بالرغم من أن جنوب أفريقيا دولة غير عربية وربما غير إسلامية أيضًا ولكنها، فاجأت العالم كله، حينما أقامت دعوى قضائية ضد إسرائيل وعدوانها على شعب غزة فى محكمة العدل الدولية فى لاهاى بهولندا، وحينما استدعت الضمير الغائب عن معظم دول العالم، وربما كل دول العالم، ضد الممارسات البشعة والإبادة الجماعية التى تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى وخاصة فى غزة التى راح ضحيتها ما يقارب ٢٥ الف قتيل و٦٠ الف مصاب خلال مائة يوم فقط، ناهيك عن تدمير كل معالم غزة من بنية تحتية ومدارس ومستشفيات ومحلات وبيوت ومنازل وحدائق، والعالم لا يحرك ساكنا، سوى الشجب والادانة وإسرائيل من جانبها تضلل العالم عبر إعلامها التقليدى والرقمى المسيطر على الإعلام الدولي، الا أن جنوب أفريقيا تحركت بقوة وقامت دعوة ضد إسرائيل فى المحكمة الدولية لمحاكمتها على جرائمها بالوثائق والمستندات وتوثيق الجرائم بالصوت والصورة برئاسة وزير العدل الجنوب افريقى لعرض بشاعة الممارسة الإسرائيلية تقصف وتقنص النساء والأطفال فى قطاع غزة لدرجة أن ممثلة جنوب إفريقيا تقول: ما من شيء سيضع حدًا لأفعال "إسرائيل" فى غزة دون قرار من المحكمة علمًا أن الجيش الإسرائيلى أعلن أنه سيواصل هذه الأفعال لمدة سنة على الأقل! وتوكد أن إسرائيل دمرت حتى الآن عشرات الآلاف من المنازل وقضت على أى احتمال لعودة النازحين الفلسطينيين إلى منازلهم. وان إسرائيل ترتكب عنفا جنسيا بحق النساء والأطفال، وان
أفعال إسرائيل تشير إلى نية ارتكاب إبادة. كما أن إسرائيل تحدد مناطق آمنة للفلسطينيين فى قطاع غزة قبل أن تقوم بقصفها.فقد يتمت إسرائيل أعدادا كبيرة من الأطفال فى قطاع غزة. وما أثبتته الوقائع فى قطاع غزة يقتضى تدخل هذه المحكمة.
كما ذكرت جنوب أفريقيا أن شاحنات المساعدات التى تدخل قطاع غزة تخضع لثلاث مراحل من التفتيش
فضلا عن سوء التغذية والأمراض ستؤدى إلى حالة من الأوبئة القاتلة فى غزة إذا لم تتم معالجتها، إسرائيل فرضت عن عمد ظروفا فى غزة لعدم السماح بالعيش والتدمير الجسدى للفلسطينيين، ما يدخل قطاع غزة من مساعدات لا يكفى حاجة سكانه وان إسرائيل تتعمد خلق ظروف تحرم الفلسطينيين من المأوى والمياه النظيفة.
وأضافت وثائق جنوب إفريقيا أن اسرائيل على درايه أنها تقتل المدنيين فى كل قذيفة تسقطها على غزة، لدرجة أنها أدت الى أكثر من 36 ألف إصابة معظمهم من الأطفال والنساء فى الوقت الذى انهار فيه النظام الصحي، ومدنيون تعتقلهم القوات الإسرائيلية بعد التنكيل بهم.
كما أن المصابين فى قطاع غزة محرومون من الرعاية الصحية اللازمة لإنقاذ حياتهم
وتوقعت ممثلة جنوب إفريقيا فى محكمة العدل الدولية أن الذين سيموتون من الجوع والأمراض فى غزة أكثر من الذين قضوا فى الغارات الإسرائيلية، فى ظل منع إدخال المساعدات وقصف المواكب، فقد خططت مؤسسات دولية لتوجيه قافلة مساعدات لمركز طبى ولكنها منعت من قبل السلطات الإسرائيلية وهذه هى المرة الثالثة التى تمنع فيها البعثة من الوصول إلى شمال غزة مما أودت بالفلسطينيين إلى جوع شديد، من بين كل الناس حول العالم الذين يعانون الآن من الجوع الكارثى أكثر من 80% فى غزة.
كما فرضت إسرائيل أوامر إخلاء على مستشفيات كاملة بكل ما فيها بينهم أطفال رضع، وفرضت "إسرائيل" ظروفًا فى غزة لا تسمح باستمرار الحياة، من خلال النقل القسرى بعد أن أجبرت 85% من الفلسطينيين فى غزة على النزوح، ومن رفضوا المغادرة أو لم يستطيعوا ذلك قتلوا أو مهددون بالقتل، فلسطينيون كثر نزحوا أكثر من مرة!
ومن جانبه الأمين العام للمتحدة وصف غزة بأنها مقبرة للأطفال ومعاناة الفلسطينيين الجسدية والنفسية لا يمكن وصفها. وقالت ممثلة جنوب أفريقيا أن أكثر من 1800 عائلة فقدت أكثر من شخص من أفرادها مئات العائلات محيت من الوجود نتيجة القصف الإسرائيلي، آباء وأبناء وأمهات وخالات وعمات وأعمام قتلوا معًا، هذا القتل الذى يرتكب عن قصد لا يستثنى أحدًا حتى الأطفال الرضع.
ومن جانبها نفت مصر المزاعم الإسرائيلية فى محكمة العدل الدولية بشأن أن مصر تعرقل المساعدات الإنسانية الى غزة، كما أن كبار مسؤولى العالم لم يتمكنوا من عبور معبر رفح بسبب القصف الإسرائيلى المستمر على غزة.
لذا ما فعلته جنوب افريقيا بحق شعب غزة والشعب العربى كله، هو عمل عظيم ضد الكيان الإسرائيلى المتغطرس، فكانت بمثابة ضربة معلم من جنوب إفريقيا، لصالح الشعب الفلسطينى البطل دوما الذى لا حول له ولا قوة، والذى يدافع عن أرضه وربما عن الشعوب العربية جميعها.