بالرغم من الهجمات الصهيونية على الأراضي الفلسطينية، يمكن أن تتحول النوستالجيا الفلسطينية إلى تجربة إيجابية اعتمادًا على كيفية تفاعلك معها، والنوستالجيا عمومًا تمثل شعورًا بالحنين إلى الماضي، وغالبًا ما يكون ذلك تجاه فترة كانت أكثر سعادة أو بساطة، ويمكن أن تكون هذه التجربة إيجابية، حيث يمكن أن تساعد على الشعور بالراحة والسعادة، ومع ذلك، يجب الانتباه إلى أنها قد تكون أيضًا تجربة سلبية، حيث يمكن أن تؤدي إلى الشعور بالحزن أو الاكتئاب.
النوستالجيا الفلسطينية
النوستالجيا، هو مصطلح يوناني الأصل، ويُستخدم للتعبير عن الحنين إلى الماضي أو العيش في الماضي وهي متلازمة تصيب الإنسان الذي يحن دائمًا إلى الماضي والعيش مع الذكريات.
"م. ن" فلسطينية قدمت من غزة للعلاج في مصر، تشارك قصتها مع "البوابة نيوز" تقول: "نستعيد فلسطين بالحنين لذكرياتنا، فأنا عمري 77 سنة وعائلتي كلها استشهدت بنيران الاحتلال الإسرائيلي".
وتضيف: "النوستالجيا هي شعور متأصل في نفوس الشعب الفلسطيني، ذلك الشعب ذو الهوية المميزة رغم احتلال الكيان الصهيوني لأرضه، وعلى الرغم من الابادة الجماعية المستمرة منذ عام 1948 حتى 2024. مفتاح بيتنا معي حتى آخر نفس بيدي."
نصائح من أساتذة علم النفس للتعامل مع التحديات
يتحدث أساتذة علماء النفس عن النوستالجيا الفلسطينية التي يعيشها الشعب، الذي ذاق الأمرين على كل المستويات لمدة 75 عامًا. يُعتبرونها عاطفة طبيعية ناتجة عن تاريخ مليء بالعذاب النفسي تحت وطأة الاحتلال الصهيوني، حيث فقدوا الأهل والبيت والأرض والجنسية والوطن. تترك النوستالجيا آثارًا إيجابية وسلبية.
يقول الدكتور أحمد عبد السلام، أستاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة القاهرة لـ "البوابة نيوز"، إن النوستالجيا الفلسطينية تعبر عن حنين كل الفلسطينيين للماضي عندما كان هناك وطن. غالبًا ما يرتبط هذا الحنين بفترة كانت أكثر سعادة أو بساطة.
يُضيف: أن النوستالجيا قد تكون تجربة إيجابية، حيث يمكن للاتصال بالماضي مساعدتهم في الشعور بالراحة والسعادة.
ويُكمل الدكتور عبد السلام بالقول: إن النوستالجيا الفلسطينية قد تكون أيضًا تجربة سلبية، حيث يمكن أن تؤدي إلى الحزن والاكتئاب بسبب فقدان البيت والأهل، مما يثير الندم على الماضي. يشير إلى أن النوستالجيا قد تتحول فيما بعد إلى حالة ضارة تتطلب الانخراط أكثر في الحياة لاستعادة التوازن النفسي، بالتحايل على الانسحاب من الواقع الحالي.
ويقول الدكتور محمد عبد اللطيف، أستاذ علم النفس الاكلينيكي في جامعة عين شمس لـ "البوابة نيوز": إن النوستالجيا الفلسطينية عادةً ما ترتبط بالتغيرات الصعبة في حياة الفلسطينيين، مع التنقل المستمر بين الأماكن وفقدان أحبائهم وأماكنهم المفضلة. يعتبرون النوستالجيا وسيلة للتعامل مع هذه التغييرات، حيث يمكن أن تساعدهم على الشعور بالراحة والسعادة رغم جميع الأحداث الصعبة، وفقد أحبائهم من الآباء والأمهات والأبناء والأقارب.
ويضيف الدكتور عبد اللطيف أن النوستالجيا لدى الفلسطينيين قد تكون تجربة إيجابية، إذا تم التركيز على الأمل في المستقبل وتدارك مصاعب الحاضر لضمان استمرارية الحياة.
وتقدم الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم النفس في جامعة عين شمس، نصائح عبر "البوابة نيوز" للتعامل مع النوستالجيا الفلسطينية:
أولًا: ينصح بالتمسك بالأمل وفهم سبب الحنين إلى الماضي، يُشجع على التفكير في الفترة التي تثير فيك هذا الحنين وتحديد الأشياء المميزة فيها. بفهمك لسبب الحنين، يمكنك البدء في العمل على التغلب عليه.
ثانيًا: يُشدد على التركيز على الأمل في المستقبل وتذكير نفسك بأن الماضي قد انتهى، والحاضر سيمر. يُحث على التركيز على الأشياء السعيدة في الوقت الحالي بدلًا من التمسك بالماضي.
ثالثًا: يوصى بالبحث عن طرق جديدة لخلق حياة سعيدة. يُشجع على قضاء وقت في أشياء تستمتع بها ومع الأشخاص الذين تحبهم. خلق ذكريات جديدة يمكن أن يساعد في التغلب على الحنين إلى الماضي.
رابعًا: ينصح بطلب المساعدة إذا كنت بحاجة إليها، إذا شعرت بعدم القدرة على التغلب على النوستالجيا، يُشدد على عدم التردد في طلب المساعدة من أصدقاء أو أفراد العائلة أو محترفين في مجال الصحة النفسية.