تعقد رئيسة وزراء فرنسا إليزابيث بورن، اجتماعا مع الوزراء المعنيين بمشروع قانون الهجرة الجديد الذي رفضته الجمعية الوطنية (مجلس النواب الفرنسي)، ومع رؤساء مجموعة الأغلبية، وساشا هوليه رئيس لجنة القوانين في الجمعية الوطنية، وذلك لوضع استراتيجية للخروج من هذه الأزمة السياسية بعد أن رفضت الجمعية الوطنية مناقشة القانون.
وقد رفضت الجمعية الوطنية (الغرفة السفلى للبرلمان)، مشروع قانون الهجرة المثير للجدل والذي يهدف إلى التحكم في تدفق المهاجرين وتحسين فرص الاندماج في المجتمع؛ ما ألحق هزيمة سياسية كبرى بالحكومة الفرنسية.
وتمت الموافقة على مقترح برفض المناقشة على مشروع القانون في الأساس، قدمته كتلة الخضر (أنصار البيئة)؛ وفي تصويت متقارب للغاية، صوت النواب لصالح هذا المقترح بأغلبية 270 صوتا، مقابل 265 صوتا؛ وكان نواب "التجمع الوطني" و"الجمهوريين" هم الذين أحدثوا الفارق عندما قرروا في اللحظة الأخيرة التصويت لصالح هذا الاقتراح اليساري، ما يعني رفض نص مشروع القانون حتى قبل مناقشة المواد الخاصة به.
ورحب اليسار واليمين المتطرف بتبني مقترح الرفض، بينما تشكل هذه الخطوة اتنكاسة للحكومة ولوزير الداخلية جيرالد دارمانين، الذي قدم مشروع القانون.
وبعد رفض مناقشة مشروع القانون بالجمعية الوطنية، قدم جيرالد دارمانين اسقالته، إلا أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رفضها، واعترف دارمانين بأن التصويت على رفض مناقشة مشروع القانون يعد "فشلا"، وقال إنه لهذا السبب قدم استقالته، إلا أن الرئيس الفرنسي رفض الاستقالة، وأضاف أن إيمانويل ماكرون وجه الحكومة بأن تعرض عليه غدًا استراتيجية تتبع هذا النص الذي تم رفضه، وذلك للخروج من هذه الأزمة السياسية.
وبعد تعديلات أجراها مجلس الشيوخ الفرنسي، أحيل مشروع قانون الهجرة الجديد إلى الجمعية الوطنية، حيث كان من المنتظر أن تبدأ اليوم مناقشة جديدة على هذا المشروع الذي أثار جدلا واسعا بين الأوساط البرلمانية والسياسية، حيث يتخوف عدد من الجمعيات والهيئات المعنية بقضايا الهجرة واللجوء من أن يقلص المشروع المطروح حقوق الأجانب على الأراضي الفرنسية.
وفي مواجهة هذا الجدل، كانت تطمح الحكومة إلى تحقيق فوز سياسي كبير من خلال إقناع مختلف الفرقاء السياسيين لتمرير القانون دون اللجوء إلى المادة 49.3 من الدستور التي تسمح بتمرير أي قانون دون تصويت برلماني، إلا أنه من قبل أن تبدأ الجمعية الوطنية اليوم مناقشة هذا القانون الجديد للهجرة بعد إحالته بصيغته النهائية من لجنة القوانين، تم تبني هذا المقترح برفض مناقشة القانون.
ويعتبر المشروع الذي أحيل إلى البرلمان بعد المصادقة عليه من قِبَل مجلس الوزراء، هو الثاني من نوعه في فترة حكم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ويأتي في ظل تخوفات عبَّر عنها عدد من المهاجرين بشأن ما يتضمنه القانون، في حين تؤكد الحكومة الفرنسية أنها تهدف إلى "حماية حقوق العمال والمهاجرين".
فمن بين المواد الهامة في مشروع القانون، والتي أقرها من جديد نواب لجنة القوانين التابعة للجمعية الوطنية، تلك المتعلقة بحق الحصول على المساعدة الطبية المجانية التي تقدمها الدولة الفرنسية لكل مهاجر مقيم بشكل غير شرعي في البلاد.
وكان مجلس الشيوخ ألغى هذه المادة في قراءته الأولى واستبدلها بمادة تنص على توفير المساعدة الطبية في "حالات استعجالية فقط"، مع تخفيض أنماط العلاجات التي تقدم للمقيميين غير الشرعيين في حال المرض.
وفيما يتعلق بتسوية الأوضاع الإدارية لبعض المهاجرين غير الشرعيين الذين يعملون في قطاعات تفتقد إلى اليد العاملة، اقترح أعضاء لجنة القوانين في الجمعية الوطنية نصا "توافقيا" والذي منح مسئولي الأمن في المحافظات صلاحية النظر في هذه النقطة.