دخل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يومه الـ 100؛ استشهد وأصيب خلالها الآلاف من المدنيين العزل بأطنان من المتفجرات والصواريخ التي أبادت البشر والحجر ليل نهار؛ وسط حصار قاتل وانعدام الخدمات واختفاء وندرة أبسط مُقومات الحياة وتزايد حدة الإبادة الجماعية المتعمدة ضد ما يزيد علي 2 مليون مواطن غزاوي… ونفذت آلة الحرب 570 هجمة على المراكز الصحية في غزة والضفة الغربية مما أدى إلى خروج عدد كبير من المستشفيات عن الخدمة وارتفاع مُعدلات الإشغال في 13 مؤسسة صحية فقط لا تزال تعمل من أصل 36، وارتفاع نسبة الإشغال لـ 206% في أقسام المرضى الداخليين و250% في وحدات العناية المركزة. حسبما تحدث المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية للشرق المتوسط الدكتور أحمد المنظري في حواره مع «البوابة نيوز».. فإلى نص الحوار:
* ما تقييمكم للأوضاع الصحية والإنسانية في غزة والضفة وفلسطين بشكل عام خاصة بعد عدوان الـ 7 من أكتوبر؟
مُنذ اندلاع الصراع في غزة والوضع يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، في ظل ارتفاع عدد القتلى لما يزيد علي 21 ألف شخص بينهم 70% من النساء والأطفال؛ وبالمثل تُعاني المؤسسات الأممية والإنسانية خسائر بشرية فادحة جراء الهجمات المُتواصلة على المؤسسات الصحية وأماكن الإيواء.
وفقدت «الأنوروا» ما يزيد علي 142 عاملًا لديها؛ وفقدت منظمة الصحة العالمية أحد موظفيها مُنذ عدة أسابيع منذ تصاعد وتيرة العدوان؛ وهذا هو أكبر عدد من عمال الإغاثة التابعين للأمم المتحدة الذين قتلوا في صراع في تاريخ الأمم المتحدة؛ فضلا عن العدد الهائل من القتلى.
ويُواجه الناجون من الهجمات العدائية أشد أنواع المعاناة في محاولة الوصول لأماكن إيواء آمنة يحتمون بها هم وأسرهم وحتى هذه اللحظة في غزة يقدر أن أكثر من 1.9 مليون أو 85٪ من السكان نازحون، وتشرد بعض العائلات عدة مرات؛ ويلجأ أكثر من 1.3 مليون شخص إلى مرافق «الأونروا» وغيرها من الأماكن العامة، بما فيها المستشفيات.
إلى جانب نصف مليون آخرين مسجلين ويحصلون على الخدمات من الأونروا؛ وفي الضفة الغربية تشرد 2000 شخص منذ 7 أكتوبر. أما على صعيد الهجمات على المراكز الصحية، فتم التحقق من 570 هجومًا في الأرض الفلسطينية المحتلة، و294 في غزة، و276 في الضفة الغربية.
* ماذا عن خروج عدد من المستشفيات عن الخدمة في ظل نقص الأدوية والمستلزمات الصحية واستمرار العدوان؟
يُعاني القطاع الصحي غزة خسائر فادحة منذ تصاعد الأعمال العدائية، فالاستهداف والقصف المستمر لمرافق الرعاية الصحية أدى إلى توقف معظمها عن العمل بشكل كلي؛ وحاليا لا تعمل سوى 13 مرفقًا صحيًا من أصل 36 مرفقًا كما أنهم يعملون بشكل جزئي: 9 مستشفيات في الجنوب و4 مستشفيات في الشمال، ومرافق الجنوب تعمل بشكل جُزئي منها 3 مستشفيات فقط لديها قدرة جراحية ويعمل المستشفيان الرئيسيان في جنوب غزة بثلاثة أضعاف طاقتهما الاستيعابية.
وتصل مُعدلات الإشغال الآن إلى 206٪ في أقسام المرضى الداخليين و250٪ في وحدات العناية المركزة، بالإضافة إلى توفير المأوى لآلاف المشردين داخليًا؛ أما في الشمال فهناك 4 مستشفيات فقط تعمل جزئيا (مستشفى جمعية أصدقاء المرضى، العودة، الحلو، مستشفيات الصحابة).
