أفادت دراسة طبية أمريكية أجراها باحثون في مستشفى مونت سيناى بمدينة نيويورك أن زيادة مستوى الإنسولين في الدم عقب الأكل ليس ضارا كما كان معتقدا في السابق، وهو ما يغير من منظور العديد من الأطباء في تأثير مستويات الإنسولين بعد الأكل.
وأشارت الدراسة التي قادها الدكتور" رافي ريتناكاران"، الأستاذ في معهد " لونينفيلد تانينياوم للأبحاث "، التابع لمستشفى " مونت سيناى" ونشرت في عدد ديسمبر من مجلة " لانسيت" الطبية، وتبحث في كيفية تأثير مستويات الأنسولين بعد الوجبات على صحة القلب والتمثيل الغذائي على المدى الطويل إلى أن الكثيرين اعتقدوا لفترة طويلة أن الإرتفاع السريع في مستوى الإنسولين عقب تناول الطعام، خاصة عقب تناول الكربوهيدرات، كان ضارا، فقد كان يعتقد أن هذا الإرتفاع في الإنسولين يمكن أن يؤدي إلى زيادة الوزن ومقاومة الإنسولين، وهي حالة لا يستجيب فيها الجسم بشكل جيد للإنسولين، مما يجعل من الصعب التحكم في مستويات السكر في الدم، حيث تزيد هذه الحالة من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
كما أشارت إلى أن الدكتور" زيتناكاران"، أخصائي الغدد الصماء في مستشفى "مونت سيناي"، والأستاذ فى جامعة "تورونتو" الكندية، لاحظ أن العديد من المرضى يعتقدون أن مستويات الأنسولين المرتفعة بعد تناول الطعام كانت مروعة لصحتهم ومع ذلك، فإن الأدلة التي تدعم هذه الفكرة لم تكن قوية للغاية، معظم الدراسات إما لم تدم طويلا أو نظرت فقط في مستويات الأنسولين دون النظر إلى عوامل مهمة أخرى مثل مستويات السكر في الدم.
كما أجرى فريق الدكتور "ريتناكاران" دراسة تابعت 306 أمهات جدد على مدى عدة سنوات لمعالجة هذه الفجوة، حيث إختار الباحثون أمهات جدد لأن مقاومة الأنسولين المرتبطة بالحمل يمكن أن تساعد في التنبؤ بمخاطر مرض السكر في المستقبل، فمنذ عام 2003 إلى عام 2014، خضعت هؤلاء النساء لاحتبارات مفصلة لصحة القلب والتمثيل الغذائي بعد سنة وثلاث وخمس سنوات من الولادة، تضمنت الاحتبارات اختبارات تحدي الجلوكوز، والتي تقيس مستويات الجلوكوز والأنسولين بعد شرب محلول سكرى، كان جزء رئيسي من هذه الدراسة هو النظر فى استجابة الإنسولين المصححة، وهو مقياس يأخذ فى الإعتبار مستويات السكر في الدم الأساسية، وهذا النهج مهم لأن استجابة الأنسولين لدى الجميع تختلف وتعتمد على كمية السكر الموجودة بالفعل في الدم.
كانت النتائج غير متوقعة، بحسب الباحثين، في حين ظهر أن استجابات الإنسولين الأعلى مرتبطة فى البداية بتدابير صحية أسوأ، مثل قياس محيط الخصر الأكبر، ومستويات أعلى من الكوليسترول الضر والإلتهابات، كانت هذه الإتجاهات مصحوبة بعمل أفضل لخلايا " بيتا" ( الخلايا فى البنكرياس المصنعة للإنسولين.. تعد وظيفة هذه الخلايا الجيدة أمرا بالغ الأهمية لتقليل خطر الإصبة بمرض السكر.. أوضح الباحثون أن نتائجهم لا تدعم فكرة أن الكربوهيدرات وإرتفاع مستوى الإنسولين يؤدي إلى السمنة.. فى واقع الأمر، بعد تعديل مستوى الجلوكوز، إرتبطت استجابة الإنسولين القوية بعد تناول الطعام بحصة جيدة فى التمثيل الغذائي في المستقبل.
وتتحدى نتائج هذه الدراسة الإعتقاد السائد بأن مستويات الإنسولين المرتفعة عقب الوجبات ضارة بطبيعتها، حيث يأمل الباحثون أن تشجع النتائج المتوصل إليها تشجيع الأطباء إلى إعادة التفكير فى كيفية تحليل تقلبات الإنسولين عقب الوجابت.. كما تشير الدراسة الحالية إلى أن استجابة الإنسولين القوية بعد الوجبات قد لا تكون مدعاة للقلق، بدلا من ذلك، يمكن أن يكون علامة على صحة التمثيل الغذائي الجيدة وانخفاض خطر الإصابة بأمراض مثل ما قبل السكر أو مرض السكر في المستقبل.
ويمثل هذا البحث تحولا كبيرا في فهمنا للأنسولين وتأثيره على الصحة على المدى الطويل.