ما زالت أصداء توقيع إثيوبيا والمنطقة الانفصالية المعروفة باسم "أرض الصومال" أو "صوماليا لاند" على مذكرة التفاهم التى تنص على حصول أديس أبابا على ٢٠ كم من ساحل البحر الأحمر، تتردد وسط تصاعد الإدانة الدولية للتحرك الإثيوبى والمساندة والدعم للصومال.
وفى هذا السياق، نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تقريرا حول الأزمة التى اندلعت فى الأول من يناير الجاري، وتسببت فى غضب كبير فى الصومال على المستويين الرسمى والشعبي، حيث خرجت تظاهرات حاشدة، تندد بـ"جشع إثيوبيا" وتعلن "بحرنا ليس للبيع" فى إشارة إلى الصفقة التى أبرمتها أرض الصومال مع إثيوبيا.
وقالت الصحيفة البريطانية إن الصومال طالبت إثيوبيا بإلغاء الاتفاقية الموقعة الأسبوع الماضى والتى من شأنها أن تمنح أديس أبابا إمكانية الوصول إلى شريط من ساحل أرض الصومال، وهى خطوة عززت سعى الإقليم المتمتع بالحكم الذاتى إلى إقامة دولة، وفتحت إثيوبيا، الدولة غير الساحلية، فى الأول من يناير، الحوار للاعتراف رسميًا بأرض الصومال، مقابل عقد إيجار لمدة ٥٠ عامًا لشريط من الأرض بطول ٢٠ كيلومترا حول ميناء بربرة على خليج عدن.
وأشارت الصحيفة إلى أن مذكرة التفاهم التى وقعها رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد ورئيس "أرض الصومال موسى بيهى عبدي، أثارت توترات فى منطقة القرن الأفريقى المضطربة، ولكنها ذات أهمية استراتيجية والتى تربط بين الشرق الأوسط وأفريقيا.
وقال داود عويس، وزير الإعلام الصومالي، لصحيفة فايننشال تايمز إن الأمر "يعود إلى الإثيوبيين وحدهم للتأكد من تراجعهم عن هذا النوع من الفوضى التى خلقوها" مضيفا أن الخطوة الإثيوبية للاعتراف بأرض الصومال الانفصالية "ستجلب الخراب إلى القارة بأكملها"، حيث تقاتل العديد من الدول حاليا حركات انفصالية.
ووصفت الصومال اتفاق الأول من يناير، الذى سيسمح لإثيوبيا بإنشاء قاعدة بحرية فى بربرة، بأنه "عمل عدواني" وقالت إنها مستعدة للدفاع عن سيادة البلاد وسلامة أراضيها وكتب الرئيس الصومالى حسن شيخ محمود عبر منصة "إكس": "لا يمكن لأى شخص أن يتنازل عن أى شبر من الصومال".
وعلى الرغم من أن الاتفاق ليس ملزما قانونا، إلا أن الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقى وكتلة إيجاد فى شرق أفريقيا أثاروا جميعا مخاوف بشأن احتمال أن يتسبب فى صدع جديد فى منطقة تعانى من الأعمال العدائية المسلحة والأزمات الإنسانية.
منطقة حيوية
ويعتبر القرن الأفريقى منطقة حيوية استراتيجيا على حدود البحر الأحمر، وهو أحد الممرات البحرية الأكثر حيوية فى العالم الذى يمر من خلاله ما يقرب من ١٥٪ من التجارة العالمية المنقولة بحرا.
وقد تم تسليط الضوء على أهمية الممر وضعفه من خلال الهجمات الأخيرة على السفن التجارية من قبل المتمردين الحوثيين فى اليمن، والتى أجبرت السفن على تغيير مسارها وأدت إلى ارتفاع تكاليف النقل وكان الوصول إلى موانئ المنطقة مرغوبًا فيه من قبل دول الخليج وكذلك روسيا وتركيا والصين.
وإثيوبيا، التى لا تزال تتعافى من حرب أهلية وحشية ومكلفة استمرت عامين وانتهت فى عام ٢٠٢٢، لديها الكثير لتكسبه من صفقة ميناء أرض الصومال، وفقًا للمحللين وتسعى الدولة التى يبلغ عدد سكانها ١٢٣ مليون نسمة، والتى عجزت الشهر الماضى عن سداد ديونها السيادية، إلى إيجاد سبل لاستعادة الوصول إلى البحر منذ انفصال إريتريا عام ١٩٩١ الذى جعلها دولة غير ساحلية، وتعتمد إثيوبيا حاليا على ميناء جيبوتى الذى تتدفق عبره ٩٥٪ من بضائعها.
مخاطر صفقة أرض الصومال
وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أن صفقة أرض الصومال تحمل مخاطر لكل من إثيوبيا والصومال ولا يستطيع أى منهما تحمل الأعمال العدائية، حيث يقاتل الصومال بالفعل تمردًا طويل الأمد من قبل جماعة الشباب الإرهابية وبينما يعتقد المحللون أن الحرب غير محتملة، إلا أن هناك مجالًا لتفاقم التوترات بشكل أكبر.
وأكدت الصحيفة أن مذكرة التفاهم مع إثيوبيا قوبلت بمعارضة داخل أرض الصومال، حيث ورد أن وزير دفاعها استقال احتجاجًا على ذلك، ومن المرجح أيضًا أن تحتاج إثيوبيا إلى التمويل إذا أرادت إنشاء ميناء جديد وبحرية جديدة والبنية التحتية الأخرى المطلوبة.
وأكد العضو فى البرلمان الصومالى عبد الرحمن عبدالشكور، أن تصرفات إثيوبيا كانت "متناقضة" وتمثل "تجاهلًا" لميثاق الاتحاد الأفريقي، الذى قال إنه يستند إلى "المبادئ الأساسية" المتمثلة فى احترام سيادة الدول الأعضاء ووحدتها وسلامة أراضيها.
وأعرب النائب الصومالى خلال تغريدة عبر حسابه بمنصة "إكس" الأسبوع الماضي، عن دعمه لفكرة نقل مقر الاتحاد الأفريقى إلى دولة أخرى من شأنها أن "تدعم وتحترم" القيم الأساسية للمنظمة.
وأرض الصومال منطقة انفصالية غير معترف بها، وبحسب تصريحات الرئيس موسى بيهى عبدي، خلال توقيعه مذكرة التفاهم مع رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، فى أديس أبابا فى الأول من يناير الجاري، فإن إثيوبيا ستصبح أول دولة أفريقية تعترف بأرض الصومال.