شهد الاقتصاد اللبناني خلال السنوات الماضية، أزمات متلاحقة تسببت في تردي الأحوال الاجتماعية والمعيشية لقطاع كبير من الشعب اللبناني، ويأتي التصعيد الأخير على الحدود بين حزب الله وإسرائيل لتتعمق الأزمة وتتعقد الأحوال.
وفي هذا السياق، اهتمت وسائل الإعلام بتطورات الاشتباكات بين الجانبين وأثره على الاقتصاد اللبناني، حيث كشفت إذاعة "أن بي أر" الأمريكية أنه بعد شهرين من اندلاع الحرب مع إسرائيل في غزة، وبدأ حزب الله في شن ضربات بالصواريخ باتجاه دولة الاحتلال، فإن اقتصاد لبنان بات يتكبد خسائر فادحة، في الوقت الذي تهدد تل أبيب بحرب واسعة النطاق في جنوب لبنان.
وأوضحت الإذاعة أن انخراط حزب الله في ضربات على القوات الإسرائيلية ثم رد هذه الأخيرة على ضربات حزب الله داخل لبنان، أدى إلى شبه إشراك فعلي للبنان في الصراع القائم بين تل أبيب وقطاع غزة.
ولفتت الإذاعة الأمريكية أن اندلاع الحرب بشكل رسمي بات وشيكا بين حزب الله اللبناني المدعوم من إيران، وإسرائيل، الأمر الذي قد يقود إلى تفاقم التحديات الاقتصادية في لبنان، ويقضي على ما تبقى من هذه البلد التي تعاني مشكلات اقتصادية هائلة منها انهيار العملة المحلية وانهيار النظام البنكي وعدم وجود عوائد بالدولار، وكذلك عدم وجود كهرباء أو قطاع صحي.
ومنذ بدء حزب الله صراعه مع إسرائيل، بدأت ملامح الانهيار تظهر على الاقتصاد اللبناني، إذ تراجع الاقتصاد بنسبة 29٪ خلال شهرين فقط، وشكلت السياحة القطاع الرئيسي المتضرر من هذه الحرب بانخفاض بنسبة 63٪، في حين انكمش قطاع الزراعة بنسبة 42٪.
ويأتي ذلك بعد طلب العديد من الدول لاسيما الولايات المتحدة وبريطانيا لمواطنيها بمغادرة البلاد، كما نصحت عشرات الدول مواطنيها بعدم الذهاب إلى هذه الدولة الملتهبة التي تنتشر في جوانبها رائحة الخوف من الحرب.
إلى جانب ذلك، فقد انخفضت الاستثمارات الأجنبية بنسبة 37٪ منذ اندلاع الأعمال العدائية بين حزب الله وإسرائيل، كما عانى اقتصاد جنوب لبنان الذي شهد نزوح جماعي للمواطنين خوفا من الحرب، بنسبة 67٪.
ويقدر خبراء أن نسبة الخسائر التي شهدتها لبنان خلال الشهرين تقدر بمليارات الدولارات، لكن الفاتورة مرشحة بالارتفاع بشكل كبير، إذ ما اندلعت حرب مباشرة، وهو ما يقود إلى تدمير كلي للاقتصاد اللبناني الذي يعاني في الأساس من أزمة غير مسبوقة.
وجاءت الحرب لتزيد من أوجاع المواطنين اللبنانيين الذين يعانون من تضخم غير مسبوق وانهيار حر لعملتهم وتأكل احتياطات بلادهم من النقد الأجنبي، والذي لا يسمح للدولة بتوفير الكهرباء أو الأدوية والعديد من الخدمات.
ووفقا للموقع، فإن العديد من شركات القطاع الخاص طالبات بتعويضات تقدر بأكثر من 400 مليون دولار من الدولة جراء الخسائر التي تعرضت لها نتيجة التصعيد الكبير بين حزب الله وإسرائيل وتأثيره على نشاطتها.
ويتوقع خبراء ومحللين أن الأعمال العدائية المستمرة إذ ما تحولت إلى حرب أوسع خارج الجنوب اللبناني قد تقود إلى ضربة مدمرة للاقتصاد اللبناني، وهو أمر قد يحتاج لسنوات طويلة من أجل التعافي منه في ظل هذه الأزمة الاقتصادية الحالية.
وخلال الأيام الأخيرة، بعثت إسرائيل في رسالة إلى مجلس الأمن، تحذيرا صريحا بشأن احتمال نشوب حرب مع لبنان في ظل استمرار الضربات من جانب حزب الله، داعية إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 بالكامل، مع انسحاب حزب الله من المناطق الحدودية بين البلدين، وترك الساحة لقوات أممية تابعة لليونيفيل.
وينص قرار مجلس الأمن المذكور والصادر بعد حرب عام 2006، على عدم السماح لحزب الله اللبناني بالنشاط في جنوب لبنان، وضرورة إخلاء المنطقة بأكملها من وجود أسلحة باستثناء أسلحة تابعة للجيش اللبناني.
واختتمت الإذاعة بالقول إن تنفيذ هذا القرار من جانب حزب الله قد يساعد إلى عودة الاستقرار من جديد إلى جانب لبنان ويجنبها حرب مدمرة، ويجذب من جديد المستثمرين الأجانب، مما يساهم في تخفيف حدة الأزمة الحالية.