فى شتاء ديسمبر القارس، أجلس على شاطئ البحر.. أستعد لاستقبال العام الجديد.. أعتقد بأنكم ستنعتونى بالجنون الآن، فمن الذى يستطيع أن يجلس على شاطئ البحر بملابس صيفية فى شتاء ديسمبر، لكننى أجلس فى مكان تحيطه الشمس من كل مكان حيث تقدم العصائر الطازجة والموسيقى، وأمواج البحر الهادرة تسيطر على الموقف.. سهل حشيش جوهرة من جواهر مصر المحروسة تبعد عن مدينة الغردقة بدقائق تستطيع أن تستقبل صباحك بدرجة حرارة مثالية سماء زرقاء وشمس دافئة وهواء نظيف.. أستطيع أن أقول إن الفندق الذى أقيم به يعج بالسياح الأجانب.. جنسيات مختلفة، فرنسيون وألمان وهولنديون وإنجليز وروس والقائمة مفتوحة.. ليس هذا ما أثار دهشتى وجعلنى أكتب هذا المقال ولكن ما جعلنى أكتب هى مصر تلك الحالة الفريدة التى لا تنافسها أى بلد على الخريطة فى مميزاتها، مصر تتمتع بأفضل جو على الإطلاق ففى ظل أزمة تغير المناخ التى يعيشها العالم والفيضانات التى تشهدها مدن أوروبية وتستقبل بها العام الجديد فلديك خيارات عديدة فى مصر تذهب إليها.. إذا كنت تحب الحضارة والتاريخ والشمس الدافئة معًا أدعوك إلى بلاد الذهب أسوان والأقصر، وإذا كنت من محبى الشواطئ الخلابة والرمال الذهبية والأجواء الربيعية فيمكنك زيارة شرم الشيخ والغردقة والجونة وسهل حشيش.
شردت بذهنى اليوم وتذكرت عندما زرت جزر المالديفز منذ عامين ونصف العام حيث انبهرت بالخدمة المميزة التى يقدمها هذا الشعب إلى السائحين القادمين إليهم ابتسامة رائعة واهتمام شديد ولباقة إلى حد كبير ولكن دهشتى الأكبر عندما أتيت إلى هنا فى سهل حشيش ورأيت شباب مصر الجدعان الصعايدة الذين يملؤن الفندق هنا فالابتسامة لا تغيب عن وجوههم يعملون مع بزوغ الفجر وينتهى عملهم منتصف الليل يعاملون المصريين كالأجانب لا فرق إحتواء واهتمام شديد وحرص على تقديم الخدمة بالطريقة المطلوبة وأكثر حتى يشعرون أنك راضٍ وسعيد يعملون فى فريق كالخلية لإنجاح حفل رأس السنة اليوم بحب وحماسة شديدة وكأنهم يمتلكون الفندق وينتمون إليه.
ومن المالديفز إلى باريس، ففى نفس تاريخ اليوم قضيت رأس السنة قبل الماضية فى باريس المدينة التى استقبلت عام ٢٠١٣ أكثر من ثلاثة وثلاثين مليون سائح فى مدينة النور والحب والوجهة السياحية رقم ١ للكثيرين تذكرت أننى يومها كنت أتجمد من البرودة وكنت أبحث عن أماكن لقضاء سهرة رأس السنة ولكننى وجدت أن الشائع فى هذا اليوم أن المطاعم تقدم العشاء ومن بعدها يتجه السائحون إلى ساحة التروكاديرو وبرج إيفل لاستقبال العام الجديد ذلك البرج الحديدى الذى يبلغ ارتفاعه 327 مترًا وتم تشييده وبناؤه فى عامين وشهرين وخمسة أيام، وعمره ١٣٥ عامًا فقط يقفون أمامه فى زحام شديد حيث ينير أضواءه للزائرين تلك هى مظاهر الاحتفال التى تنتهى بالعودة إلى المنزل فى طقس شديد البرودة.. تذكرت ذلك المعلم الوحيد الذى يميز مدينة النور باريس بالإضافة إلى المسلة المصرية التى تزين ساحة الكونكورد التى أتت من الأقصر تلك المدينة المصرية الساحرة التى تعج بكم هائل من الآثار المصرية التى لا تعد ولا تحصى ناهيك عن أهرامات الجيزة التى تندرج تحت قائمة عجائب الدنيا السبع تلك التى تحمل أكثر من سبعة آلاف سنة حضارة بين طياتها ولكنها ليست فقط مساوئ الشتاء هناك فأذكر حينما ذهبنا أنا وأسرتى فى شهر يوليو من عام ٢٠١٨ إلى الفرينش ريفيرا تلك المدن الفرنسية التى تقع جنوب شرق فرنسا وأشهرها كان ونيس وموناكو وسانتروبيز وتولون وتكثر فيها المنتجعات السياحية ولكن صدمتنا حينما وصلنا إلى الشاطئ ووجدنا أن الشاطئ ملئ بالصخور ولا توجد به أى رمال واضطررنا إلى شراء أحذية مطاطية مخصصة للمشى على الشاطئ بالاضافة الى القوارب التى تعمل على تنظيف مياه البحر كل ساعتين لأنها تتسخ بالشحوم والزيوت عن طريق البواخر التى تمر من هناك.. اليوم فقط علمت وشعرت وتأكدت أن لا حضارة تضاهى حضارة بلادى ولا أجواء تنافس أجواء وطبيعة مصر هبة الله لهذه الارض وأنك على هذه الأرض تستطيع أن تقضى الـ٣٦٥ يومًا فى سعادة.. فأمامك كل الاختيارات.. وعمار يا مصر.