«كل سنة وحضراتكم جميعا طيبون» بمناسبة بداية العام الجديد ٢٠٢٤. مع نهاية العام ٢٠٢٣، تم إعادة انتخاب الرئيس السيسي لفترة رئاسية جديدة مدتها ٦ سنوات، ومعها ازدادت آمال وتمنيات الشعب المصري في حياة أفضل. وفي نفس الوقت، شهدت الشهور الأخيرة من العام ٢٠٢٣ ظروفًا صعبة للغاية، تفرض تحديات كبيرة، وعلينا أن نكون مستعدين لمواجهتها والتغلب عليها. تمنياتنا للعام الجديد أن يكون أحسن حالًا من سابقيه، وأن تتحسن الأحوال المعيشية والاقتصادية للمواطن المصري، وأن تستقر الظروف في دول الجوار، وأن يشهد المسرح الدولي صراعات أقل حدة، وأن تنعم البشرية بعام أفضل من العام المنصرم.
أولًا: أُمنيات وتحديات الداخل المصري
تبقى الأزمة الاقتصادية، وضعف القيمة الشرائية للجنيه المصري، وارتفاع الأسعار، هي المشكلة الكبرى التي تؤرق كل بيت مصري. فرغم محاولات الحكومة توفير بعض السلع الأساسية بأسعار معقولة في منافذ حكومية مدعومة، شهد العام الماضي انخفاضًا غير مسبوق في قيمة العملة المصرية، وأصبح الهم الأول لكل رب أسرة هو توفير الحد الأدنى الذي يضمن حياة كريمة لأولاده. ولذا يجب أن يكون الشاغل الأول للحكومة هو تحسين الأحوال الاقتصادية للمواطنين، خاصة محدودي الدخل.
أعتقد أن مصر بحاجة إلى مجموعة اقتصادية متكاملة، في حكومة تضع على رأس أولوياتها تحسين الظروف الاقتصادية والحياة اليومية للشعب المصري. أصبحنا بحاجة ماسة إلى مشاركة أكبر من القطاع الخاص، وإجراءات أيسر أمام الاستثمارات الخارجية. أصبحنا بحاجة إلى تغييرات جوهرية في السياسات المالية والنقدية، وتحديد الأولويات، والبُعد عن البذخ، والحد من الاستيراد، وزيادة التصدير، ومضاعفة الإنتاج.
لا بد أن يتوقف استيراد كل ما يمكن أن تنتجه مصر، وأن نعطي الأولوية لإنتاج غذائنا ودوائنا، ونعيد افتتاح المصانع التي أغلقت أبوابها، وأن نشجع التصدير وأن نساعد المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر. تحسين الاقتصاد سوف يتيح معدلات إنفاق أعلى على الخدمات، خاصة التعليم والصحة، وسوف يُمكن الحكومة من الاستمرار في المشروعات التنموية العملاقة التي بدأتها.
ستكون السنة الحالية ٢٠٢٤، سنة انتقالية تحمل تحديات كبيرة في سداد ديون خارجية كبيرة الى أن نبدأ في جني ثمار عائدات الاستثمارات الضخمة التي أنفقتها الحكومة على البنية التحتية في السنوات الأخيرة.
المواطن المصري يدرك مدى صعوبة العام المقبل، وعلى استعداد أن يتحمل مع الحكومة ضريبة التنمية، شريطة أن تثبت الحكومة أنها جادة في معالجة الملف الاقتصادي وتحسين الخدمات وكبح جماح ارتفاع الأسعار.
ثانيًا: آمال وتحديات الأحوال الإقليمية واستقرار دول الجوار
الشغل الشاغل الآن هو أن تتوقف الحرب المجنونة على قطاع غزة، وأن يستقر سكان القطاع داخل أرضهم، وأن تبدأ إعادة إعمار غزة، وأن يكون هناك مخرج سياسي لإدارة القطاع بعيدا عن المحتل الإسرائيلي.
كذلك نتمنى أن تتوقف الحرب الدائرة في السودان، وأن يعود للأخوة السودانيين رشدهم، وأن يتوقفوا عن تدمير بلدهم بأيديهم. غنى عن الذكر، أن السودان هو العمق الاستراتيجي لمصر، وأن وحدة مصر والسودان هي مفتاح التوصل إلي حل في ملف سد النهضة الإثيوبي الذي ما زال يُمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري والسوداني. وأتمني أيضا أن يتفق الفرقاء في ليبيا علي حل سياسي يؤدي إلى تشكيل حكومة موحدة والحفاظ علي وحدة الدولة الليبية. أعتقد أن إعادة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا من الممكن أن يساعد في حلحلة الملف الليبي واستقرار الأوضاع في حدودنا الغربية. وأخيرًا، أتمني أن يتفق العرب على أجندة موحدة، تحمي الحقوق العربية وتواجه التحديات الملحة التي تواجه المنطقة العربية.
ثالثا: على المستوى الدولي
ربما يكون الحدث الأهم على المستوى الدولي للعام ٢٠٢٤، هو إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية رقم ٦٠، يوم الثلاثاء الموافق ٥ نوفمبر ٢٠٢٤. حيث تؤثر أجواء الانتخابات علي اتخاذ الإدارة الأمريكية لقرارات حاسمة طوال العام، خاصة في ملف الشرق الأوسط خوفا من تأثير اللوبي اليهودي الفاعل في الضغط علي المرشحين لتنفيذ مصالح إسرائيل.
على كل الأحوال، وحسب تقديرات كل المراقبين، سيكون العام ٢٠٢٤، عامًا حاسمًا في العديد من الملفات أمام الإدارة المصرية. وسيكون على الرئيس تحديات جسام على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. ندعو الله سبحانه وتعالى أن يوفق مصر شعبًا وحكومةً ورئيسًا وأن يكون العام ٢٠٢٤ أفضل من سابقيه.
وكل عام وحضراتكم في خير ومصر في أمن وأمان.
د. السعيد عبدالهادي: رئيس جامعة حورس.
آراء حرة
أُمنيات وتحديات العام الجديد
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق