يُعد الكاتب المسرحي سعد الدين وهبه، الذي تحل ذكرى وفاته اليوم الإثنين، أحد أبرز كتِّاب جيل الستينات آنذاك، والذي ترك بصمة واضحه في تاريخ المسرح المصري والعربي، فقد حمل على عاتقه هموم وقضايا المجتمع المصري كونه واحدًا من أبناء هذا الوطن، مبلورًا تلك القضايا والأحداث التي لم تطرح من قبل لتصويرها وتجسيدها في العديد من الأعمال التي قدمت على خشبة المسرح.
في الرابع من فبراير 1925 ولد سعد الين وهبة في قرية دميرة مركز طلخا محافظة الدقهلية، وتخرج في كلية الشرطة في العام 1949، وعمل ضابطا بالشرطة، كما تخرج في كلية الآداب قسم فلسفة في العام 1956 من جامعة الإسكندرية.
شغل سعد الدين وهبة العديد من الوظائف الإدارية بأحد أجهزة الدولة، فقد عمل بالصحافة في الفترة من 1954 حتى 1964، وشغل منصب مدير تحرير جريدة الجمهورية في الفترة من 1958 وحتى 1964، كما عمل في وزارة الثقافة من عام 1964 وحتى عام 1980، وشغل منصب رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للإنتاج السينمائي العربي، ورئيس مجلس إدارة دار الكتب العربي للطباعة والنشر، ورئيس مجلس إدارة هيئة الفنون، ووكيل وزارة الثقافة للعلاقات الخارجية، ووكيل أول وزارة الثقافة الجماهيرية، وسكرتير المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، ووكيل أول وزارة الثقافة، ونائبا للوزير من عام 1975 وحتى عام 1980، ورئيس مجلس إدارة صندوق رعاية الأدباء والفنانين.
اأُنتخب سعد الدين وهبة نقيبا للسينمائيين عام 1979، ورئيسا لاتحاد النقابات الفنية، واتحاد كتاب مصر عام 1997، وعضوا لمجلس الشعب، وأُختير رئيسا لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1985، ورئيسا لمهرجان القاهرة لسينما الأطفال 1990، ورئيسا للاتحاد العام للفنانين العرب، كما عمل كاتبا غير متفرغ بمؤسسة الأهرام منذ عام 1992.
حرص سعد الدين وهبة على اختيار موضوعات جادة لمسرحياته مثل صراع الطبقات الاجتماعية وما حدث في نكسة 1967 وفساد الحياة السياسية في مصر ورفض التطبيع مع إسرائيل. لقد عني مسرحه بتناول القضايا السياسية والمشكلات الوطنية من خلال وجهة نظر معاصرة، تعبر عنها مشاعر ونماذج إنسانية بسيطة ولكنها في الوقت ذاته بالغة العمق، فكانت تلك المسرحيات تمثل بداية جديدة لمرحلة تطور مهمة من مراحل تطور المسرح المصري المعاصر، ولم يمنعه انتمائه لثورة يوليو من نقدها ونقد سلبياتها.
وكانت "سكة السلامة" من أبرز أعماله المسرحية التي جاءت لتعلن بداية مرحلة جديدة في عالم سعد الدين وهبة المسرحي، ونقله مهمة في رؤيته للعالم، دون أن نجتث جذورها المؤسسة في أرض الواقع، ودون أن تقول كلمتها الكاملة، فقد مهدت الطريق لإلقاء الضوء على ما جرى فيها، فيما برز من أعمال لاحقة لها، وأعلنت عن نفسها بالعنوان الدال "سكة السلامة"، والفاتح لأبواب النص الدرامي، والممهد لتفسيره، ويهفو للبحث عن طريق السلامة، والبعد عن أي طرق أخرى تؤدي للضياع، فالنظام السياسي قد أخذ بطريق التحول إلى الاشتراكية باعتباره حل "حتمي" للخروج من أزمات المجتمع شبه الرأسمالي، ولتحقيق العدالة الاجتماعية بين شرائحه وطبقاته.
وقد أخرجها سعد أردش عام 1964، على المسرح القومي، وقام ببطولتها كل من: سميحة أيوب، وتوفيق الدقن، وشفيق نور الدين، وعبدالمنعم إبراهيم، ومحمد السبع، ومحمود عزمي، وعبدالسلام محمد، ورجاء حسين، وملك الجمل، وحسن البارودي، وكمال حسين، وفؤاد شفيق، وأحمد الجزيري، وطارق عبداللطيف.
كما أخرجها أيضًا محمد صبحي تحت عنوان "سكة السلامة 2000"، في 8 يناير عام 2000، على مسرح راد يو، وقام ببطولتها مع سيمون، وشعبان حسين، وخليل مرسي، ومحمود أبو زيد، وأيمن عزب، وحمدي السيد، ومجدي صبحي، وعبير فاروق، وأمل إبراهيم، وعبدالله مشرف، وشوقي طنطاوي.
تدور أحداث المسرحية حول أتوبيس تتجه رحلته اليومية من محافظة القاهرة إلى الإسكندرية، حتى يضل طريقه بكل الركاب في أعماق الصحراء على يد أحدهم، فيقدم العمل مجموعة من النماذج البشرية لركاب هذا الأتوبيس ولكل منهم سكته الخاصة المُحملة بالأخطاء والذنوب، فعندما يقتربوا من الموت نتيجة الجوع والعطش، يُعلن كل واحد منهم توبته ويقرر الإصلاح من نفسه، ولكن هل ستتغير مواقفهم التي كانوا عليها من قبل بعد النجاة؟ فهذا ما تطرحه المسرحية.
كما كتب للمسرح عدة مسرحيات من أهمها: المحروسة، والسبنسة، وكوبري الناموس، وكفر البطيخ، وسبع سواقي، ورأس العش، والمسامير، ويا سلام سلم، وغيرها، إلى جانب كتابة السيناريو والحوار والتأليف لعدد من الأفلام السينمائية والأعمال التليفزيونية منها على سبيل المثال وليس الحصر: زقاق المدق، وأدهم الشرقاوي، والحرام، ومراتي مدير عام، والزوجة رقم 13، وأرض النفاق، وأبي فوق الشجرة، وأريد حلا، وآه يا بلد.. وغيرها.
أثرتْ أعماله الأدبية الحركة المسرحية والثقافية والفنية بأعماله الخالدة، وبفضل إنتاجه الغزير جعلته ينال العديد من الجوائز منها: وسام الجمهورية من الطبقة الثالثة، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، بالإضافة إلى العديد من الجوائز والتكريمات.