لم تأت تصريحات أفيجدور ليبرمان وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق بخصوص محور فلادليفيا منقطعة الصلة عن تصريحات بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي في نفس الموضوع، ولكن الفارق بينهما هي طبيعة اللغة المستخدمة في التصريحين..ليبرمان يدعو إلى تدمير المحور بينما نتنياهو يدعو إلى السيطرة على المحور.
لغة ليبرمان الخشبية مناسبة له باعتباره خارج السلطة والكلام بدون حساب، ولكن المهم بالنسبة للمتابع المصري أن يتوقف عند ملاحظتين الأولى هي أن ليبرمان مازال يتمتع بصوت مسموع داخل إسرائيل وأن تصريحاته تلقى قبولا ودعما من أطياف مختلفة هناك وهو ما يدعو إلى الحذر وعدم تجاهل تلك اللغة الخشبية والتعامل معها بما يليق، أما الملاحظة الثانية فهي أن كلًا من نتنياهو وليبرمان يتفقان معا في الهدف النهائي وهو أن محور فيلادلفيا، أو بعبارة أدق حسب توصيف نتنياهو نقطة التوقف الجنوبية في غزة، يجب أن تكون تحت سيطرة إسرائيل التي ترى ضرورة إغلاقها، وفي تبريرهم لذلك يقولون "من الواضح أن أي ترتيب آخر لن يضمن نزع السلاح الذي نسعى إليه".
المحور الذي ذاع صيته في الساعات الأخيرة هو عبارة عن شريط يمتد على الحدود بين مصر وقطاع غزة ويقع ضمن المنطقة "د" العازلة بموجب اتفاقية السلام التي وقعتها مصر وإسرائيل عام 1979.
وجغرافيا يمتد المحور من البحر المتوسط شمالا إلى معبر كرم أبو سالم جنوبا، بطول نحو 14 كيلومترا.
لذلك نرى أنه من الضروري عند الكلام عن هذا المحور أن يكون الكلام موزونا بميزان الذهب وأن شطحات ليبرمان وتأكيد نتنياهو على هذا الكلام يكشف بوضوح أن ملف التهجير الذي قالت مصر عنه أنه خط أحمر قد عاد للظهور على السطح ولكن هذه المرة بفجاجة وبتفاصيل مكشوفة للخطة التي طالما أنكرتها إسرائيل.
يقول ليبرمان الذي دعا إلى تدمير محور فيلادلفيا على الحدود مع مصر، أنه قد يغادر من خلال هذا المحور بعد تدميره نحو 1.5 مليون نسمة من سكان قطاع غزة متجهين إلى سيناء، طواعية، ويرى أن هذا التهجير "نتيجة ضرورية في أعقاب الحرب" على غزة.
سواء استخدمنا لغة نتنياهو التي يقول فيها سيطرة أو لغة ليبرمان التي يقول فيها تهجير نجد أن مصر سوف تكون هي الرقم الصعب الذي لا يمكن لإسرائيل أن تتجاهله وذلك بحكم اتفاقيات ملزمة بين الجانبين حيث فرضت اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل قيودا عددية ونوعية على نشر القوات على جانبي الحدود، كان هذا وقت سيطرة إسرائيل على قطاع غزة وعندما غادرت إسرائيل غزة عام 2005
وفي العام ذاته، تم توقيع اتفاق جديد لتنظيم تواجد القوات في منطقة المحور، وقد سمح الإتفاق بتنسيق أمني مصري إسرائيلي حيث تنشر مصر عددا محدودا من القوات على جانبها من المحور، لمنع عمليات التسلل والتهريب.
ومع انتشار تقارير صحفية في إسرائيل عن خطة لبناء جدار تحت الأرض في منطقة المحور، فمن المؤكد أن مصر ترفض التهجير بما يضع أمن مصر القومي فوق كل اعتبار، أما بجاحة ليبرمان فهي محفوظة له وسوف يرد عليه واقع بلادنا الذي يحمي ولا يعتدي.. واقع البناء الرافض للهدم واقع مصرنا الجديدة، والأيام بيننا.
*كاتب صحفى