السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

"الجارديان" تعلق علي اتهام جنوب إفريقيا لإسرائيل بارتكاب إبادة جماعية

محكمة العدل الدولية
محكمة العدل الدولية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قال الكاتب "نمير سلطاني" في مقال له بصحيفة "الجارديان" البريطانية، اليوم الجمعة، إن القضية القوية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية هي دعوة للاستيقاظ للعديد من الحكومات الغربية ووسائل الإعلام التي دعمت دون انتقاد حرب إسرائيل الوحشية علي قطاع غزة. وينبغي لهم الآن أن يفكروا في حقيقة أنهم ربما أيدوا إبادة جماعية ضد المدنيين الفلسطينيين. وتعد القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا هي المرة الأولى منذ 7 أكتوبر 2023 التي تروى فيها قصة غزة والفلسطينيين بقوة من خلال القنوات الرسمية.

وأشار الكاتب إلي أنه ما كان لافتا للنظر في الأشهر الثلاثة الماضية هو التجاهل المخيف الذي ظهر تجاه أرواح المدنيين الفلسطينيين. وتم استخدام الكثير من نقاط الحديث لتمكين الكثيرين في أوروبا وأمريكا الشمالية من النظر بعيدا، أو ما هو أسوأ، لتبرير التواطؤ في ارتكاب إبادة جماعية، من خلال دعمهم لإسرائيل دبلوماسيا وبإمدادات الأسلحة.

وأدت قضية جنوب إفريقيا إلى إسقاط نقاط الحديث هذه بقوة. وخلافا للكثيرين ممن تظاهروا بأن ما حدث في 7 أكتوبر هو هجوم خارجي عبرت فيه فصائل فلسطينية حدودا ذات سيادة، سلطت جنوب إفريقيا الضوء على سياق الحرمان المستمر من تقرير المصير وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة لديارهم. وعلى الرغم من الادعاءات الإسرائيلية بعكس ذلك، لا تزال غزة محتلة لأن إسرائيل تسيطر بالفعل على الأرض. وقالت جنوب إفريقيا أن إسرائيل استخدمت المجاعة كأسلوب حرب ضد المدنيين الفلسطينيين.

ومن خلال وصف نهج إسرائيل تجاه الفلسطينيين بأنه فصل عنصري، فإن جنوب إفريقيا لا تتحدث فقط من التجربة التاريخية ولكنها تكرر أيضا ما قالته العديد من منظمات حقوق الإنسان وخبراء الأمم المتحدة بالفعل. وسلطت منظمات حقوق الإنسان الضوء في تقارير مستفيضة علي نظام الفصل العنصري والهيمنة والعزل والتمييز المؤسسي الذي فرضته إسرائيل على جميع الفلسطينيين. ومن خلال الادعاء بأن إسرائيل ديمقراطية، قام الكثير من السياسيين والمعلقين بغض النظر عن تقارير الفصل العنصري هذه وكأنها غير موجودة.

وقال الكاتب إن الإصرار على أن غزة محتلة وأن الحصار جزء لا يتجزأ من نظام الفصل العنصري أمر هام، لأنه يتحدى حجة إسرائيل بأنها تصرفت دفاعا عن النفس. وعلى أي حال، جادلت جنوب إفريقيا بأن حجة الدفاع عن النفس غير ذات صلة، لأنه لا يوجد شيء يمكن أن يبرر الإبادة الجماعية. ولا يمكن للدول أن ترتكب إبادة جماعية أو تفرض الفصل العنصري باسم الأمن أو الدفاع عن النفس.

ولفت إلي رفض الكثيرون في الغرب اتهامات الإبادة الجماعية كتفسير لمختلف الإجراءات المدمرة التي تقوم بها إسرائيل في غزة. وهذا الموقف الرافض ساعدته وسائل الإعلام التي تظاهرت بأن التصريحات الإسرائيلية حول حرق غزة أو طرد الفلسطينيين غير موجودة. وفي المقابل، سلطت جنوب إفريقيا الضوء بتفصيل علي هذه التصريحات، بحجة أن "السمة المميزة" لهذه القضية هي وجود أدلة "دامغة" على نية الإبادة الجماعية، وكذلك التحريض على الإبادة الجماعية. وأصدر المشرعون الإسرائيليون العديد من التصريحات بشأن الإبادة الجماعية في الأيام التي سبقت جلسة الاستماع بمحكمة العدل الدولية.

ونوه الكاتب إلي إحدى الحجج الغريبة التي تم طرحها ضد جنوب إفريقيا حتى الآن هي أنه لا ينبغي للبلد أن ينخرط في السياسة العالمية، ويجب أن يركز بدلا من ذلك على شؤونه الداخلية. ولكن لم ينتقد أحد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لإنخراطهما في الشؤون الدولية. ويسعى تدخل جنوب إفريقيا إلى حماية الأرواح التي يبدو أن الدول الغربية لا تهتم بها، ولهذا السبب، فهو مبرر ومشرف. وأكدت جنوب إفريقيا أن عليها التزاما قانونيا بمنع الإبادة الجماعية. وإذا أصدرت المحكمة تدابير مؤقتة ضد إسرائيل، فسيتم إخطار كل دولة عضو في اتفاقية الإبادة الجماعية بأنها ملزمة أيضا بمنع الإبادة الجماعية.

وأوضح أنه ليس من المستغرب أن يحاول أولئك الذين دعموا إسرائيل رفض قضية جنوب إفريقيا. ولكن على أصحاب الضمير أن يطالبوا بتدخل قضائي لإنقاذ أرواح الفلسطينيين. 

وبالنسبة للقضاة في محكمة العدل الدولية، ستكون عواقب عدم التدخل خطيرة. وكانت الضرورة الملحة للتدخل واضحة عندما صرحت الأمم المتحدة، قبل أيام من جلسة المحكمة، أن غزة، التي يقطنها 2.3 مليون شخص، أصبحت الآن "غير صالحة للسكن"، وأن مخاطر المجاعة والأمراض مروعة، وستؤدي إلى المزيد من الوفيات.

وأكد الكاتب أنه بالنسبة للعديد من الرجال والنساء والأطفال في غزة، سيكون هذا التدخل متأخرا جدا. ولكن كما جادلت جنوب إفريقيا، في جلسة الاستماع، فإن ما هو على المحك إنقاذ الأرواح. وبدون وقف النشاط العسكري الإسرائيلي، لن تكون هناك نهاية لهلاك غزة وتدمير الشعب الفلسطيني. وقالت جنوب إفريقيا إنه إذا فشلت المحكمة في التصرف، فإنها ستبتعد عن أحكامها السابقة وستتشوه سمعة القانون الدولي أكثر. يجب على المحكمة الآن أن ترقى إلى مستوى هذا التحدي.