تداولت بعض الصحف والمواقع الإلكترونية، أخطاء تاريخية وبحثية عن تاريخ اَداء اليمين الدستورية لزعماء مصر، إثر فوز الرئيس عبد الفتاح السيسى بولاية جديدة (24-30) بنسبة 89.6% من الأصوات، ما آثار التساؤلات حول القسم الرئاسي وإجراءته وطقوسه وموعده.
وللأمانة العلمية والتاريخية، أعد المؤرخ القضائى المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، دراسة بعنوان "القسم الرئاسى لليمين الدستورية لولاية تالية للرئيس السيسى (24-30) وزعماء مصر.. طقوس القسم الدستورى منذ العصر الملكى حتى العصر الجمهورى".
ونعرض لدراسة الفقيه المصرى فى الجزء الثانى للطقوس الإجرائية للقسم الدستورى منذ العصر الملكى حتى العصر الجمهورى والدستور الحالى فى خمس نقاط أهمها: أن الرئيس يقسم اليمين وله كرسى عادى وليس كرسى عرش مثل الملك وخطابه لا يخضع للمناقشة البرلمانية، بينما الملك كان يتحرك بموكب العربة الملكية من قصر عابدين العامر إلى مجلس النواب ويقسم اليمين ويجلس على مقعد العرش.
أولاً: طقوس اَداء القسم الملكى وتحرك موكب العربة الملكية من قصر عابدين العامر إلى مجلس النواب
يقول الدكتور محمد خفاجى، إن الحضور فى ظل النظام الملكى لاَداء الملك قسم اليمين الدستورى يكون لأعضاء مجلس النواب بالرادينجود وهو عبارة عن ملابس مجهزة لأعضاء مجلس النواب والوزراء والأمراء بالعائلة المالكة ويقابلها نفس الملابس للسفراء المعتمدين فى القاهرة.
ويضيف كان الموكب الملكى يبدأ التحرك فى هذه المناسبة فى الساعة 11 صباحاً فى اليوم المحدد لانعقاد مجلس النواب بالمرسوم الملكى، حيث يتحرك الموكب بالعربة الملكية من قصر عابدين العامر إلى مجلس النواب وكانت المسافة بينهما قصيرة، ويكون فى ساحة مجلس النواب فرقة الموسيقات العسكرية، وهذه الفرقة تعتبر من التراث الفنى لمبدعى رجال القوات المسلحة المصرية منذ نشأة النظام الملكى هى وموسيقات البوليس، ويجب أن نعلم أن هذه الفرقة حصدت ما يقرب من عشرين جائزة لأحسن موسيقى عسكرية فى العالم أجمع فى ذلك الوقت فى المسابقات التى تجرى دورياً فى إيطاليا، وفى هذه اللحظة يرتفع العالم المصرى المكون من هلال وثلاثة نجوم وعليه شارة ملكية والهلال يعبر عن مصر وهى تحتضن الأديان الثلاثة , ثم تطلق المدفعية إحدى وعشرون طلقة
وأضاف: ويستعرض الملك منفرداً حرس الشرف الذى يصطف لتحيته ثم يصافح رئيس مجلس النواب، ثم يتجه إلى الغرفة المخصصة للملك وحالياً للرئيس طبقاً للبرنامج الذى يضعه مجلس النواب فى هذا الشأن .
ثانياً: قسم اليمين الملكى وجلوس الملك على مقعد العرش ومرسوم بتعليق صورة الذات للملك
ووفقاً للمادة 50 من دستور 1923 يؤدى الملك يمين القسم قبل أن يباشر سلطته الدستورية أمام هيئة المجلسين مجتمعين كالتالى: " أحلف بالله العظيم أنى احترم الدستور وقوانين الأمة المصرية وأحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه ". علماً بأن المجلسين هما ما يتكون بهما البرلمان مجلس الشيوخ ومجلس النواب وفقا للمادة 73 من ذلك الدستور، وفور إعلان التنصيب يصدر الملك المرسوم الخاص بتعليق صورة الذات للملك، وصارت من بعد تعليق صورة الذات لمن يتولى تقاليد الحكم تقليداً للرؤساء فى عهد الجمهورية, ومن واجب الإنصاف أن نذكر أن الرئيس الوحيد الذى الغى تعليق صورة الذات فى الهيئات الحكومية أو السفارت هو الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى ألغى هذا التقليد، وبعد ذلك يجلس الملك على مقعد العرش , وهذا الكرسى موجود حالياً فى متحف مجلس النواب كجانب تراثى يحتفظ به للتاريخ .
ثالثاً: القسم الرئاسى لليمين الدستورى فى ظل النظام الجمهورى والدستور الحالى
أما فى حالة القسم الرئاسى فى ظل النظام الجمهورى، وبحسب التقاليد البرلمانية فإنه يكون بنفس قوات الحرس الجمهورى والموسيقات العسكرية وإطلاق المدافع ويقوم الرئيس بمصافحة رئيس مجلس النواب بنفسه ولا يجوز له تفويض غيره فى ذلك , فلا تجوز الإنابة أو التفويض، ويقدم له أعضاء هيئة المكتب فقط ثم يصافح أعضاء اللجنة العامة ثم يتجه إلى داخل المجلس .
ووفقاً للمادة 144 من الدستور السارى يشترط أن يؤدى رئيس الجمهورية قبل أن يتولى مهم منصبه أمام مجلس النواب اليمين الدستورى - ويلاحظ أمام مجلس النواب دون مجلس الشيوخ - واليمين الاَتية: "أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً على النظام الجمهوري، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه"
رابعاً: رئيس الجمهورية له كرسى عادى وليس كرسى عرش مثل الملك
الرئيس ليس له كرسى عرش مثل الملك، بل كرسى عادى لرئيس الدولة، وهناك أماكن مخصصة لأعضاء الحكومة ويجلس رئيس الحكومة فى موقع مقابل ليمين المنصة ويؤدى الرئيس القسم من فوق المنصة حيث يجلس النواب على يساره ويدخل رئيس مجلس النواب قبل دخول الرئيس بلحظات معلناً افتتاح الجلسة ثم يعلن دخول رئيس الجمهورية المنتخب لاَداء القسم ويدعوه لاَداء اليمين الدستورية وتحضر الرموز الدينية الإسلامية والمسيحية .
خامساً: خطاب الرئيس بمناسبة توليه ولاية تالية لا يخضع للمناقشة البرلمانية لأنه ليس بياناً للرئيس
إذا أراد الرئيس أن يلقى خطاباً بمناسبة توليه ولاية تالية إعمالاً للتعديل الدستورى – وكما هو الشأن فى السوابق البرلمانية فى مصر - فهو خطاب لا يخضع للمناقشة البرلمانية , فكلمة الرئيس فى هذا الصدد لا تخضع للمناقشة, لأنه ليس بياناً للرئيس وفقاً للمادة 121 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب من جواز تقديم خمسين عضواً بطلب كتابى اقتراح مناقشة بيان الرئيس كله أو بعضه
فمن المعلوم أنه يحق لرئيس الجمهورية أن يلقى فى الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد العادى لمجلس النواب بياناً حول السياسة العامة للدولة ولرئيس الجمهورية أن يلقى أية بيانات أو أن يوجه رسائل أخرى إلى المجلس وتلك فقط التى تخضع للمناقشة من مجلس النواب , أما خطاب الرئيس بمناسبة القسم الرئاسى لليمين الدستورية لولاية تالية , فلا يجوز مطلقا مناقشته من مجلس النواب .