الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

بلومبرج: مذكرة تفاهم تشعل القرن الأفريقى.. إثيوبيا وأرض الصومال يثيران أزمة جديدة

 رئيس الوزراء الإثيوبى
رئيس الوزراء الإثيوبى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تسببت مذكرة التفاهم التى وقعتها إثيوبيا وأرض الصومال فى الأول من يناير الجاري بأديس أبابا، فى إثارة غضب الصومال قيادة وشعبا، حيث أصدرت الرئاسة والحكومة الصومالية ونواب البرلمان بيانات ترفض هذه المذكرة، إلى جانب خروج الشعب الصومالى فى مظاهرات داعمة لمقديشو ضد أديس أبابا وهرجسيا.


ووقع رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، ورئيس أرض الصومال موسى بيهى على مذكرة تفاهم خلال مؤتمر صحفي فى الأول من يناير ٢٠٢٤ تقضى بحصول أديس أبابا على منفذ بحرى على البحر الأحمر، فى مقابل اعترافها بأرض الصومالي.


وأصبحت إثيوبيا دولة حبيسة منذ عام ١٩٩٣، عندما حصلت إريتريا على استقلالها بعد حرب استمرت ثلاثة عقود، مما جعلها تعتمد على موانئ جيرانها، وفى عام ٢٠٢٣، حدد رئيس الوزراء آبى أحمد استعادة الوصول إلى المحيط كهدف استراتيجى وحذر من أن الفشل فى تأمينه قد يؤدى إلى الصراع. 


كان رئيس الوزراء الإثيوبى أعلن فى أكتوبر الماضي، أن الوصول إلى البحر الأحمر مسألة حياة أو موت بالنسبة للبلد الواقع فى القرن الأفريقي، وهو الأمر الذى أغضب الصومال وإريتريا وجيبوتي، مما دفع آبى إلى التراجع عن تصريحاته، ولكن فى الأول من يناير الجاري، أعلنت أديس أبابا عن الاتفاق مع أرض الصومال الذى أحدث أزمة كبيرة فى القرن الأفريقي.


وتحصل أرض الصومال فى مقابل هذه الصفقة على اعتراف إثيوبيا بها كأول دولة أفريقية توافق على هذا الأمر، بالإضافة إلى حصة فى شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.


وفى هذا السياق نشرت وكالة بلومبرج الأمريكية تقريرا حول هذه الأزمة أوضحت فيه أن "مذكرة التفاهم تنص على أن تتمكن إثيوبيا من الوصول إلى مضيق باب المندب فى خليج عدن عبر ممر ستستأجره من أرض الصومال لمدة ٥٠ عامًا، ويمكن لإثيوبيا إنشاء قاعدة عسكرية ومنشآت تجارية هناك.


وفى المقابل، ستحصل أرض الصومال على حصة غير محددة من الخطوط الجوية الإثيوبية، أكبر شركة طيران فى القارة. وأشارت "بلومبرج" إلى أنه "بينما قال رئيس أرض الصومال موسى بيهى عبدى إن إثيوبيا ستعترف رسميًا ببلاده كدولة ذات سيادة، قالت أديس أبابا إن هذه القضية لا تزال قيد التقييم".


ونوهت الوكالة الأمريكية إلى أن المنطقة الانفصالية "أرض الصومال" أبرمت عددا من الاتفاقيات الدولية من بينها شركة موانئ دبى العالمية المحدودة فى دبى لتوسيع مينائها الرئيسي، ومع شركة جينيل إنيرجى ومقرها لندن للتنقيب عن النفط. لكنها فشلت فى الحصول على اعتراف دولى يسمح لها بتلقى التمويل والمساعدات من مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي، حيث لم تعترف سوى تايوان باستقلالها حتى الآن. 


ووصلت عدة جولات من المفاوضات بين الصومال وأرض الصومال بهدف حل خلافاتهما إلى طريق مسدود، وتم الإعلان عن استئناف المحادثات قبل أيام من إعلان الاتفاق مع إثيوبيا. 


ويعتبر الصومال؛ أرض الصومال، التى يبلغ عدد سكانها حوالى ٥.٧ مليون نسمة وأكبر من ولاية فلوريدا الأمريكية، جزءا من أراضيه ويقول إنه لا يستطيع التفاوض بشكل مستقل على الاتفاقات الدولية.


ووصف رئيس الوزراء الصومالى حمزة عبدى برى الاتفاق مع إثيوبيا بأنه "عمل عدوانى ضد سيادة الصومال وسلامة أراضيه" وتهديد مباشر لموارده البحرية، وحذر من أن حكومته ستدافع عن حقوقها، وحث الرئيس الصومالى حسن شيخ محمود المجتمع الدولى على دعم موقف الصومال وإدانة تصرفات إثيوبيا.


فى السياق نفسه، أعربت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية "إيجاد"، وهى مجموعة إقليمية مكونة من ثمانى دول، عن قلقها العميق بشأن التداعيات المحتملة للاتفاق على الاستقرار الإقليمي، ودعت إلى حل أى خلافات وديا. 


وفيما يتعلق بالتداعيات المنتظرة لمذكرة التفاهم الموقعة بين إثيوبيا وأرض الصومال، فقد أوضحت "بلومبرج" أن إريتريا تشعر بالقلق بشأن احتمال قيام إثيوبيا بتأمين قاعدة بحرية، إلى جانب أنه من الممكن أن تخسر جيبوتي، التى تعبرها إثيوبيا حاليا عبر الطرق والسكك الحديدية للوصول إلى المحيط، اقتصاديا.


كما قال نائب وزير الخارجية السابق، السفير على الحفنى، إن مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال تخالف القانون التأسيسى للاتحاد الأفريقي، حيث يمنع تدخل أى بلد عضو فى الشئون الداخلية لدول أخرى، وينص على احترام حدود الدول المستقلة والدفاع عن سيادة الدول الأعضاء.


وشدد نائب وزير الخارجية السابق، فى تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط "أ ش أ"، الخميس ٤ يناير الجاري، على ضرورة تكاتف بلدان القارة السمراء لإعلاء مبادئ الاتحاد الأفريقى ومنع أى تحركات أو إجراءات تهدد الأمن القومى لدول القارة.


وحذر نائب وزير الخارجية السابق، من أن عدم احترام سيادة الصومال على أراضيه ينذر بزعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي، وسيؤدى إلى زيادة حدة التوترات بالقارة ولمزيد من الاضطرابات بالبحر الأحمر.


ويأتى توقيع مذكرة التفاهم نتيجة جهود متواصلة بذلتها إثيوبيا من أجل الوصول إلى البحر الأحمر، حيث سافر وفد إثيوبى فى أغسطس الماضي، بقيادة وزير النقل والخدمات اللوجستية أليمو سيمى إلى هرجيسا، عاصمة أرض الصومال، للنظر فى المزيد من خيارات الموانئ لإثيوبيا.


والتقى الوفد الإثيوبى وناقش مع المسئولين الحكوميين فى أرض الصومال حول جعل ميناء بربرة خيارًا إضافيًا لأنشطة تجارة الاستيراد والتصدير الإثيوبية، وفى نوفمبر، قال أليمو سيمى إن إثيوبيا تتفاوض مع حكومة أرض الصومال لتأمين الوصول المباشر إلى الميناء البحري.


وكان من المتوقع أن تمكن الصفقة التى تم توقيعها فى مارس ٢٠١٨ إثيوبيا من امتلاك مساهم بنسبة ١٩٪ فى ميناء بربرة بعد توقيع اتفاقية مع موانئ دبى العالمية وهيئة ميناء أرض الصومال فى دبي، وشهدت الاتفاقية امتلاك موانئ دبى العالمية لحصة قدرها ٥١٪ فى المشروع، لكن صفقة تمكين حصة إثيوبيا لم تتحقق منذ ذلك الحين.


وقال الرئيس الصومالى السابق محمد عبد الله فرماجو الاثنين الماضي، إن الاتفاقية الموقعة بين إثيوبيا وأرض الصومال تشكل خطرا على قارة أفريقيا كلها.


وأضاف فرماجو عبر حسابه الرسمى بمنصة "إكس" إن احترام السيادة والسلامة الإقليمية هو ركيزة الاستقرار الإقليمى والتعاون الثنائي. ويتعين على الحكومة الصومالية أن تستجيب بشكل مناسب.


يذكر أن وسائل الإعلام الحكومية الإثيوبية أذاعت لقاء فى أكتوبر الماضى يظهر خلاله رئيس الوزراء آبى أحمد قائلا "إن النيل والبحر الأحمر يحددان مستقبل إثيوبيا، وسوف يساهمان إما فى تطويرها أو فى زوالها".


وأضاف قائلا "عندما أتحدث مع مبعوثى الدول العظمى، لا يقبلون حججى بأن المشاريع الإثيوبية على النيل الأزرق هى شئوننا الداخلية، ويؤكدون أن النيل ليس شأنا خاصا بنا، بل يخص المصريين والسودانيين الذين تعتمد حياتهم عليه".


وواصل خطابه معلقا "الجميع يقول هذا؛ ليس من المحرمات لكن فى إثيوبيا، ما أجده محزنًا ومؤلمًا هو أننا نعتبر مناقشة قضية البحر الأحمر من المحرمات، حتى بين أعضاء البرلمان".


وزعم آبى أحمد أنه "فى حين يناقش الغرباء بحرية مسائل مثل سد النهضة، وهى مشاريع ممولة داخليا، لماذا تجد أنه من المحرمات مناقشة قضية حاسمة مثل البحر الأحمر؟ يمكننا أن نقرر عدم الاستيلاء على البحر الأحمر، لكن لماذا لا نناقش ذلك؟ لماذا نخجل من مناقشة إيجابيات وسلبيات الحصول على منفذ على البحر الأحمر؟".