الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المصريون في الإمارات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

حيثما تتجه في دولة الإمارات تجد المصريين يلمعون كالنجوم في سمائها يجذبون الأنظار إليهم في كل مكان يعملون فيه حيث يتمتعون بما يسميه علماء الاجتماع "الكريزما الاجتماعية والروحانية" التي تجعل شخصيتهم جاذبة وقوية ويتمتعون بقدرة على التواصل مع الآخرين. ولعل الانطباع السائد بالحديث مع المصريين بأن حركتهم سهلة والأماكن وطنهم! وتشكل الجالية المصرية واحدة من أكبر الجاليات بعد الهند وباكستان، حيث يبلغ عددهم 857947 شخص، أكثر من نصفهم مستقرون مع عائلاتهم بالإمارات من بداية 1990 وقد زادت أعدادهم خاصة بعد 2011، كما أن غالبيتهم من فئة الشباب، وهو أمر ملاحظ بوضوح عندما توافدوا على مقر القنصلية المصرية في دبي للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية. 

ورغم طيب العيش، هناك حنين مستمر يربط المصريين ببلدهم. لهذا يبحثون عن مناسبات للالتقاء ببعضهم البعض. وتعتبر المطاعم والمقاهي المصرية أماكن مثالية للتجمع ويصبح الجو أكثر حيوية إذا كانت هناك مباراة كرة قدم. وقد فتحت أشهر المطاعم والكافيهات المصرية فروعًا لها في الإمارات. كما أن وسائل التواصل الاجتماعي جعلت المصريين أكثر ترابطًا وعلى اطلاع دائم بما يجري في ربوع الوطن..  وإذا ألقينا نظرة على صفحات التواصل الاجتماعي نكتشف حضورًا بارزًا عبر عشرات المجموعات. وتضمُّ صفحة واحدة على (فيسبوك) باسم "الجالية المصرية في الإمارات العربية المتحدة" أكثر من 366 ألف عضو. وتنظم الصفحة في المناسبات والأعياد والعطل تجمعات تستقطب آلاف العائلات المصرية وتكون التجمعات عادة في الحدائق العامة. كما تعد الأندية الثقافية المصرية أيضًا مكانًا رائعًا للقاء، ويوجد العديد منها في دبي والشارقة وعجمان وأبو ظبي. وتستضيف الأحداث الرياضية والفعاليات الثقافية والحفلات العائلية لجميع المصريين في الإمارات. 

ورغم التنوع في الجنسيات الموجودة في الإمارات التي تمثل تقريبًا جميع دول العالم حيث أن نسبتهم حوالي 80% من إجمالي السكان البالغ عددهم حوالي 10 ملايين نسمة وفقا للبنك الدولي، إلا أن المصريين يحظون بمحبة كبيرة من الإماراتيين وهذا أمر تشعر به بسهولة عند التعامل معهم حيث تلمس مكانتهم الخاصة لدى الشعب الإماراتي. وهو ليس بالأمر الجديد فقد قالها من قبل الشيخ زايد آل نهيان، رحمه الله، إن "مصر هي قلب الأمة النابض، فإن توقف هذا القلب توقفت الأمة". لذلك فلا غرابة في هذا الحضور المصري الكبير ولا في الحضور الإماراتي في مصر ولعل أحد ملامحه الاستثمار، حيث احتلت الامارات المركز الأول من حيث الاستثمارات الخارجية في مصر بـ1250 شركة، بقيمة 17 مليار دولار، مع توقعات بأن تصل في العامين القادمين إلى 27 مليار دولار.

وتعد تكاليف العيش في الإمارات مرتفعة للغاية، لكنها تتوازن مع مستويات الدخل العالية نسبيا؛ وإن كانت مستويات متفاوتة جدًا تبدأ من 4 آلاف درهم للدخل شهريًا وتصل حتى 100 ألف درهم. وتجذب الإمارات العمال من مختلف أنحاء العالم، خاصة من البلدان ذات الاقتصادات الأقل نموًا، ولا توجد ضريبة على دخل الأفراد، وإنما تُفرض ضريبة على شركات النفط، وفروع البنوك الأجنبية. وهناك فقط ضريبة القيمة المضافة على معظم السلع والخدمات بنسبة 5%. وعدم فرض ضريبة على الدخل يعتبر من المميزات التي تجعل كوادر عديدة في شركات إقليمية وعالمية تختار الإمارات للعمل والحياة بها. ويتفاوت أيضًا ارتفاع مستوى المعيشة بين الإمارات السبعة لكن إمارة الشارقة تعد الأرخص من حيث تكاليف المعيشة بين إمارات الدولة. ومع ذلك، قد تختلف التكاليف باختلاف المنطقة ونمط الحياة فيها حتى داخل كل إمارة. وقد لاحظت أن العديد من المصريين الذين يعملون في مدينة دبي يعيشون في مدن أخرى مثل الشارقة وعجمان، حتى يستطيعوا تفادي الإقامة المكلفة، خاصة الإيجارات التي تضاعفت خلال ثلاث سنوات والتي قد تستقطع ما يصل إلى نصف الدخل مع فواتير المياه والكهرباء والانترنت. 

وبالحديث مع بعض المصريين المقيمين مع عائلاتهم لاحظت أن أهم مشكلة تواجههم هي غياب المدارس المصرية، وأشار البعض إلى تنوع المناهج حيث تتواجد المدارس الأمريكية والبريطانية والفرنسية والألمانية والبنغالية والهندية والباكستانية والفلبينية والاسبانية في حين لا توجد أي مدرسة تعتمد المنهج المصري؛ ولا يوجد غير امتحانات السفارة والقنصلية المصرية، وهو نظام تابع للإدارة العامة للامتحانات بحيث يكون التعلم وفق نظام المنازل وتكون الامتحانات (أونلاين) فقط، ولا تُقبل شهادته في دولة الامارات لكن تُقبل بالطبع في مصر. وبالتالي يحتاج ذلك دروسًا خاصة ومصاريف زائدة وضغطًا أسريا ورسوم تسجيل في الاختبارات تبلغ 150 دولارًا لكل طالب. كما أعربوا عن وجود صعوبة في إيجاد مدارس تناسب إمكاناتهم المادية وتوفر لأبنائهم تعليمًا يعكس هويتهم الثقافية. ولذلك يفضل البعض تدريس المنهج المصري بالمنزل بهدف التعريف بتاريخ وثقافة مصر، خاصة إذا قرروا يومًا العودة لوطنهم بحيث لا يجدون صعوبة في التأقلم مع النظام التعليمي. كما اختار البعض تسجيل أبنائهم في مدارس مصرية والتعاقد مع مدرسين (أونلاين) لتدريسهم المنهج الخاص بكل صف دراسي.