تحتفي الأوساط الفنية اليوم الإثنين بذكرى ميلاد أستاذ فن الكوميديا في مصر والوطن العربي الفنان الراحل سمير غانم «15 يناير 1937 – 20 مايو 2021»، والذي يعد واحدًا من أبرز الأجيال الرائعين الذين استطاعوا رسم البسمة على وجوه الملاين في العالم العربي، فعشقه الصغار قبل الكبار لخفة ظله، فيعد من العلامات البارزة في تشكيل ملامح تاريخ الفن المصري بما قدمه من أعمال أثرت في وجدان الشعب العربي.
ترك الشرطة والتحق بالزراعة في الإسكندرية
عمل والد الفنان سمير غانم ضابطا بالشرطة، وقضى خدمته في العديد من المحافظات، ونظرا لعمل والده في الفيوم، فالتحق نجله الأكبر سمير غانم بالمرحلة الإبتدائية بها، ثم انتقل مع والده إلى بني سويف وانتهي من دراسته بالمرحلة الثانوية، ثم التحق بعدها بكلية الشرطة في القاهرة، واستمر بها لمدة عامين، وكان زملاء دفعته اللواء فؤاد علام، واللواء حسن الألفي وزير الداخلية الأسبق، واللواء ممدوح الرخاوي، وآخرون، وترك الشرطة والتحق بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية، وزامله في الجامعة المخرج محمد فاضل، والفنان محمود عبدالعزيز، والفنان سيد حلمي عبدالكريم، وغيرهم من الأساتذة.
وكان سمير غانم مسئولا عن فريق السمر بالجامعة، حتى جاءت فكرة تكوين فريق تمثيل بالجامعة على يد المخرج نور الدمرداش، وتكونت فرقة الثلاثي التي ضمت الفنانين سمير غانم، ووحيد سيف، وعادل نصيف، وقدم أول عمل بعنوان "إخوان غانم".
وتعرف سمير غانم على الفنان جورج سيدهيم في الإسكندرية، وقدمت فرقة الثلاثي حلقتين في برنامج "مع الناس" لفؤاد منيب على التليفزيون المصري، وسافر الفنان عادل نصيف إلى الخارج، وتخلى الفنان وحيد سيف عن الفرقة نظرا لارتباطه بالعمل في الإسكندرية، فانضم إليها الفنانين جورج سيدهم، والضيف أحمد وأطلق عليها فرقة "ثلاثي أضواء المسرح" وبدأت الفرقة عملها باسكتش "كوتوموتو"، وأتبعه العديد من الاسكتشات الكوميدية.
ومن المواقف الطريفة التي تعرضت لها الفرقة وشهدت على شهرتها، فقد أحيت الفرقة حفل زواج نجلة الرئيس جمال عبدالناصر السيدة منى جمال عبدالناصر على الدكتور أشرف مروان بناءً على رغبتها، وقدمت الفرقة اسكيتش كوميدي بعنوان "دكتور الحقني" في جو من الرهبة في حضور رئيس مصر آنذاك الزعيم جمال عبدالناصر، ولفيف من القيادات بالدولة، مما نال اعجاب الحضور، كما قدمت الفرقة أيضا العديد من الاسكتشات الكوميدية باحتفالات أعياد الثورة على مسرح الزمالك في حضور الرئيس جمال عبدالناصر، ومع مرور الوقت تكرر هذا المشهد مرة أخرى مرتين في فرح أبناء الرئيس محمد أنور السادات، حتى ذاعت شهرة الفرقة وأصبحت من أبرز الفرق على الساحة الفنية.
وقدمت فرقة ثلاثي أضواء المسرح أول فوازير في التليفزيون بعنوان "ثلاثي أضواء المسرح" عام 1968 ومن إخراج محمد سالم، وحققت نجاحا كبيرا، وأتبعها فوازير "فطوطة" التي عرضت في رمضان وأصبحت حاضرة في أذهان الجميع حتى وقتنا هذا، وشارك الثلاثي في العديد من الأعمال السينمائية وحققت نجاحًا كبيرًا كان من بينها: "30 يوم في السجن، وشاطئ المرح، والزواج على الطريقة الحديثة، وشباب مجنون جدًا، وحلوة وشقية، وغيرها من الأفلام، إلى جانب العديد من المسرحيات منها: مسرحية "الحواديت" التي قدمت على خشبة مسرح الهوسابير، ومن تأليف يوسف عوف، وإخراج محمد سالم، وصارت الفرقة تواصل نجاحها من حين لآخر، حتى انحلت الفرقة بعد وفاة أحد أركانها الفنان الضيف أحمد.
وقدم الثنائي سمير غانم، وجورج سيدهم المسرحية الناجحة "المتزوجون" في 1976، من تأليف فيصل ندا، وإخراج حسن عبدالسلام، وشاركهما البطولة الفنانين: شيرين، وأحمد ماهر، ونجاح الموجي، ومحمد التاجي، وإبراهيم قدري، وراوية سعيد، ورجاء أمين، وزكريا موافي وآخرين، والتي لاقت نجاحا جماهيريا كبيرا، وظلت تعرض هذه المسرحية إلى وقتنا هذا وخاصة في المناسبات والأعياد.
شارك سمير غانم في العديد من الأعمال السينمائية، والتليفزيونية، والمسرحية، والإذاعية الناجحة، ونال عنها شهرة موسعة في الوسط الفني حتى أصبح أحد رموز الكوميديا في الوطن العربي، وبفضا أعماله جعلته ينال العديد من الجوائز والتكريمات كان آخرها قبل رحيله تكريمه في مهرجان القاهرة السينمائي بجائزة فاتن حمامة التقديرية عام ٢٠١٧، إلى أن رحل عن عالمنا تاركا إرثا فنيا ضخما تتوارثه الأجيال، وتظل أعماله باقية رغم رحيله.