الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

لأول مرة فى التاريخ إسرائيل أمام المحكمة.. جنوب أفريقيا تصنع التاريخ بمسائلة الاحتلال.. وألمانيا تواصل التواطؤ مع تل أبيب بـ"طرف ثالث"

محكمة العدل الدولية
محكمة العدل الدولية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

على مدار أكثر من سبعة عقود، عاثت إسرائيل إرهابًا دون رادع، بسبب اليقين الكامن فى نفوس قادة الكيان الغاصب بأنهم فوق المساءلة والمحاسبة، حتى جاء الحادى عشر من يناير ٢٠٢٤ ليغير مجرى التاريخ وتعرض جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطينى أمام محكمة العدل الدولية لأول مرة فى التاريخ.

كان الحدث فريدًا من نوعه صنعته جنوب أفريقيا بخطوات واثقة، حتى تحقق مبتغاها، ووقفت جنوب أفريقيا فى وجه إسرائيل تفضح جرائمها ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، حيث ارتكبت على مدار المائة يوم الماضية جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وعرضتها فى شكوى تتكون من ٨٤ صفحة حيث أكدت أن الاحتلال أقدم على أعمال إبادة بحق الشعب الفلسطينى فى غزة.

مرافعة جنوب أفريقيا

وخلال المرافعة أمام محكمة العدل الدولية، سرد الفريق القانونى الجنوب أفريقى الجرائم التى ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، حيث أكد فوسى ماندونسيلا سفير جنوب أفريقيا فى هولندا، أن الاحتلال مزق الشعب الفلسطينى وأهدر حقوقه فى تقرير المصير، من خلال تكثيف انتهاكاتها فى قطاع غزة وبقية الأراضى الفلسطينية.

واتهمت جنوب أفريقيا إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بأنها "دفعت أهالى غزة إلى حافة المجاعة".

وأشار ممثل جنوب أفريقيا إلى أن إسرائيل ارتكبت منذ عقود أعمال إبادة وفرضت حصارا على غزة، وأن النية بارتكاب إبادة جماعية متوافرة لدى إسرائيل، كما أن تل أبيب لم تتورع عن استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد المدنيين فى غزة، وقنص النساء والأطفال فى قطاع غزة.

ونوه إلى أن مستقبل الفلسطينيين يعتمد على قرار محكمة العدل الدولية، موضحا أن بلاده لديها أدلة جمعت خلال ١٣ أسبوعا تؤكد تعمد إسرائيل ارتكاب إبادة جماعية فى غزة، متهما الاحتلال بأنها يتمت أعدادا كبيرة من الأطفال فى قطاع غزة.

وتابع الممثل القانونى لجنوب أفريقيا أن ما أثبتته الوقائع فى قطاع غزة يقتضى تدخل المحكمة، حيث إن شاحنات المساعدات التى تدخل غزة تخضع لثلاث مراحل من التفتيش.

وسرد ممثل جنوب أفريقيا خلال مرافعته التصريحات المتطرفة التى أدلى بها قادة إسرائيل، وعلى سبيل المثال، نائب رئيس الكنيست والتى دعا فيها إلى محو غزة من على وجه الأرض، واستشهد أيضا بتصريحات وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت والتى قال فيها إنهم يحاربون حيوانات بشرية، معلقا بالقول: النية لتدمير قطاع غزة موجودة لدى أعلى المستويات السياسية فى إسرائيل.

وعرض ممثل جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، مقاطع فيديو لجنود الاحتلال يرقصون ويتوعدون سكان قطاع غزة بالدمار.

وفى السياق نفسه، أوضح مقرر محكمة العدل الدولية، أن جنوب أفريقيا تؤكد أن جرائم إسرائيل فى غزة "إبادة جماعية"، وتطالب دعوى جنوب أفريقيا بالحصانة للمدنيين فى قطاع غزة ووقف فورى لإطلاق النار.

وفيما يتعلق بالمحامية عادلة هاشم، فقد أشارت إلى أن الوضع بلغ حدا بات فيه خبراء يتوقعون أن يموت عدد أكبر من الناس جراء الجوع والمرض منه جراء أفعال عسكرية مباشرة.

ألمانيا طرف ثالث

وعلى الرغم من الوضوح الكامل لجرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، إلا أن ألمانيا أعلنت رفض الاتهامات التى وجهتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل فى محكمة العدل الدولية.

وزعم المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبستريت، الجمعة الماضية، أن إسرائيل "تدافع عن نفسها" بعد هجوم حماس فى السابع من أكتوبر الماضي، موضحا أن ألمانيا ستتدخل كطرف ثالث أمام محكمة العدل الدولية، بموجب مادة تسمح للدول بطلب توضيح بشأن استخدام اتفاقية متعددة الأطراف.

وتسمح هذه الخطوة لألمانيا بعرض حجتها إلى المحكمة بأن إسرائيل "لم تنتهك اتفاقية الإبادة الجماعية، ولم ترتكب أو تنوى ارتكاب إبادة جماعية."

الطريق إلى محاكمة إسرائيل

استفز العدوان الإسرائيلى الغاشم العالم، وفى نهاية أكتوبر الماضي، ذهب المدعى العام للجنائية الدولية كريم خان، إلى الجانب المصرى من معبر رفح الحدودى مع قطاع غزة، شدد فيه على ضرورة ضمان تمتع "الأشخاص الذين يعيشون فى خوف ورعب" بالحقوق المتساوية لجهة الحصول على الحماية بموجب القانون الدولي، وأكد أنه عازم على التأكد من الدفاع عن هذه الحقوق حيثما كان ذلك ممكنا وحيثما كانت لديه ولاية قضائية، وخاطب المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، إسرائيل قائلا "عليها أن تعلم أنها انتهكت القانون الدولى بحربها على غزة، كما أن عرقلتها لإمدادات الإغاثة لسكان القطاع قد تشكل جريمة، معبرا عن حزنه لاستهداف الأطفال فى الحرب الدائرة".

وذكر خان أن المحكمة الجنائية الدولية ستجرى تحقيقا حول أى جرائم تم ارتكابها داخل الأراضى الفلسطينية.

وبعد أسبوعين من زيارته إلى معبر رفح، نشر "خان" مقالا له فى ١٣ نوفمبر ٢٠٢٣ فى صحيفة لوموند الفرنسية، حذر فيه إسرائيل قائلا: "لا يوجد شيك على بياض، حتى فى أوقات الحرب"، مذكرًا الدولة اليهودية "بضرورة التزامها فى إطار حربها ضد حماس".

وأوضح المدعى العام "قواعد" الحرب التى حددتها اتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية، مؤكدا أيضا أن للاحتلال قوانين.

وأكدت منظمة العفو الدولية فى تقريرها الصادر فى ٢٠ نوفمبر الماضى أنها رصدت أدلة جديدة على ارتكاب الاحتلال الإسرائيلى جرائم حرب فى قطاع غزة، حيث تم قصف مدنيين فى مدارس ومستشفيات بشكل مباشر دون سابق إنذار لكنها أكدت أن مقاضاة إسرائيل أمام المحاكم الدولية صعبة.

وأوضحت "العدل الدولية"، أنها تلقت استغاثات من الضحايا بشأن قصف أماكن الإيواء التى كانوا فيها دون إنذار وهو ما يخالف القوانين الدولية وقواعد الحروب، مضيفة أن هناك أدلة على ارتكاب إسرائيل جرائم حرب فى قطاع غزة أسفرت عن مقتل ٤٦ مدنيا فلسطينيا مشددة على ضرورة التحقيق فيها.

وبعد تنامى الأصوات المطالبة بضرورة محاكمة قادة الاحتلال المتورطين فى قتل الفلسطينيين، تقدم ٥ دول أعضاء فى المحكمة الجنائية الدولية بطلب "التحقيق فى الهجمات الإسرائيلية على غزة"، بحسب ما أعلنته المحكمة فى السابع عشر من نوفمبر الماضي.

والدول الخمس هى جنوب أفريقيا وبوليفيا وبنجلاديش وجزر القمر وجيبوتي، وقالت جنوب أفريقيا إن الطلب قدم "لضمان إيلاء المحكمة الجنائية الدولية اهتماما عاجلا بالوضع الخطير فى فلسطين".

وتوالت المطالبات لمحاسبة الاحتلال حيث تقدمت ٣ منظمات حقوقية فلسطينية بمذكرة إلى المحكمة هى "منظمة الحق والمركز الفلسطينى لحقوق الإنسان، ومركز الميزان" اتهمت إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة، وطالبت باستصدار مذكرات توقيف بحث الرئيس الإسرائيلى إسحق هيرتزوج ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.

وفى السياق نفسه، اعتبر المحامى الفرنسى جيل ديفرز، نفسه صوت الضحايا الفلسطينيين أمام المحكمة الجنائية الدولية، مستنكرا الإجراءات الإسرائيلية المستمرة فى قطاع غزة، وقدم شكوى إلى الجنائية الدولية فى التاسع من شهر نوفمبر الماضي، متهما الاحتلال بارتكاب "إبادة جماعية"، وطالب بفتح تحقيق فى الوقائع المنسوبة إلى جيش الاحتلال فى قطاع غزة منذ السابع من شهر أكتوبر الماضي.

وأكد "ديفرز" أنه كون "جيش قانوني" من ٣٠٠ محام فى غضون ١٠ أيام، مشيرا إلى أن هناك إمكانية لتجنيد ٣٠٠٠ آخرين، والباب مفتوح لكل من يرغب فى أن يكون "شاهدا على الجرائم الإسرائيلية".

وتحت شعار "ليس لديك جيش؛ لقد قررنا أن نكون جيشكم"، حشد المحامى الفرنسى الدعم، وتم تقديم الشكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى بهولندا، نيابة عن أكثر من ٢٠٠ جمعية حول العالم.

ومن فرنسا إلى أستراليا، حيث وقع أكثر من ٣٠٠ محام فى أستراليا، فى مستهل شهر نوفمبر الجاري، على رسالة مفتوحة تدعو الحكومة الاسترالية إلى ممارسة نفوذها لضمان وقف إطلاق النار فى قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، من أجل وقف الحرب التى وصفتها الرسالة أنها تجاوزت "حدود" النزاعات المسلحة والقوانين الأخرى.

أحكام "العدل الدولية" ملزمة

تنظر محكمة العدل الدولية بنزاعات بين دول أعضاء، وأحكامها مبرمة وملزمة قانونا لكن لا تملك سلطة لفرض تطبيقها، ففى مارس ٢٠٢٢، أمرت المحكمة روسيا "بتعليق فوري" للحرب ضد أوكرانيا إلا أن موسكو تجاهلت هذا الأمر بالكامل.