شهدت مكتبة مطرطارس الفرعية بقصر ثقافة الفيوم، مساء أمس الأربعاء، محاضرة بعنوان "أدب نجيب محفوظ من الحارة الشعبية إلى العالمية"، وذلك ضمن الأنشطة التي تقدمها الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، خلال شهر ديسمبر الحالي.
ووفق بيان صادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة اليوم الخميس شارك بالندوة الأديب والناقد د. عمر صوفي، وبحضور طلاب مدرسة الشهيد محمد عبد الفتاح الثانوية المشتركة، والمعهد الأزهري بنين بمطرطارس، وتأتي تزامنا مع الاحتفال بذكرى ميلاد نجيب محفوظ.
استهل "صوفي" حديثه عن أهمية القراءة، مشيرا إلى انتشار المواقع الإلكترونية التي تتيح قراءة الكتب من خلالها، ثم تحدث صوفي عن نشأة نجيب محفوظ قائلا: نشأ نجيب محفوظ في بيئة مصرية صميمة، وظل حياته كلها مرتبطا بالتراب المصري، نافرا من السفر والهجرة، حيث ولد محفوظ في 11 ديسمبر عام 1911م بحي الجمالية بالقاهرة لأسرة تعود جذورها إلي مدينة رشيد، موضحا تأثير أسرته في نشأته وكتاباته مضيفا: كان لأبيه تأثير كبير في طفولته، فكان يصطحبه لبعض المسارح، كما تأثر به في ميوله السياسية، حيث كان يتحدث عن الوفد والزعماء الوطنين، مثل "مصطفى كامل"، و"محمد فريد"، و"سعد زغلول"، كأنهم من المقدسات، إلا أن التأثير الأكبر كان للأم، فرغم عدم تعليمها، فإنها كان تصطحبه لزيارة المتاحف والمساجد الأثرية ومنطقة الأهرامات ونهر النيل، وكانت تلك المواضع مجال أحداث روايات نجيب محفوظ، كما تأثر ببعض آرائها وقيمها وتسامحها.
ثم تطرق إلى إبداعات نجيب محفوظ، مشيرا إلي أن إبداعات نجيب محفوظ عالم متنوع الرؤى، متعدد المداخل، ثري المعرفة، عميق التغلغل داخل العقل والوجدان المصري، يستوعب ثلاثة أرباع قرن من التلاحم بين المكان والإنسان، بما فيها من تحولات مجتمعية، وتفاعل معها نجيب محفوظ وسلط الضوء علي أبعادها، انطلاقا من إدراكه لمسئولية المفكر نحو مجتمعه.
واستعرض صوفي كتابه الصادر بعنوان "أدب نجيب محفوظ.. رؤية تربوية"، والذي يقدم فيه دراسة تحليلية للمضامين التربوية في أدب نجيب محفوظ، مشيرا إلى أن أدب نجيب محفوظ تناول العديد من القضايا التربوية، مثل المعرفة الإنسانية، من حيث مصادرها وإمكانياتها، وتعمق في التنقيب عن جذور الشخصية المصرية، وأدرك العديد من مزاياها وعيوبها، وعكس أهم سماتها في أدبه، كالتناقض والتدين والإعتزاز بالشرف، والاعتقاد في الخرافات وروح المرح الممزوجة بحزن دفين، كما أن محفوظ أدرك الصراع بين التقليد والتجديد، وأثر التعليم في الحراك الاجتماعي والثقافي.
ثم أشار إلى إسهاماته السينمائية، فهي تكاد تساوي في عددها مجموع إبداعاته الأدبية، ومن أفلامه: "التوت والنبوت"، و"درب المهابيل" و"الكرنك" و"قلب الليل" و"اللص والكلاب" والشحاذ".
أوضح أيضا أن نجيب محفوظ كانت قراءاته واسعة، وكان بسيطا في تعامله مع الناس، وكانت كتاباته تنبع من الواقع، وتميز نجيب محفوظ بعدة سمات ساعدت على تدفقه الإبداعى وثراء إنتاجه، أهمها: حبه للدقة والنظام فى المواعيد، والتواضع الشديد، والإيمان بالحرية، والاستقلال الفكرى، وقوة الملاحظة والتأمل للبشر والأمكنة.
واختتم صوفي حديثه أن نجيب محفوظ هو الذي رسخ دعائم الفن الروائي في الأدب العربي الحديث، وأبدع عددا كبيرا من الأعمال الروائية والقصص القصيرة، على مدى زمني طويل، لذلك حظى نجيب محفوظ بأكبر قدر من الاهتمام والبحث الأدبي والتنقيب في أعماله، وقراءتها قراءات متعددة من زوايا مغايرة، وعاش نجيب محفوظ حياة حافلة بالإنجاز الأدبي والفكري، بلغت ذروتها بحصوله على جائزة نوبل عام 1988، وقلادة النيل في نفس العام.
تخلل المحاضرة مداخلات من الطلاب، وقراءات لبعض النصوص من روايات نجيب محفوظ، وتوزيع بعض الكتب والمجلات كهدايا رمزية لهم.
جاء هذا ضمن الأنشطة المقامة بإشراف إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد برئاسة لاميس الشرنوبي، والمنفذة من خلال فرع ثقافة الفيوم برئاسة سماح كامل.