* وهل يمكن أن تساعد المستشفيات الميدانية في دعم القطاع الصحي في غزة.. في ظل تزايد أعداد الشهداء والإصابات اليومية؟
يمكن لفرق الطوارئ والمستشفيات الميدانية استكمال النظام الصحي وليس استبداله؛ ويتمثل دور منظمة الصحة العالمية في دعم المرافق الصحية القائمة للحفاظ على تقديم الخدمات الصحية وتعزيزها، وهذا هو محور الخطة التشغيلية لمنظمة الصحة العالمية للأرض الفلسطينية المحتلة.
* منظمة الصحة دقت ناقوس الخطر بشأن الوضع الصحي في غزة.. ما أبرز الكوارث الصحية التي تم رصدها ويُخشى تفشيها في غزة؟
منذ منتصف أكتوبر 2023، تم الإبلاغ عما يقرب من 180 ألف حالة تعاني من التهابات الجهاز التنفسي العلوي في ملاجئ النازحين، و136 ألف حالة تعاني من الإسهال (نصف هذه الحالات بين الأطفال دون سن الخامسة) و675 حالات إسهال دموي وما يزيد علي 55 ألف حالة قمل وجرب، وأكثر من 5 آلاف حالة تعاني من جدري الماء، و38 ألف حالة تعاني من الطفح الجلدي، القوباء - 4722، وحتى بعض حالات التهاب الكبد E، مع 1126 حالة من متلازمة اليرقان الحاد (AJS). كما تتزايد حالات التهاب السحايا، حيث يبلغ عدد الحالات 126 حالة.
زادت حالات الإسهال بمقدار 45 مرة بشكل عام، و20 مرة لدى الأطفال دون سن الخامسة، مقارنة بالمتوسط الشهري في عامي 2021 و2022، ويمكن أن يؤدي تعطيل أنظمة المياه والصرف الصحي إلى زيادة خطر انتقال الكوليرا، في حالة وجود البكتيريا أو إدخالها؛ ويُشتبه في وجود التهاب الكبد لدى العديد من الأشخاص الذين تظهر عليهم علامات اليرقان ولا توجد حالات مؤكدة حتى الآن... وحاليا لا توجد قدرة تشخيصية في قطاع غزة حيث لا يستطيع المختبر المركزي في شمال غزة العمل بسبب الأعمال العدائية الجارية.
* ماذا عن الأوبئة التي يمكن أن تنتشر في غزة في ظل وجود جثث تحت الأنقاض والشوارع والمقابر الجماعية؟
في حين أنه من المحزن رؤية الجثث، يجب على قادة المجتمع أو السلطات عدم دفن الجثث على عجل في المقابر الجماعية أو تنفيذ عمليات حرق جماعية؛ يجب أن تضع إجراءات الدفن أو حرق الجثث في الاعتبار الاهتمامات الثقافية والدينية والعائلية؛ وإن أجساد الذين يموتون من الكوارث الطبيعية أو الصراعات المسلحة ليست عمومًا مصدرًا للمرض؛ ما لم يكن المتوفى قد مات بسبب مرض شديد العدوى، فإن الخطر على الجمهور ضئيل.
ومع ذلك، هناك خطر الإصابة بالإسهال من مياه الشرب الملوثة بمواد البراز من الجثث؛ والتطهير الروتيني لمياه الشرب كافٍ للوقاية من الأمراض المنقولة بالمياه؛ كما أن الدفن الجماعي السريع أو حرق الجثث، يجعل التعرف على الموتى وإخطار الأسرة، أكثر صعوبة وأحيانًا مُستحيلة.
الظرف الوحيد الذي تشكل فيها الجثث خطرًا صحيًا متمثلا فى انتشار الأوبئة هو عندما تكون الوفيات ناتجة عن بعض الأمراض المُعدية أو عندما تحدث كارثة طبيعية في منطقة يتوطن فيها مثل هذا المرض؛ ولا يسرع مسحوق الجير في التحلل، وبما أن الجثث في الكارثة أو الصراع لا تشكل عمومًا خطرًا مُعديًا، فلا داعي لتطهير هذه الجثث؛ ولكن بعد أي اتصال مع المتوفى، يجب غسل اليدين بالصابون والماء، أو تنظيفهما بفرك اليد القائم على الكحول إذا لم تكن هناك تربة مرئية.
