كشفت وزارة الدفاع في حكومة الاحتلال الإسرائيلية، في منتصف ديسمبر الجاري أن أكثر من 6000 فرد من قوات الأمن في البلاد – بما في ذلك الشرطة والوكالات الأخرى – أصيبوا منذ عملية المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر الماضي ضد مستوطنات غلاف غزة، التي أسفرت عن مقتل 1200 إسرائيلي وأسر أكثر من 240 آخرين.
وأشارت وزارة الدفاع الإسرائيلية، إلى أنه ما يقرب من 900 من هؤلاء الجنود أصيبوا منذ أن بدأت إسرائيل هجومها البري ضد قطاع غزة في أواخر أكتوبر الماضي، حيث اشتبكت القوات خلال قتال متلاحم مع مقاتلي حماس في غزة وقتل أكثر من 160 جنديا منذ بدء العملية البرية، بحسب ما أوردته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية إنها تعمل "بكامل طاقتها" لمساعدة الجرحى، وأنها تعمل على تقليص الروتين وتعيين موظفين للتعامل مع التدفق.
وأعلنت مجموعة مساعدة المحاربين القدامى المعاقين أنها ضاعفت قوتها ثلاث مرات، وأضافت معالجين، وحسنت مراكز إعادة التأهيل لتلبية الاحتياجات الهائلة لكادر جديد من الجنود الجرحى.
وقال الجندي في جيش الاحتلال إيجور تودوران، إنه قضى 12 ساعة فقط داخل قطاع غزة قبل أن يسقط صاروخ على دبابته، مما أدى إلى إصابته بإصابة غيرت حياته مضيفا "حتى عندما كنت لا أزال في الخزان، فهمت من حالة ساقي أنني سأفقدها" مشيرا وهو يجلس على سرير في المستشفى الذي يعالج فيه منذ إصابته الشهر الماضي إلى أن: "الأمر كان صعبا للغاية لكن السؤال كان كم سأخسر منه".
ونشرت الصحيفة الإسرائيلية بعض قصص الجنود الذين أصيبوا في قطاع غزة، من بينهم تودوران البالغ من العمر 27 عاما، وهو جندي احتياطي تطوع للخدمة بعد 7 أكتوبر، وفقد ساقه اليمنى وأقر بأن آماله في أن يصبح كهربائيا ربما لم تعد ممكنة.
وقالت "تايمز أوف إسرائيل" إن تودوران هو جزء من عدد متزايد من الجنود الجرحى، وهم شريحة كبيرة ومصابة بصدمات نفسية عميقة من المجتمع الإسرائيلي، ونظرًا للأعداد الكبيرة من الجرحى، يشعر البعض أن إسرائيل ليست مستعدة لتلبية احتياجاتهم.
وجندي إسرائيل آخر يدعى جوناثان بن حمو، 22 عامًا، فقد ساقه اليسرى تحت الركبة بعد أن أطلق مقاومين من حماس في غزة قذيفة صاروخية على الجرافة التي كان يستخدمها للمساعدة في تمهيد الطريق للقوات الأخرى، ويتطلع بالفعل إلى اليوم الذي يستطيع فيه ذلك واستخدام الأطراف الاصطناعية التي تمولها الدولة.
وقال بن حمو، الذي يستخدم كرسيًا متحركًا في الغالب منذ الحادث الذي وقع في أوائل نوفمبر، إنه يخطط في النهاية لتحقيق هدفه المتمثل في حضور دورة للقادة العسكريين.
وقال إيدان كليمان، الذي يرأس منظمة المحاربين القدامى المعاقين غير الربحية، التي تدافع عن أكثر من 50 ألف جندي أصيبوا في هذا الصراع والصراعات السابقة: "لم يسبق لي أن رأيت نطاقًا مثل هذا وكثافة مثل هذه" مضيفا: "يجب علينا إعادة تأهيل هؤلاء الأشخاص".
وأشار كليمان، الذي أصيب هو نفسه في عملية في قطاع غزة في أوائل التسعينيات، إلى أنه يعتقد أن السلطات لا تدرك خطورة الوضع، ومن المرجح أن يصل عدد الجرحى إلى ما يقرب من 20 ألفًا بمجرد إدراج أولئك الذين تم تشخيص إصابتهم باضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
وقال إنه إذا لم يتلق الجنود الجرحى الرعاية العقلية والجسدية التي يحتاجون إليها، بما في ذلك تسهيل الوصول إلى منازلهم أو سياراتهم، فقد يؤدي ذلك إلى إعاقة إعادة تأهيلهم وتأخير أو حتى منع عودتهم إلى القوى العاملة.
وقال ياغيل ليفي، أستاذ العلاقات المدنية العسكرية في الجامعة المفتوحة، عن الجرحى: "إنهم يضيفون المزيد، قد يكون هناك تأثير طويل المدى إذا رأينا نسبة كبيرة من الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يجب على إسرائيل إعادة تأهيلهم، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى قضايا اقتصادية بالإضافة إلى قضايا اجتماعية".
وقالت عيديت شافران جيتلمان، الباحثة البارزة في معهد دراسات الأمن القومي، وهو مركز أبحاث في تل أبيب: "هناك جرحى دمرت حياتهم، سيتعين عليهم أن يتعاملوا مع جراحهم طوال حياتهم".
وجلبت الحرب معاناة غير مسبوقة للفلسطينيين في غزة، حيث تقول وزارة الصحة التي تديرها حماس إن أكثر من 21 ألف شخص استشهدوا، على الرغم من أنه لا يمكن التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل ويعتقد أنها تشمل مقاتلين ومدنيين على حد سواء.
وتفيد السلطات نفسها في غزة بوجود ما يقرب من 55،000 جريح، وتقول إن عمليات بتر الأطراف أصبحت شائعة ونزح معظم سكان القطاع الساحلي الصغير البالغ عددهم مليوني نسمة.