دائما تظل المرأة فى احتياج إلى والدتها حتى وإن بلغت مائة عام من عمرها، فالأم هي السند والأمان والحياة، هي مصدر الراحة حتى وإن لم تفعل شيئا، فمجرد وجودها يشعر بالاطمئنان.
وحين يأتى الابتلاء من الله فى الأم يكون من أصعب الابتلاءات التى قد تمر على المرء، فماذا لو أتى هذا الابتلاء للأم والابنة معا فمن سيأخذ بيد الآخر، ومن سيتحمل أكثر ومن سيكون الداعم والحضن الدافئ، لكن لا يجب أن ننسى أنه على قدر الابتلاء يأتى الكرم والقدرة والفضل من عند الله.
عندما تعلم امرأة ان المرض اللعين قد زار والدتها تشعر حينها بتوقف الحياة والخوف من كل شيء، كما يحدث ذلك عندما يزورها هى الأخرى هذا المرض ..هنا تسود الحياة فى عينيها فهى حتى لن تستطيع أن تساند والدتها، ولكنها تصبح بحاجة للمساندة وقد تصل بها الحال إلى مرحلة انتظار الموت فى أى لحظة لأى منهما.
قصتنا اليوم تفوقت على كل شيء فقد هزمت المرض وانتصرت على مخاوفها تجاه والدتها واستطاعت أن تصبح داعمة ومساعدة لأى مريضة لكى تثبت للجميع أن الأمل موجود وأن الثقة بالله أفضل من الخوف والقلق.
بطلة قصتنا هى هند طلعت تعمل صيدلانية وتبلغ من العمر ٤٨ عاما ،ولديها ابنتان، وليس لها فى الحياة سوى ابنتيها ووالدتها سامية حسن البالغة من العمر ٧٤ عاما، وكانت حياتها مستقرة وسعيدة حتى عام ٢٠٢٠.
قالت هند إنها علمت بإصابة والدتها بسرطان الثدي عام ٢٠٢٠ وأثناء محاولتها لتقبل هذه الصدمة وفى نفس الشهر اكتشفت أنها أصيبت هي الأخرى بنفس المرض لتنقلب حياتها رأسا على عقب ويملأ حياتها الشعور بالقلق والخوف.
وأضافت، في بداية الأمر أصبحت والدتها تشكو من الشعور بالألم في منطقة الثدي فقامت هند باصطحابها إلى طبيب ليكتشفا أنها مصابة بسرطان الثدي، ويجب أن تقوم بإجراء عملية لاستئصال الورم من منطقة الثدى ، ولم تستطع هند إخبار والدتها بحقيقة مرضها.
وعندما كانت تذهب مع والدتها الى الطبيب نصحها بإجراء فحص هى الآخرى لتطمئن على صحتها نظرا لشكواها من نفس الأعراض تقريبا وبالفعل قامت بالفحص ووجدت أنها مصابة بسرطان الثدى، لكنها أصبحت فى المرحلة الرابعة وهى مرحلة متأخرة من المرض ويجب أن تقوم باستئصال كلى للثدى، فشعرت حينها بالذعر والكثير من المشاعر السلبية.
وأوضحت :"هند" خلال حديثها لـ"البوابة نيوز" أنها بعد أن اطمأنت على والدتها بدأت فى خطوات علاج نفسها فقامت بإجراء عملية استئصال الثدى بالكامل ، ومن هنا قررت أن تكون قوية وتقاوم المرض ولا تستلم له ويرجع ذلك إلى دعم عائلتها الصغيرة لها فقد استطاعت أن تكمل علاجها وتهزم المرض.
وقررت أن تقوم بتغيير حياتها وتحاول مساعدة كل مريضة سرطان وبالفعل قامت بالاشتراك فى" جمعية سحر الحياة لدعم مرضى السرطان" وتطوعت لتقوم بالتدريس لكل مريضة لم تستطع أن تكمل تعليمها وكأنها تفتح لهم باب حياة جديدة .
وعن الذين قاموا بدعمها قالت: "رغم مرض والدتى إلا أنها كانت الداعمة الأولى والأخيرة، وبناتى أيضا دعمونى ووقفوا جمبى ومسبونيش رغم صغر سنهم ولكن أمى لها كل الفضل فهى من تعطينى الحياة، حبها ودعمها ليه خلانى أقدر أهزم المرض وخدتها قدوة ليه فى العزبمة والاصرار ربنا يباركلى فيها وميحرمنيش منها أبدا".
وأشارت إلى أنها استطاعت أن تسيطر على المرض وتتعافى منه بعد صراع دام أكثر من أربع سنوات، لم يكن صراعا مع المرض فقط ولكن صراع مع الحياة أيضا، فرغم صعوبة عملها أثناء مرضها، لأن طبيعة عملها تتعلق بالأدوية والتجربة العملية على الحيوانات، إلا أنها لم تستطع ترك عملها نظرا للظروف المادية و الاقتصادية.
وأكدت هند، أنها تقوم بمساعدة المرضى حاليا وتحاول تقديم الدعم لهم لمواجهة المرض ومساعدتهم لبدء حياة جديدة من خلال تعلم القراءة والكتابة وتعلم مهارات اللغة الانجليزية ليعلموا أن السن مجرد رقم وأن المرض ليس هو النهاية فقد يكون البداية.
وعن أصعب اللحظات التى مرت عليها قالت: يوم ما اكتشفت مرض ماما وأنه ورم خبيث كنت لوحدي ونزلت في الشارع أعيط وأدعو ربنا ان ميكونش اللي انا فيه ده حقيقة وأني أكون فاهمه غلط أو أني بحلم وشوية وهفوق، وكمان وقت ما كنت أنا وماما بنخد الجلسات مع بعض فى نفس الوقت فكنت أتمنى أبقى كويسه عشان أنا اللى اخد بالى منها ".
واختتمت حديثها : "الابتلاء ده خلانى دايما راضية ومتفائلة ومدركة أن ربنا بيدى الابتلاء على قد قدرتك على تحمله وحقيقي اتغير فيه حاجات كتير للأحسن وأتمنى أنى أقدر أكون أم قوية لبناتى زى ماما، وبقيت بحاول أساعد الناس على قد ما أقدر"
البوابة لايت
بعد إصابتهما بسرطان الثدي.. صيدلانية ووالدتها تواجهان المرض اللعين معا
قصة أمل وحياة
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق