بعد مرور ١٠٠ عام على أوبريت "البروكة" لفنان الشعب سيد درويش، تُعيد دار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتور خالد داغر، الأوبريت في ثوبه الجديد على خشبة مسرح الجمهورية، في الثامنة من مساء غدِِ الأحد المقبل، وذلك بمناسبة الاحتفال بمئوية سيد درويش.
وضع سيد درويش موسيقى البروكة للمسرح المصري
"البرّوكة" هي أوبرا كوميك في ثلاثة فصول، ترجمت عن الفرنسية "LA MASCOTTA"، ووضع موسيقاها للمسرح المصري فنان الشعب سيد درويش في العام ١٩٢١، وترتكز فكرة الرواية على فتاة ريفية كلما حلت في أي مكان جلبت معها السعد والرخاء لأهله.
أوبريت البروكة غناء: هانى عبدالناصر، في دور "الأمير لوران"، وليديا لوتشانو، في دور "بتينا"، وعبدالعزيز سليمان في دور "بيبو"، ومحمد تركى في دور "روكو"، وهاجر أحمد في دور "فياميتا"، ويوسف طارق في دور "فريتللى"، ويوسف الصافوري في دور "بارافانتيه"، ومحمد مصطفى في دور "ماثيو"، كورال صوت العاصمة، وتوزيع أوركسترالى وجدى الفوي، رؤية فنية وتدريب الدكتور محمد عبدالقادر، وإخراج مهدى السيد.
ويعد أوبريت البروكة من أحدث أوبريتات سيد درويش زمنيا وفنيا، فقدم هذا الأوبريت عام 1921 وتميزت بسمات مختلفة عما كان يقدمه مسرح سيد درويش قبلها، فقد احتفظ الأوبريت بأسماء شخصيات الرواية الأصلية المترجمة عن الفرنسية للروائي لاماسكوت، وقرر سيد درويش أن يعطيها جوا مختلفا من الألحان بحيث يمكن تذوقها في الشرق والغرب.
وقد أعجب الموسيقار محمد عبدالوهاب بلحن "الشيطان" وغناه على عوده إعجابا به، قائلا: "إنه الأستاذ الأكبر"، كما أعجب بغيره من ألحان سيد درويش، واقتبس مطلعه كاملا في إحدى أغانيه وهي "والله وعرفنا الحب" بعد نحو 40 عاما على وفاة ملحنه.
وقد أُعيد تقديم أوبريت البروكة بعد وفاة سيد درويش، فقدمت في القاهرة بإخراج زكى طليمات، وإشراف محمد البحر نجل سيد درويش عام 1959، وكذلك الفرقة الاستعراضية الغنائية على مسرح محمد عبدالوهاب بالإسكندرية عام 1997.
ويقول عنه الموسيقار رياض السنباطي، إن كل ما نحن فيه من فن أثر من آثار سيد درويش، ولم يكن كل ذلك إلا لأن الرجل كان صاحب رسالة، لقد نشأ وسط الشعب وأفنى حياته من أجل البسطاء والرقى بحياتهم، لم يُعيّن في منصب حكومي، ولم يأخذ بيده صاحب سلطة، ولم يكن بيده سلاح غير موهبته وإيمانه بالله وحبه لوطنه ولأمته.
لحن سيد درويش لأوبريت البروكة الذي عرض في مسرحنا الغنائي بشارع الجمهورية بعابدين، ثلاثة عشر لحنا غنائيا يتخلل أداءها الحوار التمثيلي عند المواقف التي تهيئ الجو للغناء والموسيقى، وضع الألحان على ترجمة لكتيب فرنسي الأصل من تأليف "شيفوديريه"، وعلي الرغم من أن النص الذي أعاد تنقيحه يوسف حلمي قد احتفظ بالجو الأوروبي وبأسماء الشخصيات والديكورات الأوروبية إلا أن الفنان سيد درويش دخل في منافسة قوية مع الموسيقي الفرنسي أدمون أودران، الذي كان قد وضع 21 لحنا للأوبريت الفرنسية لاقت بإيقاعها الخفيف وتوزيعها الموسيقي وانسجامها المرهف نجاحا واسعا في أوروبا كلها.
منذ أن عُرض أوبريت البروكة لأول مرة عام ١٨٨٥م بمسرح يعرف في باريس باسم مسرح "البون باريسيان"، والذي أنشأه الموسيقار أوفنباخ لأول مرة في الشانزليزيه سنة ١٨٥٠م، وانتقل بعد ذلك إلى ممر شوازيه بباريس منذ سنة ١٨٦٤م على نطاق واسع وبتطور كبير، وقد تَخصص هذا المسرح في نوع بذاته من الأوبريت الفكاهية الخفيفة، حتى ظهر في عالم الفن قسم خاص بهذا النوع وهو الأوبرابوف، وإن لم يكن أوبرا، بل أوبريت تتكون من أجزاء حوارية تمثيلية وبعض الأغاني والألحان التي تتخللها، وليست ملحنة ولا مغناه كلها على نحو ما هو معروف في فن الأوبرا.
ويعد سيد درويش أول من اهتم بالتوزيع الآلي لألحانه المسرحية، واستطاع أن يدخل لأول مرة تعدد الأصوات الهارمونى في وقت واحد، كون فرقته الخاصة في ١٩٢١ وأطلق عليها "سيد درويش" وقدم ثلاثة أوبريتات، كان يؤدى فيها دور الفتى الأول، ألف العديد من الألحان لمجموعة من الفرق من الفترة ١٩١٧ حتى ١٩٢٣، وهى فرقة عمر وصفي، وجورج أبيض، ونجيب الريحاني، وعلي الكسار، وأولاد عكاشة، ومنيرة المهدية، قدم ألحان العديد من المسرحيات الغنائية منها "الهواري"، و"كله من ده"، و"إش"، و"قولوا له"، و"العشرة الطيبة"، و"فشر"، و"ولسه"، و"اللى فيهم"، و"البربرى في الجيش"، و"كلها يومين"، و"البروكة"، و"الطاحونة الحمراء" وغيرها، فكانت حياته شعلة دائبة الضوء بعطائها الخصب.