بعد مداولتها لمدة عام ونصف فى المحاكم، أسدلت محكمة جنايات الأقصر، أمس الثلاثاء، الستار على القضية المعروفة إعلاميًا باسم "قضية طفل برميل المش" والتي شغلت الرأي العام الأقصري لأكثر من عام، عندما استباحت سيدة حياة الطفل "إبراهيم"، نجل شقيقة زوجها نتيجة خلافات أسرية، إلى أن قضت المحكمة بالإعدام على زوجة خال الطفل، وذلك وسط انهيار المتهمة وفرحة والد الطفل القتيل وأهليته.
وقررت محكمة جنايات الأقصر، في جلستها المنعقدة أمس، برئاسة المستشار محمود عيسى سراج الدين، رئيس المحكمة، في القضية رقم 5590 لسنة 2022 جنايات مركز الأقصر والمقيدة برقم 1154 لسنة 2022 كلي الأقصر، بتأييد حكم الإعدام شنقاً في سيدة، بعد قيامها بقتل نجل شقيقة زوجها الطفل "إبراهيم سيد حساني" ذو الـ5 أعوام.
وتم تأييد حكم الإعدام بعد قرار المحكمة بالرجوع إلى فضيلة المفتي، في جلستها السابقة 25 نوفمبر الماضي لنظر قرار إعدام المتهمة "أميرة أ م" زوجة خال الطفل، في القضية المعروفة إعلاميا بقضية طفل برميل المش والتي هزت الشارع والمجتمع الأقصري وأخذ الرأي الشرعي لفضيلة المفتي.
انهيار المتهمة
وبمجرد سماع الحكم، انهارت المتهمة "أميرة م أ" بقتل طفل نجع العقاربة بالأقصر، والتي تبلغ من العمر 31 عامًا بعد قرار محكمة جنايات الأقصر بإعدامها شنقاً، بعد استطلاع الرأي الشرعي للمفتي، لقتلها الطفل إبراهيم، وإخفاء جثته داخل برميل للجبن القديم، وأخذت المتهمة تصرخ بأصوات بكاء وعويل، هزت أرجاء المحكمة منادية على والدتها، قائلة: يا ماما يا ماما.
فرحة الأب
فيما عبر سيد حساني، والد الطفل القتيل عن سعادته الغامرة بعد صدور الحكم والدموع تملأ عينيه فرحا من أمام المحكمة، وحصول المتهمة على هذا الحكم الناجز والقصاص العادل الذي أثلج صدره، مؤكدا أنه يشعر براحة كبيرة بعد صدور الحكم، قائلا: "(ولكم فى القصاص حياة يا أولي الألباب).. الحمدلله حق ابني رجعلي واليوم تهنئة ومفيش عزاء، وحاسس براحة كبيرة وحاسين بالسعادة وبقالي سنة وتلت شهور مستني اللحظة دي وأنا كنت خايف لكن القضاء العادل أصدر قراره وسعيد وفرحان بالحكم والكل في البيت سعيد والناس بتهنينا بالحكم وحق ابني إبراهيم رجع خلاص".
وأضاف «حساني»، “على مدار عام تعبنا بسبب تأجيل القضية لأكثر من مرة بسبب عدم حضور الطبيب الشرعي لمناقشته، وكان نفسي أريح ابني فى تربته لأني اتحرمت منه بدري بدري ولم ندري ما الذنب الذي ارتكبه هذا الصغير حتى يتم قتله بهذه الطريقة الوحشية، ولكننا كنا واثقين فى ربنا وفى القضاء العادل إنه هيجبلنا حق إبراهيم حتى تبرد قلوبنا على طفلنا اللي راح مننا”.
بداية الواقعة
وتعود تفاصيل الواقعة إلى شهر أغسطس من العام 2022، عندما تلقى مركز شرطة الأقصر، بلاغًا باختفاء الطفل 'إبراهيم سيد حساني' 5 سنوات، بنجع العقاربة التابع لمدينة الطود، وتم العثور على جثة الطفل داخل برميل مش بمنزل خاله عقب تغيبه بـ5 أيام، وعقب التحقيق وبتكثيف جهود فريق البحث المشكل بمشاركة قطاع الأمن العام ومديرية أمن الأقصر، تبين أن وراء ارتكاب الواقعة زوجة خال الطفل، المدعوة 'أميرة. م.ا' زوجة خاله، والتي تبلغ من العمر 31 عامًا، والتي قامت بقتله وإخفاء جثته داخل برميل للجبن القديم “المش”، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة واعترفت تفصيليا بارتكابها الواقعة وتم وتحويلها إلى النيابة العامة التي وجهت لها تهمة القتل عمدًا مع سبق الإصرار والترصد.