* ماذا عن تعاون المنظمة مع الأونروا والصليب الأحمر الدولي في غزة.. وهل ترى أن دفعات الإمدادات الطبية تكفى تلبية الحاجة الملحة والمتزايدة للنازحين والمصابين ؟
لا تكفى الإمدادات الطبية في الوقت الحالي لسد الاحتياجات الهائلة والمتزايدة في قطاع غزة نظرًا لكم المخاطر الهائلة التي يتعرض لها العاملون ببعثات الإغاثة الإنسانية وأطقم العمل الخاصة بالمؤسسات الأممية خلال محاولات توصيل هذه المساعدات للقطاع ولاسيما مع استمرار الاستهداف المتعمد من قبل الجيش الإسرائيلي ونقص الوقود.
* ماذا عن معدلات سوء التغذية والأمراض المزمنة بين الأطفال وكبار السن؟
يزيد سوء التغذية من خطر وفاة الأطفال بسبب أمراض مثل الإسهال والالتهاب الرئوي والحصبة، خاصة في بيئة يفتقرون فيها إلى الوصول إلى الخدمات الصحية المنقذة للحياة. ووفقا لـ«اليونيسيف»: فإن الأطفال في غزة لا يستطيعون الوصول إلى 90 % من استخدامهم العادي للمياه؛ والتأثير على الأطفال شديد، لأنهم أكثر عرضة للجفاف والإسهال والأمراض وسوء التغذية. وتتزايد بشكل خاص الشواغل المتعلقة بالأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا والإسهال المزمن بالنظر إلى نقص المياه المأمونة.
وفي الوقت الحالى يتزايد تقييد قدرة منظمة الصحة العالمية على توصيل الإمدادات إلى المستشفيات بسبب جوع ويأس الأشخاص الذين في طريقهم إلى المستشفيات وداخلها للوصول إليها.
وشهدت منظمة الصحة العالمية ومكتب تنسيق الشئون الإنسانية واليونيسيف والمطبخ المركزي العالمي تزايد اليأس بسبب الجوع الحاد الذي شهدته البعثة المشتركة التي قامت بها إلى المستشفيات في شمال غزة في 23 ديسمبر.
الناس هناك يعانون من الجوع وخطر المجاعة حقيقي، كما هو الحال في جميع أنحاء غزة وسط نقص حاد في الغذاء ويُجبر البحث عن الغذاء الناس على الدخول في حالات مروعة من الجوع ويقود البعض بدافع اليأس إلى أخذ الإمدادات من شاحنات التوصيل، كما حدث خلال المهمة المشتركة.
فالجوع بالفعل موجود والمجاعة تلوح في الأفق في غزة؛ يواجه الناس الجوع وبيع ممتلكاتهم مقابل الطعام. الآباء يجوعون حتى يتمكن أطفالهم من تناول الطعام. فإن 4 من كل 5 أسر في شمال غزة، ونصف الأسر المعيشية المشردة في الجنوب، تقضي أيامًا وليالي كاملة دون تناول الطعام ويتزاحم النازحون في الملاجئ وسط ظروف الشتاء القاسية، والتي ستزيد حتما من انتشار المرض. ولوقف المجاعة، تدعو منظمة الصحة العالمية والشركاء إلى تحسين عاجل في الأمن الغذائي من خلال تدفقات المساعدات المتسارعة إلى غزة.
* وما تقييمكم لاستجابة المجتمع الدولى للأزمة الإنسانية والصحية فى غزة؟
الوضع معقد للغاية ويزداد سوءًا مع مرور الوقت؛ لاسيما مع استمرار حدة الصراع وتزايد الهجمات المسلحة على المدنيين والأطقم الطبية ومراكز الرعاية الصحية؛ فالاحتياجات تتصاعد باستمرار ويجب على المجتمع الدولي ومنظمات الإغاثة الإنسانية والأممية أن تكثف جهودها للاستجابة لهذا الكم الهائل من الاحتياجات.
ومن جهتنا كمنظمة الصحة العالمية، فقد جرى تحديث النداء العاجل لمجموعة الصحة باحتياجات قدرها 204 ملايين دولار لتغطية احتياجات 2.5 مليون شخص في كل من غزة والضفة الغربية حتى نهاية العام.
