانينا من تلك الازدواجية لقرون عدة، وكانت مصر أول من هاجمت منظمات حقوق الإنسان التي اختزلت كل حقوق البشر في حرية الرأي ولازالت كلمات الرئيس تترد على أذني في مؤتمر صحفي مع ماكرون منذ سنوات عندما قال: كلمونا عن حقوق الإنسان في حق التعليم والصحة الجيدة وحق العيش في دولة أمنة بدون إرهاب وفى دولة تنعم بالاستقرار.

إن لم تنجح دعوة جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، فأقل المكاسب من تلك المبادرة الجريئة هي فضح المعايير الأخلاقية المزدوجة الغربية التي تنادي بحقوق الإنسان ولكن ربما تقصد أنُاسًا غير الذين يعانون ويستحقون الحق والعدل ولذا تستحق تلك المبادرة أو الدعوة كل التقدير والاحترام لمهنيتها ولاستخدامها لأدوات السياسية الخارجية بشكل جيد وفاضح أمام العالم أجمع إلى أن يحصل "تيم" على نظارته على أرضه!.