وأكد شهود عيان من أهالي القرية، إنه عقب مرور عدة أيام من البحث، اشتبه بعض الأقارب في زوجه خاله، بسبب قيامها بإجراء مكالمات هاتفية مطولة، وتتجنب خلالها الجلوس وسط الآخرين، لعدم سماع حديثها، رغم مشاركتها معهم في عمليات البحث التي ظلت لمدة أيام سابقة.
فور إبلاغ مركز شرطة البياضية، ومديرية أمن الأقصر، بدأت عملية البحث من خلال تفريغ الكاميرات القريبة من منزل أسرة إبراهيم، حيث تبين اختفاء الطفل أمام باب خاله، والمرجح أنه دخل المنزل، ليبدأ رجال الشرطة بمشاركة أهل إبراهيم في البحث داخل أركان المنزل، وأكد شك رجال الشرطة ارتباك المتهمة، ليتم العثور على الطفل قتيلا داخل برميل المش.
اعترافات المتهمة
وبعد القبض عليها، أدلت المتهمة باعترافات تفصيلية أمام النيابة العامة، حول الواقعة قائلة، «حطيته في برميل المش وخليت راسه من تحت ورجليه من فوق»، مضيفة «أنا من نحو 3 سنوات اشترك في جمعية كبيرة عشان أسهل أمور بيتي، مع واحده اسمها 'ا.ح'، وكل واحد هيقبض 350 ألف جنيه في الشهر، ومشي أول شهرين كويس بعدين الجمعية تعثرت، وابتدت الناس اللي أنا مدخلاهم الجمعية يطالبوني بالفلوس ويهددوني وطلع عليا نحو 40 ألف جنيه».
وأضافت المتهمة: «أنا اشتكيت لجوزي، راح أبويا وجوزي باعوا الأرض اللي معاهم وسددنا للناس وقفلنا موضوع ' ا.ح' ده خالص، ولكن بعدها في فترة كلمتني الست دي تاني في التليفون وقالتلي انتي عليكي فلوس باقية في الجمعية لشخص والشخص وصى ورثته إنهم ياخدوها منك وأهل بيتي وجوزي وحمايا قابلوهم وقالوا متجوش هنا تاني انتوا ملكمش».
وتابعت: «بعدين 'ا.ح'، بعتتلي شخص قالي إنها بتقولك لو مجبتيش الفلوس هتقتلك عيالك وتولعلك في البيت، وبعد كده أبويا وأعمامي راحو حلو الموضوع ده وفضينا المشكلة دي، وبعد كده عرفت إنها دي بتاعت عمولات وسحر والناس بدأت تقولي إنها هتعملك عمولات عشان الخلافات اللي بيينا، وأنا ابتديت أخاف».
وأكملت: «منذ نحو 6 شهور بقت تجيلي قبضة في صدري أول ما بدخل البيت ابتديت أشوف حاجات بتتحرك ونور أحمر في الشقة ابتدت أماكن الحاجات اللي عندي في البيت تتحول من أماكنها وأنا ابتديت أخاف، ويوم الأربعاء 3 أغسطس بعد صلاة العشاء نحو الساعة 8 كان عبد الله ولدي وإبراهيم سيد حساني عندي في البيت وأول ما لقيتهم بيتفرجوا على الكرتون مع بعض رحت بعت عبد الله ولدي يطلع يجيب حلاوة من برا من عند البقال، وكان إبراهيم سيد حساني قاعد بيتفرج على الكرتون كان ساند راسه على رجلي وهو بيتفرج وأنا كنت بطبطب عليه عشان هو زي ولدي مرة واحدة لقيت نفسي بقوله تعالى هفرجك على حاجة جوا رحت وخداه الأوضة اللي بعمل فيها المش رحت مسكاه من إيديه وهو مكنش بيقاوم عشان مش مدي خوانه عشان أنا مرات خاله وزي أمه وهو ياما قعد عندي في البيت ومرباي عندي ورحت شيلاه من إيده وحطاه في برميل المش زرع بصل، راسه تحت ورجليه فوق وحطيت عليه أربع برطمانات مش علشان ما يقبش، ورحت قافلة عليه الغطا البلاستيك وطلعت من الأوضة وقفلتها ونسيت كل حاجة ونسيت حتى اللي عملته».