وفي أكتوبر، وجهت منظمة الصحة العالمية نداءً تمويليًا من أجل الأزمة الصحية في الأرض الفلسطينية المحتلة، طالبت فيه بمبلغ 80 مليون دولار من دولارات الولايات المتحدة للاستجابة للاحتياجات الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، ولا سيما في غزة، وللقيام بالتخطيط للطوارئ في مصر ولبنان وسوريا والأردن حتى نهاية عام 2023.
واستجابة لتزايد الأعمال العدائية عبر الحدود، وجهت منظمة الصحة العالمية نداءً عاجلا من أجل التأهب والاستجابة في لبنان، لزيادة القدرة على إدارة الإصابات الجماعية والرعاية في حالات الطوارئ، وضمان استمرارية الخدمات الصحية الأساسية للسكان والمتضررين، وتعزيز مراقبة الأمراض ومكافحتها، من بين إجراءات أخرى.
وأصدرت المنظمة خطة استجابة تشغيلية للأشهر الـ 3 المقبلة بطلب مالي قدره 110 ملايين دولار أمريكي مع التركيز على ما يلي: تقديم الخدمات الصحية؛ واستخبارات الصحة العامة والإنذار المبكر والوقاية من الأمراض ومكافحتها؛ والإمدادات والدعم اللوجستي؛ والتنسيق. وثمة حاجة إلى مبلغ آخر قدره 30 مليون دولار من أجل التأهب والاستجابة في البلدان المجاورة.
يبلغ تمويل منظمة الصحة العالمية في الوقت الحالى 46.9 مليون دولار أمريكي تم استلامها بالفعل، وقد أفرجت منظمة الصحة العالمية بالفعل عن 14.56 مليون دولار من دولارات الولايات المتحدة من صندوق الطوارئ لحالات الطوارئ التابع لها للسماح بزيادة المساعدة على الفور ومن خلال هذا التصدي للاحتياجات الحادة في الأراضي الفلسطينية المحتلة والاستعداد في البلدان التي يحتمل أن يتسرب إليها النزاع.
* ما موقفكم من ممارسات إسرائيل وتعمد استهداف القطاع الصحى والمنظمات الإغاثية في غزة؟
تدين منظمة الصحة العالمية وبشدة الهجمات المستمرة والمتعمدة على المرافق الصحية ومقرات منظمات الإغاثة الدولية؛ ويدعو القانون الإنساني الدولي إلى حماية المدنيين، ولا سيما العاملين في مجالي الرعاية الصحية. وليس من ولاية منظمة الصحة العالمية اتخاذ قرارات بشأن القانون الإنساني الدولي؛ بل نناشد جميع الأطراف التقيد بالقوانين الإنسانية وقوانين حقوق الإنسان في جميع الأوقات. وإننا نؤكد أنه يجب عدم مهاجمة المرافق الصحية والعمال والمرضى أو استخدامهم لأغراض عسكرية، ومبادئ الحيطة والتمييز والتناسب مطلقة ويجب اتباعها دائما.
بعيدًا عن الأوضاع في غزة.. ما هو تقييم الأوضاع الصحية والإنسانية في السودان بعد 10 أشهر من النزاع المسلح؟
الحرب في السودان أثرت تأثيرًا مميتًا على حياة الناس وسبل عيشهم وصحتهم، والنظام الصحي الذي كان ضعيفًا بالفعل ويُكافح بسبب الصراع وتفشي الأمراض والجوع الناجم عن الجفاف ينهار تحت الضغط الهائل الناجم عن الحرب. الصحة مُعلقة في الميزان في مواجهة النزوح الجماعي والإصابات والجوع والفيضانات وتفشي الأمراض في سياق الهجمات على الصحة وندرة الإمدادات الطبية والمعدات والعاملين الصحيين والنقود لتغطية التكلفة التشغيلية.
وأضاف "المنظري": نشعر بالقلق إزاء القتال في ولاية الجزيرة؛ حيث يوجد تفشي نشط للكوليرا وتزايد أعداد كبيرة من النازحين. ولدى منظمة الصحة العالمية أيضًا مركز عمليات في عاصمة الولاية ود مدني، والذي كان العمود الفقري للاستجابة الصحية للخرطوم والولايات المحيطة بها منذ بدء الصراع؛ ونتابع التطورات عن كثب وعلقنا مؤقتا جميع البعثات الميدانية داخل الجزيرة وإليها.
