أثارت تصريحات الوزراء المتطرفين في حكومة الاحتلال الإسرائيلية، الداعية إلى تهجير سكان قطاع غزة، إلى دول أخرى، أزمة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، خاصة بعد إصدار وزارة الخارجية الأمريكية بيانا مساء أمس الأربعاء، يرفض هذه التصريحات.
وأكد وزير المالية في حكومة الاحتلال الإسرائيلية بتسلئيل سموتريتش، اليوم الأربعاء، أن 70% من الشعب الإسرائيلي يؤيد "الهجرة الطوعية" من قطاع غزة، والتي يسميها الحل الإنساني.
وجدد الوزير الإسرائيلي المتطرف دعمه لتشجيع "الهجرة الطوعية" لسكان غزة إلى دول أخرى كجزء من رؤيته لما بعد الحرب، في رفض صريح لإدانة وزارة الخارجية الأمريكية لدعوات إعادة توطين الفلسطينيين خارج غزة.
وزعم زعيم حزب الصهيونية الدينية اليميني المتطرف في بيان له أن سياسة إعادة التوطين ضرورية، لأن "بلدًا صغيرًا مثل إسرائيل لا يمكنه أن يتحمل واقعًا حيث يوجد على بعد أربع دقائق منه بؤرة للكراهية "وفق زعمه"، حيث يستيقظ مليوني شخص كل صباح مع طموحهم بتدمير وطنهم"، بحسب ما أوردته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
وكان المتحدث بإسم وزارة الخارجية الأمريكية أرثر ميللر، أكد رفض الولايات المتحدة لدعوات التهجير واصفا إياها بأنها "تحريضية وغير مسؤولة".وأضاف ميللر "لقد قيل لنا مرارا وتكرارا من قبل حكومة إسرائيل، بما في ذلك رئيس الوزراء، أن مثل هذه التصريحات لا تعكس سياسة الحكومة الإسرائيلية، وعليهم أن يتوقفوا على الفور".
وفي أعقاب صدور بيان الخارجية الأمريكية، رد وزير الأمن القومي الإسرائلي المتطرف إيتمار بن غفير، على واشنطن بالقول إن إسرائيل ليست نجمة في العلم الأمريكي.
وقال بن غفير "إن الولايات المتحدة هي أفضل صديق لإسرائيل، ولكن أولا وقبل كل شيء سنفعل ما هو الأفضل لدولة إسرائيل، وهجرة مئات الآلاف من غزة ستسمح لسكان غلاف غزة بالعودة إلى ديارهم والعيش في أمان، وسوف يحمي جنود الجيش الإسرائيلي" بحسب ما نشره عبر حسابه بمنصة "إكس".
وقالت "تايمز أوف إسرائيل" أن هذا الانتقاد يسلط الضوء على الإحباط المتزايد في واشنطن من حكومة نتنياهو، التي واصلت إدارة بايدن دعمها دبلوماسيا وعسكريا في الحرب ضد حماس، لكنها تجادلت معها بشكل متزايد فيما يتعلق بالتخطيط لغزة بمجرد انتهاء القتال.
وعلى الرغم من قوله إن هذه التصريحات لا تمثل سياسة الحكومة، أعطى نتنياهو نفسه الضوء الأخضر لأعضاء الحكومة لدعم الخطة لتشجيع الفلسطينيين على مغادرة غزة.
وفي اجتماع حزب الليكود أمس الأول الاثنين، قال نتنياهو إنه يعمل على تسهيل الهجرة الطوعية لسكان غزة إلى دول أخرى موضحا: "مشكلتنا هي إيجاد الدول المستعدة لاستيعاب سكان غزة، ونحن نعمل على ذلك".
وكان رئيس حكومة الاحتلال يرد على عضو الكنيست من حزب الليكود داني دانون، الذي ادعى أن "العالم يناقش بالفعل إمكانيات الهجرة الطوعية"، على الرغم من رفض المجتمع الدولي للفكرة بشدة.
وبدأت الأزمة مع تصريحات سموتريش، الذي قال السبت الماضي للقناة 12 العبرية في مقابلة: "نريد تشجيع الهجرة الطوعية، ونحتاج إلى إيجاد دول مستعدة لاستقبالهم".
وأعقبت تصريحات سموتريش تصريحات مماثلة أدلى بها بن جفير في اجتماع للحزب أمس الأول الاثنين، والذي ذهب إلى أبعد من ذلك في التعبير عن دعمه لإحياء المستوطنات الإسرائيلية داخل غزة موضحا "لا يمكننا الانسحاب من أي منطقة نتواجد فيها في قطاع غزة، أنا لا أستبعد الاستيطان اليهودي هناك فحسب، بل أعتقد أنه أمر مهم أيضا".
وقال بن غفير للصحفيين وأعضاء حزبه اليميني المتطرف "عوتسما يهوديت"، إن الحرب تمثل "فرصة للتركيز على تشجيع هجرة سكان غزة"، زاعما أن مثل هذه السياسة بأنها "حل صحيح وعادل وأخلاقي وإنساني".
وجاء بيان ميلر بعد أيام من انتقاد الرئيس الأمريكي جو بايدن لنتنياهو في مكالمة هاتفية لفشله في الوقوف في وجه المتشددين في ائتلافه، وهو ما قال إنه انتهى به الأمر مع الجناح اليساري المتطرف للحزب الديمقراطي الذي يحث على وقف إطلاق النار في غزة.
وكان بايدن يتعامل بشكل خاص مع قرار إسرائيل بحجب عشرات الملايين من الدولارات من عائدات الضرائب الفلسطينية عن السلطة الفلسطينية، وكرر سموتريتش رفضه كوزير للمالية تحويل شيكل واحد للسلطة الفلسطينية.
وانتقد بايدن بن غفير علنا في الشهر الماضي، وأعرب عن أسفه لأن "بن جفير ورفاقه والأشخاص الجدد لا يريدون أي شيء يقترب ولو من بعيد من حل الدولتين".
أما بالنسبة لموقف الولايات المتحدة بشأن المستوطنات الإسرائيلية في غزة، فقد كرر ميللر: "لقد كنا واضحين وثابتين ولا لبس فيه في أن غزة هي أرض فلسطينية وستظل أرضا فلسطينية، مع عدم سيطرة حماس على مستقبلها".
ونوهت الصحيفة العبرية إلى أن هذا الموقف يضع الولايات المتحدة أيضا على خلاف مع القادة الإسرائيليين الرئيسيين مثل وزير الدفاع يوآف جالانت ووزير الحرب بيني جانتس، الذين دعوا الجيش الإسرائيلي إلى إنشاء منطقة أمنية عازلة في غزة بعد الحرب.
وقد رددت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد انتقادات وزارة الخارجية، حيث غردت قائلة: "لا ينبغي أن يكون هناك تهجير جماعي للفلسطينيين من غزة، ونحن نرفض التصريحات التحريضية الأخيرة للوزيرين الإسرائيليين بتسلئيل سموتريتش وإيتامار بن غفير".