لايمكن الفصل بين الهجمات الأمريكية الأخيرة ضد اليمن، والتصعيد الصهيونى كلاميًا بشأن احتلال محور فيلاديلفيا على الشريط الحدودى رغم تكرار التحذيرات المصرية.
يؤكد رئيس وزراء الكيان الصهيونى بنيامين نتانياهو لرؤساء المجالس المحلية للمستوطنات أن حربه ضد حركة حماس وباقى فصائل المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزه قد تستمر حتى عام ٢٠٢٥، وسط تنامى أصوات داخل حكومته الإرهابية تطالب باحتلال غزة وتهجير سكانها الى شبه جزيرة سيناء.
تلك الاصوات لاتعبر عن وجهة نظرها الشخصية أو حتى ماتمثله من جماعات متطرفة داخل المجتمع الصهيونى، لكنها فى الواقع تعبر عن نوايا وخطط نتنياهو وحكومته المسؤولة عن ارتكاب أكبر مجزرة تاريخية فى التاريخ المعاصر.
بكل المعايير العسكرية والحسابات السياسية نجحت المقاومه الفلسطينيه بقطاع غزة فى إلحاق الهزيمة بجيش الاحتلال الصهيونى بل إنها كشفت أمام المراقبين والمحللين العسكريين لدى الجيوش والأطراف الاقليمية فى الجوار نقاط ضعف الجيش الصهيونى ومدى جاهزية جنوده وضباطه للقتال ليس فقط من ناحية التدريب العسكرى وإنما أيضا من ناحية الكفاءة النفسية.
بعد هذه الهزيمة الاستراتيجية على صعيد ميادين القتال، وفى ساحة الصراع على اتجاهات الرأى العام العالمى؛ لم يعد أمام مجرم الحرب نتنياهو سوى خيارين؛ إما إبادة أكثر من ٢ مليون فلسطينى عبر القصف الجوى وهذا مستحيل، أو تهجيرهم إلى سيناء وإخلاء غزة ليعود إلى شعبه حاملا رايات النصر.
فى هذا السياق تصاعد الحديث عن محور فلاديلفيا والاستعداد لاحتلاله من قبل قوات الجيش الصهيونى مع إجلاء سكان رفح الفلسطينية بحجة محاصرة المقاومة الفلسطينية؛ وشدد نتنياهو نفسه على أنه لن ينهى هذه الحرب قبل احتلال المحور الحدودى المحازى للحدود المصرية.
الهدف الواضح من وراء كل هذا اللغط تدمير الجدار العازل الذى بنته مصر ثم دفع مئات الآلاف من مواطنى غزة نحو الأراضى المصرية من خلال قصف جوى ومدفعى عشوائى ضد المدنيين.
لقد نجحت التحركات المصرية فى محاصرة مخطط نتانياهو وتحجيمه ليبقى مجرد تصريحات فارغة يطلقها مجرم الحرب واعوانه؛ لذلك عملت الولايات المتحده حليفته الرئيسة وشريكته فى جرائم الحرب ضد مئات الآلاف من المدنيين العزل على إشعال فتيل التوتر العسكرى فى مضيق باب المندب للضغط اقتصاديًا على مصر بتحجيم عدد السفن والناقلات البحريه التى تمر عبر قناة السويس قادمة من آسيا ومتجهة إلى أوروبا وباالعكس.
منذ اللحظة الأولى حددت جماعة أنصار الله الحوثى فى اليمن السفن المتجهه إلى موانئ الكيان الصهيونى كأهداف لصواريخها وطائراتها المسيرة حتى تسمح دولة الإحتلال بعبور شاحنات المساعدات الإغاثيه لسكان غزة الذين تعصف بهم حرب التجويع.
وبدلًا من أن تمارس واشنطن ضغوطها على الكيان الصهيونى راحت تحذر شركات الشحن من العبور بمضيق باب المندب ثم لجأت إلى سياسة إشعال النيران على سطح مياه البحر الأحمر وبدأت فى شن هجمات عسكريه ضد اليمن مع علمها عدم جدوى عملياتها العسكرية وأنها لن تشكل عامل ردع حاسم لهجمات الحوثى ضد السفن المتجهه إلى الكيان الصهيونى.
أمريكا ببساطه تسعى إلى إرهاب وتخويف أغلب شركات الشحن للتأثير على عائدات قناة السويس لاعتقادها أنها بذلك تقدم دعمًا ومساندة لحليفها مجرم الحرب نتانياهو بصورة غير مباشرة ولتمهد له الطريق للمزيد من الضغوط على مصر حتى تكون أكثر قابلية للإستجابة لتلك الضغوط فتقبل بمخطط التهجير.
القاصى يدرك قبل الدانى أن الأمر لا يعدو كونه لعبة العض على الأصابع ومن يستطيع التحمل إكثر ومن يملك الإراده الأقوى صلابة؛ فلا الكيان الصهيونى يستطيع المغامرة بترجمة نواياه وتصريحاته إلى فعل عسكرى لأنه لا يطيق فتح جبهة مع مصر وقد انكشفت جميع عورات جيشه المهزوم؛ ولا الولايات المتحده تقبل من الأساس بتمزيق معاهدة كامب ديفيد للسلام لأن ذلك يعنى تدميرجميع مصالحها الاستراتيجية فى المنطقة مع إطلاق أول رصاصة.
كذلك تدرك واشنطن قبل غيرها إنها وأوروبا لا يتحملان اندلاع حرب طويلة الأمد فى مضيق باب المندب، لإنها وببساطه ستنتقل على طول رأس الرجاء الصالح ربما من المحيط الهندى وبحر العرب وحتى مضيق جبل طارق.
بعد ارتفاع أسعار رسوم التأمين على سفن الشحن سينعكس ذلك على أسعار الغاز والبترول وكل السلع التجارية على المدى المتوسط وحينها ستكف واشنطن عن اللعب بالنار وربما نرى وقتها مواقف أكثر جديه لوقف جرائم العدو الصهيونى.