وتابع: ويتزايد القلق أيضًا إزاء مستويات الجوع شبه الكارثية التي يواجهها ملايين السودانيين؛ إذ دفع الصراع الشديد والعنف المنظم والتدهور الاقتصادي المستمر في البلاد 17.7 مليون شخص في جميع أنحاء السودان إلى مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، مع 4.9 مليون شخص على شفا المجاعة، وفقًا لتصنيف مرحلة الأمن الغذائي المتكامل الذي تم إصداره حديثًا.
وقال إنه ومنذ الإعلان عن تفشي الكوليرا في القضارف في 26 سبتمبر الماضي، أبلغت 9 ولايات عن أكثر من 6900 حالة مشتبه بها ومؤكدة، بما في ذلك أكثر من 1800 حالة و26 حالة وفاة في الجزيرة. وتدعم منظمة الصحة العالمية واليونيسيف والشركاء وزارات الصحة الاتحادية ووزارات الولايات في التصدي لتفشي الكوليرا في الولايات المتضررة واحتوائه.
ومنذ بداية الحرب، تحققت منظمة الصحة العالمية من 60 هجومًا على الرعاية الصحية مع 34 حالة وفاة و38 إصابة، وهذه الهجمات استهدفت المرافق الصحية والأصول الصحية والنقل والعاملين الصحيين والمرضى. ووقعت 28 هجمة بعد توقيع إعلان جدة للالتزام بحماية المدنيين في السودان وتدين المنظمة بأشد العبارات الهجمات المستمرة على الرعاية الصحية في السودان، واحتلال المرافق الصحية.
وفي الأصل النظام الصحي في السودان مُرهق بالفعل قبل الحرب؛ ولكن الآن هو على وشك الانهيار؛ فنحو 70 إلى 80٪ من المستشفيات في الدول المتضررة من النزاعات لا تعمل، والبقية غارقة في تدفق الأشخاص الذين يلتمسون الرعاية، وكثير منهم نازحون داخليًا؛ ويموت الناس بسبب نقص الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية والأدوية؛ وتوقفت في العديد من المناطق الخدمات الحيوية، بما في ذلك الرعاية الصحية للأم والطفل، وإدارة سوء التغذية الحاد الوخيم، وعلاج المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة.
ونشعر بقلق خاص إزاء الحالة في دارفور؛ وبحسب ما ورد يتعذر الوصول إلى العديد من المستشفيات، ويمنع انعدام الأمن من تسليم المساعدات الإنسانية بأمان؛ وفر ما يقرب من نصف مليون شخص من دارفور إلى تشاد، وكثير منهم بحاجة فورية إلى الرعاية الصحية، بما في ذلك رعاية الصدمات.
وتستجيب منظمة الصحة العالمية للاحتياجات الصحية لشعب السودان وتعزز الاستجابة الصحية الطارئة؛ تعمل فرقنا عن كثب مع الشركاء الصحيين لتوزيع الأدوية والإمدادات الطبية التي تمس الحاجة إليها، وتقديم مشورة الخبراء والتدريب والإشراف على العمليات الصحية ومراقبة الأمراض والاستجابة لتفشي المرض. ومع ذلك، لا يزال انعدام الأمن والعقبات التشغيلية يشكلان تحديًا في إيصال الإمدادات والخدمات في الوقت المناسب.
ولا تزال المنظمة بحاجة إلى الالتزام والدعم المستمرين من المانحين لمواصلة أداء عملنا المنقذ للحياة على الأرض لاستدامة النظام الصحي وإعادة تأهيله من خلال الصدمة الحالية وتعزيزه لتلبية الاحتياجات المتزايدة فالسودان بحاجة إلى السلام وبدونه ستتعطل الحياة وسبل العيش والصحة وغيرها من نظم الخدمات الاجتماعية تعطلا شديدا في مواجهة الحالة المتدهورة بسرعة؛ والآن حان الوقت للعمل من أجل السودان؛ وسيكلفنا الإجراء المتأخر المزيد من الأرواح المفقودة، والمزيد من العائلات المنهارة.