وأشارت إلى أنهم عقب الساعة 12 بالليل لقيتهم بيقولوا إبراهيم مش لاقينه، وبيقولوا الواد ضايع وأنا ساعتها مكنتش فاكرة حاجة من اللي عملتها خالص وبقيت أدور معاهم وأبص على الكاميرات وأسأل الجيران لأن ابراهيم كان زي ولدي وكان حتة مني وهو من سن عبد الله ولدي، وأمه كانت علطول بتسيبه عندي، وكان قلبي بيتقطع وهو ضايع لدرجة إني كنت بقلهم خلي المباحث تدور كويس وكنت بطلع ألف في البلد كلها عشان ألاقيه حتى يوم الأحد على الساعة 4 العصر لقيت أبوه سيد حساني، وزوجي بيجري عليا وبيقولوا احنا طلعنا إبراهيم من برميل المش اللي عندي في الشقة وأنا زعقت فيهم كتير وقولتلهم إيه اللي وداه هناك أكيد سقط لوحده بس لما قعد وفكرت افتكرت اللي عملته في الواد وقولتلهم في المباحث كل حاجة حصلت وأنا مش عارفه أنا عملت كده إزاي أنا مكنتش في وعيي ساعتها'.
وأكدت أنه لا توجد خلافات بينها وبين والدة الطفل المدعوة إيمان، وقالت: 'إيمان سحبت قرض بـ 30 ألف جنيه بقسط شهري 2360 جنيه وأدتني 15 ألف وقالتي نقسم قسط القرض كل شهر، سددنا شهرين وجات في التالت اتعثرت قالت مش قادرة أدفع وقالتي انتي ادفعي قسط شهر 8 وأنا القسط اللي جاي هدفعه وهو ده كل اللي حصل، إيمان دي اختي وإبراهيم ابنها ده كان زي ابني بس أنا قتلته ليه ما اعرفش عملت كده ازاي، أنا مش هقتل طفل عشان ألف جنيه'.
مداولتها بالمحاكم
وعقب الإحالة للجنايات، بدأت أولى الجلسات في ٢٦ أكتوبر من عام 2022، ثم حددت محكمة جنايات الأقصر يوم ٢٧ ديسمبر لثانى الجلسات، تلاها جلسة ٢٦ فبراير الماضي لثالث الجلسات، وانعقدت الجلسة الرابعة في 29 من شهر أبريل الماضي، حيث تمسكت المحكمة بقرارها في لنظر القضية بطلبها في استدعاء الطبيب الشرعي، والاستماع لأقواله نظرا لانشغاله بقضية أخرى وعدم حضوره الجلسة والتي تم رفعها، وفي الجلسة الخامسة قررت المحكمة الاستماع إلى شهادة ابنة المتهمة الطفلة مرام محمد، ذات الـ11 عاما، في القضية بناءً على طلب محامي دفاع المتهمة بالرغم من أن الطفلة فى وقت وقوع الجريمة لم تكن فى منزل والدتها بل كانت فى بيت جدها من والدها، كما قرر القاضي قرر استبعاد طلب محامي المتهمة، بإضافة شهود جدد للقضية لم تتضمنهم تحقيقات النيابة من قبل، حيث طلب محامي المتهمة استدعاء شاهدة تدعى عطيات، وهي عمة الطفل القتيل، والتي كانت موجودة وقت الجريمة، ثم قررت محكمة جنايات الأقصر في دائرتها الأولى، برئاسة المستشار تامر ثروت رئيس المحكمة، الاستماع في سادس جلساتها في يوم 22 يوليو، الاستماع إلى أقوال الطبيب الشرعي والشهود الذين طلبهم دفاع المتهمة في الجلسة الماضية، وهم ضابط المباحث المشرف على القضية وقام بالضبط، وعم الطفل القتيل والذي أخرجه من برميل المش كما تم تداول مرافعات ساخنة من محامى الطرفين.